للأصدقاء طعم.. أيضاً!
بما أننا داخلون على رمضان، وبما ان كل ما نفكر فيه حالياً هو الأكل، (والمسلسلات طبعاً)، وهذه لها مقالات قادمة، طرأت على بالي فكرة غريبة: ماذا لو نظرنا إلى الناس، ليس من شق باب، ولا من خرم إبرة، بل من خلال ملعقة طعام. لا تستغربوا.. وأكملوا القراءة.
للناس شكل ورائحة بالطبع، لكن ماذا عن الطعم، ماذا عن ذاك الإحساس الذي يبقى معنا بعد لقائهم، ذاك الطعم الذي يذكرنا بهم بعد فراقهم؟ ألا نقول هذا إنسان حلو وذاك حامض، والآخر مر والعياذ بالله؟!
لتطبيق نظريتي «الحلمنتيشية»، رحت أنظر في أصدقائي وأقرب كلا منهم للطبق الذي يشبهه، في نظري طبعا، فوجدت أن هناك صديقة لذيذة كطبق الأرز «مجبوس، كبسة، مقلوبة»، لا يمكن لأحد ألا يحبه، فهو طيب، سهل، ومشبع. وهناك الصديقة الملوخية، فمع انها سلسة إلا أنها لزجة، ولمحبيها ذائقة خاصة، لكن إن تعودوا عليها وفهموها، فسيعشقونها. أما ذاك الصديق فهو كطبق البامية، لذيذ ومفيد، لكنه أحيانا يعلق بالبلعوم، وربما يسبب لك الاختناق. وتلك الصديقة الظريفة دائما، قطعة سكر، لكن الإكثار منها يضر بالصحة وربما الأعصاب. وتلك الجميلة الرائعة التي تشبه قالب الكيك بكامل زينته، لكنه في الداخل بلا «فكاهة ولا مازية». ودعوني لا أنسى الأشخاص السيئي الطعم كطعام الطائرات، بلا رائحة ولا نكهة.
في الخلاصة، نحن إن دخلنا مطعما، انتقينا الاكلات التي نحبها وطلبنا الطبق الذي تستهويه ذائقتنا.. صحيح؟ طيب، ماذا نفعل إن كنا مدعوين على وليمة عشاء قضت سيدة البيت نهارها في المطبخ لتعدها؟ بكل بساطة نأكل ما في الطبق، نقول لها سلمت يداك يا ست الكل، ثم نركض لأقرب مطعم لنأكل ما نحب.
ركزوا معي.. هذا بالضبط ما نفعله في حياتنا الاجتماعية. هناك أشخاص مفروضون علينا، كما اكل العزائم تماما: معارف، زملاء، مدراء، أقرباء. نسايرهم، نحادثهم، نجاملهم، ننهي واجباتنا معهم، ثم نهرب لأقرب صديق لنتبادل وإياه الهموم والأفراح.
ربما تكون أنت البيتزا لأحدهم و«سوشي» لآخر. ربما تكون عسلا بالنسبة لهذا، بينما خروعا لذاك. هذه حال الدنيا.. فمن يعجبك يمكن ألا يعجبني، ومن تعشقه ربما اجده غاية في التفاهة. لا يمكننا فرض رؤيتنا على غيرنا، فنحن مختلفون.. ولولا اختلافنا لمتنا ضجرا ومللا.
انظروا في أصدقائكم.. فستجدون أن الأصدقاء كالمشروبات أيضا، فذاك فنجان قهوة لا يمكنك استفتاح نهارك إلا بسماع صوته، وذاك كأس مثلج من الليمونادة، يروقك ويهدئ أعصابك، وآخر فنجان يانسون تختتم به يومك على ضحكة على كلمة حلوة، على دعاء من القلب.
لكل الأطباق اللذيذة التي مرت عليّ: أصدقاء، أقرباء، قراء، ومغردين.. رمضان كريم عليكم جميعا، وكل عام وأنتم بخير.
دلع المفتي
نشر في 11/06/2015
http://www.alqabas.com.kw/Articles.as...
للناس شكل ورائحة بالطبع، لكن ماذا عن الطعم، ماذا عن ذاك الإحساس الذي يبقى معنا بعد لقائهم، ذاك الطعم الذي يذكرنا بهم بعد فراقهم؟ ألا نقول هذا إنسان حلو وذاك حامض، والآخر مر والعياذ بالله؟!
لتطبيق نظريتي «الحلمنتيشية»، رحت أنظر في أصدقائي وأقرب كلا منهم للطبق الذي يشبهه، في نظري طبعا، فوجدت أن هناك صديقة لذيذة كطبق الأرز «مجبوس، كبسة، مقلوبة»، لا يمكن لأحد ألا يحبه، فهو طيب، سهل، ومشبع. وهناك الصديقة الملوخية، فمع انها سلسة إلا أنها لزجة، ولمحبيها ذائقة خاصة، لكن إن تعودوا عليها وفهموها، فسيعشقونها. أما ذاك الصديق فهو كطبق البامية، لذيذ ومفيد، لكنه أحيانا يعلق بالبلعوم، وربما يسبب لك الاختناق. وتلك الصديقة الظريفة دائما، قطعة سكر، لكن الإكثار منها يضر بالصحة وربما الأعصاب. وتلك الجميلة الرائعة التي تشبه قالب الكيك بكامل زينته، لكنه في الداخل بلا «فكاهة ولا مازية». ودعوني لا أنسى الأشخاص السيئي الطعم كطعام الطائرات، بلا رائحة ولا نكهة.
في الخلاصة، نحن إن دخلنا مطعما، انتقينا الاكلات التي نحبها وطلبنا الطبق الذي تستهويه ذائقتنا.. صحيح؟ طيب، ماذا نفعل إن كنا مدعوين على وليمة عشاء قضت سيدة البيت نهارها في المطبخ لتعدها؟ بكل بساطة نأكل ما في الطبق، نقول لها سلمت يداك يا ست الكل، ثم نركض لأقرب مطعم لنأكل ما نحب.
ركزوا معي.. هذا بالضبط ما نفعله في حياتنا الاجتماعية. هناك أشخاص مفروضون علينا، كما اكل العزائم تماما: معارف، زملاء، مدراء، أقرباء. نسايرهم، نحادثهم، نجاملهم، ننهي واجباتنا معهم، ثم نهرب لأقرب صديق لنتبادل وإياه الهموم والأفراح.
ربما تكون أنت البيتزا لأحدهم و«سوشي» لآخر. ربما تكون عسلا بالنسبة لهذا، بينما خروعا لذاك. هذه حال الدنيا.. فمن يعجبك يمكن ألا يعجبني، ومن تعشقه ربما اجده غاية في التفاهة. لا يمكننا فرض رؤيتنا على غيرنا، فنحن مختلفون.. ولولا اختلافنا لمتنا ضجرا ومللا.
انظروا في أصدقائكم.. فستجدون أن الأصدقاء كالمشروبات أيضا، فذاك فنجان قهوة لا يمكنك استفتاح نهارك إلا بسماع صوته، وذاك كأس مثلج من الليمونادة، يروقك ويهدئ أعصابك، وآخر فنجان يانسون تختتم به يومك على ضحكة على كلمة حلوة، على دعاء من القلب.
لكل الأطباق اللذيذة التي مرت عليّ: أصدقاء، أقرباء، قراء، ومغردين.. رمضان كريم عليكم جميعا، وكل عام وأنتم بخير.
دلع المفتي
نشر في 11/06/2015
http://www.alqabas.com.kw/Articles.as...
Published on June 10, 2015 15:48
No comments have been added yet.
لكلٍ هويته
مجموعة من المقالات التحقيقات واللقاءات التي نشرت لي في القبس الكويتية.
- دلع المفتي's profile
- 138 followers

