تحويل الجمعيات الخيرية إلى مصانع (2-2)

إكمالاً لمقالة الأسبوع الماضي التي طالبت فيها بتحويل الجمعيات الخيرية إلى مصانع وورش تدريب وتأهيل للأسر الفقيرة لكي تُسهم هذه الأسر في إعالة أنفسها والمشاركة في عملية التنمية، وتحسين ورفع المستوى الاقتصادي للأسر المحتاجة بعيداً عن الاستجداء والتسول أو طلب إعانات مقطوعة من الجمعيات الخيرية. ومما لا أشك فيه أن تأهيل الأسر الفقيرة سلوك احترافي ومهني واجتماعي جميل يُسهم في عملية البناء والإنتاج وزيادة مساهمتها في جميع مجالات التنمية وإيجاد مصدر دخل ثابت لتحسين الوضع الاقتصادي للأسر وبالأخص الأسر المعدمة ذات الدخل المحدود، وسيتيح المشروع بناء استراتيجية تمنح الأسر المنتجة التدريب والتأهيل المهني والحرفي وتقديم الدعم والمساعدة للأسر المنتجة من خلال تنظيم مجموعة من البرامج التدريبية والتأهيلية للأسر المحتاجة، بالإضافة إلى توفير فرص التدريب على صناعات منزلية ومهنية ويدوية متعددة ومتنوعة، مما يساعد على الارتقاء بجودة المنتج وتوسيع المنافذ التسويقية أمامهم لتحقيق مكاسب تخدم الأسرة المنتجة.

أتمنى أن يفعَّل هذا المشروع ليكون أحد المشاريع التنموية التي تحمي الأسر ذات الدخل المحدود من ذل الحاجة ومن ممارسة السلوكيات المقيتة الشاذة، كالبطالة، والتسول والسرقة وبيع الممنوعات والمخدرات، وستكون للمشروع إيجابيات جميلة تنعكس إيجاباً على الأسر الفقيرة وعلى الوطن والمجتمع عموماً، ومن تلك الإيجابيات:

• تشجيع الأسر الفقيرة على الإنتاج والعمل، وتعزيز الاعتماد على الذات في نفوسهم.

• إثراء سوق العمل بالكفاءات المتميزة والمبدعة من أبناء وبنات هذا الوطن.

• الإسهام في إيجاد فرص عمل أمام جميع أفراد الأسرة في المجتمع.

• الاستفادة من القدرات الفنية والمهنية لأفراد الأسرة.

• المحافظة على كرامة وإنسانية الأسر الفقيرة من ذل السؤال، ومرارة الحاجة.

كما أن الأسر المحتاجة والمعدمة عليها دور مهم في المبادرة بتحرير أنفسهم من ذل الحاجة والبحث عن فرص عمل تقيهم وطأة الحاجة، فوطننا فيه فرص تجارية وحرفية كثيرة، وهناك وافدون تم استقدامهم للعمل وهم فقراء معدمون وأصبحوا بعد فترة أثرياء يقومون بتحويل آلاف الدولارات لأسرهم وبلدانهم بصفة شهرية؟!ولكي أضرب لكم دليلاً حياً لنموذج إيجابي للأسر المنتجة: مازلت أتذكر قبل سنتين عندما زرت مدينة أبها في فصل الصيف، ذهبت لمتنزهات جبال السودة، ووجدت منتجعاً ومطعماً نظيفاً ورائعاً، وكل من يقوم بالخدمة فيه أفراد أسرة سعودية من مكة المكرمة اسمها أسرة «أبوحسين»، قاموا باستجار المطعم سنوياً ومن ثم يأتون من مكة في الصيف لمدينة أبها لفتح المطعم واستقبال المصطافين الذين يزورون منطقة عسير بكثافة في الصيف من جميع أنحاء المملكة ودول الخليج.

الجميل في الأمر أن الطاقم الذي يعمل في المطعم مكون من عائلة (أبوحسين) الأم وبناتها في مطبخ مغلق عليهم في المطعم يقومون بتحضير جميع أنواع الأكلات والمشروبات بنكهة سعودية لذيذة، والأولاد الذكور هم من يجلبون الأكل لطاولات الزبائن، ووالدهم من يشرف على العمل وعلى المحاسبة، وجميع من يزور ذلك المطعم يشيد بنظافته وروعته ولذة ما يُقدم من طعام، ويحظى بإقبال منقطع النظير من الزوار.

ما أجمل أن نرى أسراً سعودية منتجة كأسرة (أبوحسين) تجني قوتها من عمل أيديها ومن عرق جبينها بعيداً عن استجداء الآخرين، أو البقاء على أرصفة البطالة يتجرعون مرارة الحاجة وذل السؤال!

ومضة حقيقة:

«ليس خطؤك أن تولد فقيراً لكن خطأك أن تموت فقيراً»!

1 like ·   •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on April 06, 2013 15:23
No comments have been added yet.


سمير محمد's Blog

سمير محمد
سمير محمد isn't a Goodreads Author (yet), but they do have a blog, so here are some recent posts imported from their feed.
Follow سمير محمد's blog with rss.