هل أنت أستاذ ناجح؟
بعدسة: Avel Chuklanovقبل أن نبدأ، لنتفق على أنني لست أستاذا رغم أني درست لفترة قصيرة جداً (ليس التدريس النظامي الذي تعتقده)، ولست هنا لأنتقد النظام الذي تنتهجه الدولة في التعليم، ولست هنا لأعلّم أستاذاً كيف يقوم بعمله..
الٱن.. هل أنت أستاذ ناجح؟ لقد اعتدت الكتابة لكم بناء على تجارب شخصية، وعليه سأكشف هنا جزءاً من حياتي القصيرة كمدرس.
في أولى عتبات العشرينيات كنت أملك محلاً يقدم خدمات تقنية إضافة لمقهى إنترنت، وكان لي صيت في المجال المعلوماتي، وحدث أن استدعتني جمعية محلية لألقي ما يشبه المحاضرة عن البرمجة.
كانت هذه أول مشاركة لي كأستاذ، المشاركات السابقة كنت ألقي فيها نصوصاً أو أفتتحها فقط، خمس أو عشر دقائق، لكن هذه المرة مختلفة، هذه المرة خصصوا لي ساعتين!
لم نتحدث عن الجانب المالي، اتفقت أن يبقى صديق لي في المحل، وأذهب أنا إلى مكان اللقاء، في دار للشباب دبرت أمرها الجمعية، ألقي محاضرتي تلك وأرجع إلى حياتي، وعلمت منهم أن محاضرين ٱخرين اشترطوا الدفع لهم ليحضروا وتأسفنا معاً على هذا.
المهم أني أمضيت يومين أراجع ما سأتطرق إليه، حضرت عرضاً تقديمياً بصيغة باور بوينت، حتى توضح كل شريحة منه الأفكار الأساسية والموضوع الذي أتحدث عنه. حملت عدّتي وذهبت..
كنا أربعة محاضرين، بدأوا في التحدث من مكانهم دون أن يقفوا حتى، تحدثوا بصيغة تشي أنهم يحفظون ما يقولونه ويكررونه ببلادة، وجاء دوري أخيراً كما طلبت.
نهضت من مكاني، كان هناك أربعون كرسياً، يقف خلفهم حضور وفضوليون ومصورون. قدمت نفسي للجمهور باقتضاب، لم أتحدث عن مؤهلاتي، بل تحدثت عن اسمي وعن محلي فقط.
بعدها شغلت السلايد أو الشريحة الأولى من العرض، وتحدثت عنه، كنت لم أحضر ما سأقوله، لذا كان كلامي كله حراً و"نابعاً من القلب".
كنت أحرك يدي، وكانت تعابير وجهي تتغير وتنفعل مع الموضوع، وكنت أخلط الدارجة بالفصحى، وكنت ألاحظ صمت الحضور الواقفين في الخلف بعد أن كانوا يثيرون بعض البلبلة.
أول ما بدأت به كان أهمية الموضوع، وكيف يمكن لكل شخص هناك الاستفادة منه. ثم أكملت باقي المواضيع.
في الأخير وزعت على كل الحضور أمرا كنت قد حضرته سابقاً، حبة حلوى، استمارة بها أسئلة عن مدى استيعاب المحاضرة، وأخرى بها أسئلة عن المواضيع التي تطرقت إليها، وورقة أخيرة بها اسمي ورقم هاتفي وعنوان بريدي الالكتروني وصورة من خرائط جوجل لموقع محلي.
نتائج التجربة :حبة الحلوى رسمت ابتسامات بسيطة ورضى من طرف الجمهورلم يكتف أغلب الجمهور بالإجابة عن الاستمارة الأولى بنعم أو لا، بل كتبوا ملاحظات جانبية تشكرني وتشكر الجمعيةأغلب الحضور أجابوا عن الأسئلة المتعلقة بالدرس إجابة صحيحةكسبت عدة زبائن قالوا أنهم أتوا إلي بعدما حدثهم عني أحد من حضر المحاضرة، ومنهم من أصبحوا زبائن أوفياء للمحل
دروس مستخلصة :تفاعل مع التلاميذ، الطلبة، أو الجمهور، حسب الحالة، وتحدث بحريةكافئ الجمهور على إنصاته لك من حين لٱخر، هدية لكل طالب، أو هدية للطالب الأكثر حضوراً ومشاركة، أو مسابقة بسيطة تخص الدرس، حسب الحالةحضّر لكل شيء مسبقاً وكن مستعداً للإجابة عن أي أسئلة متعلقة بالموضوعحضر بنفسك أموراً لا تكون مقررة ضمن المنهاج إذا ارتأيت أنها تساهم في إنجاح درسك، مثل تمارين خارجية أو عروض تقديمية أو مقاطع فيديو أو صور توضيحية اصنع الفرق بنفسك وتميز عن البقية، لا تنتظر كل شيء من الٱخرين (الدولة أو الجمعية...)أهم ما تبدأ به الدرس هو أن تحسس الطالب بأهمية تعلمهيمكنك أخذ مقابل للتدريس، هذا ليس عيباً، عدم أخذي له أو أخذي لتكلفة المبيت والتنقل فقط في بعض الحالات هو أمر يخصني فقط وليس بالضرورة الاقتداء بي فيهيمكنك أن ترفض دعوة إذا كان حضورها يرهقك أو يعطل مصالحك أو لسبب ٱخر مثل المرض.. لا بأس في دمج الفصحى مع الدارجة أثناء الإلقاءلا تطرد الطالب غير منتبه، بل أدخله في جوّك من خلال الوقوف بجانبه، سؤاله سؤالاً سهلاً تعلمُ أنه سيجيب عنه، أو استخدامه كمثال في تجربة درسك.. حسب الحالة والمجال الذي تدرس فيه
Published on December 08, 2019 04:12
No comments have been added yet.


