نِقاط وحُروف

IMG_20150416_120142


لا بُدّ قبّل البدء من الشُّكر الجميل والعرفان لصديقة الأسئلة، الّتي – وإن كانت لا تعرف حجم أسئلتها وامتناني لهنّ جميعاً – أدخَلَتني في المتاهة الجميلة الّتي أُحبّها، أدخلتني لمتاهة السُّؤال الّذي يخفق له الكَيان بأسره !


ماريّا صديقة روحانيّة جميلة، أعرفها ولا أعرفها، تعرفني وتقرأ فيّ ما لا أقرأ، تبعثُ مباغتةً جُملةً من الأسئلة الّتي قد أجيب عن بعضها وأترك طريق الإجابة للأُخريات، فطريق الإجابة بالنّسبة لي أجلّ دائماً من الإجابة نفسها …


حتماً لم تجيء أسئلتك لمحض الصُّدفة، ثمّة صوت في داخلي ناداها كي أستجمع أفكاري الذّاهلة عن ألف فكرةٍ في دماغي، سابقاً كانت كلمة صُدفة كانت تبريراً جميلاً أو حجّة أُعلّق كما الآخرين عليها الكثير من الأحداث الّتي لا أطيق حجم ثقلها على دماغي، أن أقول يا إلهي ما هذه المُصادفة أسهل عليّ بكثير أن أتحمّل المسؤولية التّامة عن جذب الأشياء العظيمة لي …

المهمّ يا صديقتي …


سأجيب وتحمّلي فلسفتي الزّائدة، ومُقدّمتي الطويلة الّتي لم تأتيكِ بالإجابات بالسّرعة التي استقبلت فيها أسئلتُكِ ..


السّؤال الأوّل : من أنا ؟!

من أنا، والسُّؤال هذا هو الّذي لن أُبالغ إن أخبرتك أنني بكلّ يوم أجد إجابة مختلفة له، سؤال من أنت بحدّ ذاته مُرتبطُ بعناصر كبيرة؛ ماذا تُريد ومن كُنت وما هي بوصلتك، أعتقد أنني قد أستعين أحياناً باسمي الّذي يتنكّر أحياناً علي وأحياناً أخرى كثيرة أمتنّ لكلّ السُّبل التي يسّرت أن يكون اسمي هو اسمي فلا اسم كان سيليق بي أكثر منه، من اسمي عرفت عنّي، أحياناً أعرف مَن أنا من الأشياء الّتي أحبّها وأصبحت مع الوقت لصيقةً بي كنوع الموسيقى والنّغمة الّتي على ترديد إيقاعها أحبّ سماع صوتي في تلاوة القُرآن، من لوني المُفضّل وفصلي الّذي أكتمل به، من أصدقائي، من عيون أمّي من غزل أبي، أحياناً أعرف من أنا من كلّ شيءٍ حولي .. وأحبّ لو يُخبرني أحدهم ذات مُفاجأة بمن أكون !


السّؤال الثاني : من هو الإنسان وما الإنسانية ؟!

كلمةُ إنسان مُرتبطة دائماً بالأفعال الرّقيقة، بالأفعال الّتي تهمس للقلب كي يبتسم، أن تكونَ إنساناً يعني أن يكونَ لك قلبٌ كبير في المعنى والمادّة معاً، يعني أن لا يكون الشّيطان قادراً على إغوائك عن سبيلك للآخرين، والإنسانيّة مُشتقّة من دين الإنسان لا محالة، أن تكونَ إنسانيّاً يعني أن تنظر بعينك الأخرى كما لو أنّك مكان الفقير والمُحتاج واليتيم والمُهجّر واللاجئ والعاشق والفاقد والمفقود والضّرير والكفيف والأطرش والفاقد لأطرافه فتتعامل مع كلّ منهم كما لو أنّك هُم، دون أدنى شُعور بالتّطرف أو الاختلاف، أن تكون إنساناً أن تسمع وتعقل وتُدرك وتفهم، كُلّ الناس أبناءُ آدم وليس كلّ النّاسِ إنسان …


إجابةً عن السّؤال الثالث : ما العقل ؟!

لُغتنا شاسعة وواسعة وحُدودها غير مرئيّة، العقل ؟!

لتعلمي أنّي كلّما قلت عقل أعود لأتذكّر ما قاله دكتور وليد الفتيحي عن وجود عقلٍ في القلب فأصمت طويلاً، ما العقل ؟ لا أعرف ..

أجده الرّفيق لقلبي كثيراً من الأوقات وحسب .


وعن الرّابع : ما أفضل تعريف ل الحب الإنساني؟!

أمّا عن الحُبّ؛ فذلك لو قلتُ ما قلت فيه فلستُ آمل الكمال، ما قاله الكثيرون والعلماء والفقهاء كثير ولم يصل بعد كلّ ما قرأته إلى معناي؛ أجدُ حقيقةً إلى حدّ بعيد يتّفق مع ( الحُبّ ما منع الكلام الألسُنا ) عن رواية معناه لا عنه بحدّ ذاته …

وأما في تفاصيله فإني قرأت لحُسن حظّي “طوق الحمامة” ، و”قواعد العشق الأربعون” والكثير من الشّعر فارتأيت إلى خُلاصةٍ خاصّة :

الحُبّ ليسَ ذلك الّذي يفترضُ الآخرون أنّه يأتي مُباغتة، ولا من أوّل نظرة، ولا من أوّل حوار ..

إنّه ذلك الشُّعور الّذي تستأنس به حواسّك للحوار والمُشاكسة والفلسفة قبل أن تستأنس بلحظةٍ دافئة، إنّه أن يكونُ لقلبك سند ولعقلك رفيق وليدك رفيقة ولعينيك ملاذاً، إنّه أن يكونَ الآخر أُغنيّتك الّتي تسمعها حدّ الإدمان وتملّ صياغتها فتعيد استماعها بكلّ حاسّة لتتغير الكلمات، إنّه الرّفيق الّذي يحنّ على دُنياك يرفعك بمقام أحلامك يوماً تلو الآخر، إنّه الحُلم باختصار والّذي تطمئِن ملامحك برؤيته …


إنّه من تستطيع باختصار معه أن تُعيد للأشياء تعريفاتها الحقيقيّة بعد أن غابت عنك، من ينمو عقلك معه فتنمو عاطفتك من تلقاء نفسها، …

والخامس : ؟!

الفيلسوف: هو الّذي يرى الله في كُلّ شيءٍ فيسمع صوتاً يُرشدهُ للسُّؤال …

أخيراً : متى يكونُ الجمال مُؤلمـاً ؟!

متى يكون الجمال مُؤلماً، حين لا نراه بعين القلب، حين نغفل عن حقيقة أنّ الأشياء الجميلة ستظلّ جميلة دائماً سواء كانت ملكنا أو كانت ملكاً لغيرنا فالملكيّة المُطلقة هي لله …


يكون مُؤلماً حينَ تنضب فينا الحياة فنراه ترفاً يختصّ بفئة الشّباب فقط ..

الجمال مُؤلم حين نفتقد الشُّعور إليه ولا نجده،مُؤلمٌ حينَ يكون مُؤلماً !

نُقطة تعني عجزي المُطلق عن الإدراك بكلّ الأشياء .


 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on May 14, 2015 09:29
No comments have been added yet.


مُدوّنة وَطَنْ

لجين قبطي
أكتُبُ فيها ما يعثُرُ عليّ من الحروف ، قيل:

أنَّ حُروفي تصفني كَثيراً ..
وأتمنّى ذلك!
Follow لجين قبطي's blog with rss.