عبرة لأولي الأبصار

في آخر عام ١٩٧٩ غزت روسيا أفغانستان، وكان سندها من القانون الدولي أنها قامت بذلك برغبة من الحكومة القائمة واستجابةً لطلبها، وكان شعارها أنها قامت بذلك لنشر الديموقراطية الاجتماعية، وتحرير المرأة، والقضاء على التخلف.


وفي آخر عام ٢٠٠١ غزا اتحاد دولي من أربعين دولة بقيادة الولايات المتحدة، ولم يكن لها سند من القانون الدولي، وكان شعارها أنها قامت بذلك لنشر الديموقراطية السياسية، وتحرير المرأة، والقضاء على التخلف.


في كلا الحالين كان رد الفعل على الغزو “مقاومة شعبية”، قُدّر لها أن تصمد عشر سنوات، الفرق بين الحالتين:


أن المقاومة الشعبية الأفغانية في الحالة الأولى استندت إلى دعم هائل مادي بالمال من قبل المسلمين، وبالأشخاص من قبل الشباب الذين أقبلوا، لمشاركة إخوانهم المقاومين الأفغان، من كل بلد فيه مسلمون برغبة صادقة في الاستشهاد مدفوعين بنصوص الوحي من القرآن والسنة مثل قوله تعالى “إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ” وقوله سبحانه: “وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ *”


وكان دعم الغرب الرأسمالي للمقاومة ضد الشيوعية هو عدم تعويق دعم المسلمين للمقاومة بالأموال والأنفس، وتحمّل على مضض سماع تسمية “المجاهدين”.


أما في الحالة الثانية فقد حُرِمت المقاومة من كل سند يعود إلى (حبل من الناس) بل حُرِمت من مشاركتها بالعاطفة الإنسانية وذلك بالشفقة على الضعيف في مواجهة القوي، وهو أمر لا تجري به العادة سواء كان الضعيف محبوباً أو مكروهاً، مرضياً عن سلوكه أو غير مرضي، ومع ذلك صمدت هذه المقاومة الصمود الذي يجب أن يعد انتصارا.


في ضوء هذه المقارنة، هل تفكر القارئ لمعرفة السر في هذه القوة الباهرة التي تشبه خارق العادة؟.

 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on April 06, 2013 11:52
No comments have been added yet.


صالح عبدالرحمن الحصين's Blog

صالح عبدالرحمن الحصين
صالح عبدالرحمن الحصين isn't a Goodreads Author (yet), but they do have a blog, so here are some recent posts imported from their feed.
Follow صالح عبدالرحمن الحصين's blog with rss.