ليس في النّص ما يكفي من جسد – إثنوغرافيا ذاتيّة جمعيّة للنساء
حين تواصلت معي مريم الدّجاني، وعرضت شاكرة، أن تُرسل لي نسخة من الكتاب، لم أعرف ماذا أتوقّع منه. ربّما لأنّ العنوان الطويل، رغم بلاغته، لم يوحِ لي بجودة محتواه. كذلك الغلاف، رغم اللوحة التعبيرية التي زيّنته، يسبح في فضاء من اللون الأبيض يُخفي خلفه طيف مُلوّن من القصص والشهادات والمشاعر المختلفة. كما أنّني أعترف، بتقصير منّي في التعرّف على أسماء المؤلّفات وكتاباتهم وإنتاجاتهم الأدبيّة السّابقة.
لكنّي ما أن جلستُ مع الكتاب وبدأت بقراءة أول فصوله، وإذ بي أُشد لاكتشاف تفاصيل هذا المشروع. ووجدتُ نفسي أمام عمل أردني أدبي في غاية الأهمية، عمل يجمع تسع أديبات أردنيّات، يملكن من البلاغة الكثير، ومن الجرأة ما تُرفع لها القبّعات احترامًا، لسرد علينا شهادات حيّة صادقة عن حياتهن كنساء وكيفية تعاملهن مع أجسادهن في مواقف مختلفة وأعمار متباينة داخل مجتمع يحمل ميراث ثقافي صعب وكثيرًا من الأحكام المُسبقة على المرأة وجسدها وهويتها وكيانها.
من اكتئاب ما بعد الولادة، إلى التعامل مع صدمة الدورة الشهرية وآلامها، التطرق إلى جنسانيّة المرأة وتعاملها مع التغييرات الجسدية التي تطرأ عليها في منتصف العُمر، سن اليأس، العزوف عن الزواج، الاختيار بين التفرغ لرعاية الأطفال أو مسار مهني واعد، وغيرها الكثير من الشهادات والخواطر والمشاهد التي توثّق تجارب النّساء في الأردن.
مُنذ صدور عروس عمّان في عام ٢٠١٢ وأنا أتمنّى رؤية المزيد من الأعمال التي تتطرق إلى المرأة ومعاناتها وحياتها، تلك التي تنقل صورة صادقة عن واقع النّساء هنا. ورغم أنّ صوت المرأة الأردنيّة قد يكون مُهمّشًا إلى حد ما، لكنّها لم تكن يومًا صامتة. فهي طالما كتبت ودوّنت وسخّرت قلمها وتفكيرها وخيالها لتروي علينا قصصها وتحكي لنا حكاياتها. اليوم يُضاف هذا العمل الجريء للأعمال النسائية المهمة الواجب قراءتها.
تقول مريم الدّجاني في شهادتها: «أشعرُ أنّني مختونةُ الفم عندما لا أتمكّن من الحديث بحريّة».
وأنا أضيف إلى كلامها بأننا بحاجة إلى المزيد من الأعمال التي ترفع سقف الحرية وتحارب ختان الفم للنساء والرجال ولكل من يحمل شهادة صادقة تستحق السّرد.
شكرًا مريم الدّجاني، وشكرًا لبقية المؤلفات: ءلاء جانبك، أسيل فاخوري، تغريد أبو شاور، دانا جودة، رنيم أبو رميلة، ضحى أبو الزيت، علا خليل ويارا زريقات.


