لأنّك بنت
عزيزي أزرق:
تبدأ اللعنة حين يضع الطبيب ذلك الجهاز على بطن أمّهاتنا المنتفخ، فيقول: بنت. أو كما كانوا قديمًا ينتظرون خروجنا من أعضاء أمّهاتنا النازفة، فينظرون لأعضائنا، عوراتنا المجروحة، ويقولون: بنت. يقطعون الحبل السريّ فتلاحقنا وصمة العار هذه.
كبرت وأنا أحلم بأنّني انسانة، كاملة، لأجد حبلي السريّ لا زال يردد الصدى، ويلتفّ حول رقبتي: بنت.
أحلم دائمًا بما يحلم به الإنسان: الحريّة، هذه المفردة التي تعني هنا الموت.
حين تنطق إحدانا هذه الكلمة، تتشردق، وتموت، يدسّونها في التراب، ويقولون: قتلت نفسها بنفسها، يضربون كفًّا بآخر، ويعودون لسابق عهدهم، يتفحّصون عوراتنا المجروحة.
كنت أرانا نغلّف، ويقولون بأنّنا ثمينات، لكن هذا الثمن رخيص. رخيص أن يسعّر الإنسان، يضعوننا على الميزان، يزنون كلّ شيء فينا، ثمّ يعرضوننا، متباهين بأثماننا.
لا أريد أن يكون لي ثمن، لست بحاجة لذلك. أرى الجدران ترتفع، ويزداد الجوّ اختناقًا.
حين أريد جدارنًا تحيط بي، وسقف، سأبني بيتي، لي، بنقودي، وحين أشتهي شيئًا، يجب أن أقتنيه، لي، أيضًا بنقودي، لا أريد أن يتمّ تغليفي وبيعي، ولا أريد أن أكون كائنًا سلبيًّا يسلبونه كلّ ما فيه تحت ذريعة الثمن.
أنا الكائن الذي يقبع داخل كلّ بيت، ينبض بكلّ رغبة ممكنة، لكنّه لا يستطيع التنفّس، منذ أن قالوا وردّد حبله السريّ: بنت!
أنا الكائن الذي يعرف بأنّ كلّ ما يصفونني به، ليس سوى معنى آخر يرونني من خلاله، ويريدونني أن أبقى فيه: نقص.
أنا الكائن الكامل، يمتلك عضوًا مجروحًا، من عضو آخر نازف، ولا أجد ضيرًا في ذلك،
ولا أرغب بأن أسمع بما يعنيه لهم ذلك.

Published on July 28, 2019 04:17
No comments have been added yet.