لو ولو ولو..

لا أحب أن أكرر نفسي، ولا أن أعيد وأزيد في المواضيع نفسها التي كتبتها سابقا، لكن يبدو أنه لا بد من ذلك. فكل ما سيرد هنا، كتبته أنا وغيري من الكتاب سلفا في مقالات مطولة، بحت أصواتنا ونحن نصرخ، وتكسرت أقلامنا ونحن نكتب. لذا سأعمل على اختصار المطلوب في نقاط عسى أن تكون أسهل وأكثر تأثيرا وأسرع هضما.
هل كان من الضروري أن ندفع الثمن دما؟ هل كنا وصلنا إلى ما وصلنا له لو كنا أوعى؟ كيف أمسينا ضحايا أنفسنا؟ ويا ترى هل كان ما حدث سيحدث فيما لو؟
لو ولو ولو...
لو أنّكم زرعتم مبادئ الدين وأصوله الحقيقية، ومنعتم مشايخ الفتنة من العبث بعقول أولادنا، لما وجدنا المتطرفين والمتعصبين الذين كرّهوا العالم بديننا وجعلونا مسخرة في عيون البشر.
لو أنكم كففتم يد أغلب الأحزاب الدينية من التغلغل والتدخل في كل صغيرة وكبيرة لما تخرج داعشيون من شبابنا.
لو أنكم عملتم على زرع ثقافة تقبل الآخر واحترامها، لما وجدنا انتحاريين مستعدين أن يفجّروا مسجدا بمصليه، لأنه ينتمي لمذهب آخر فقط، معتقدين أنهم في طريقهم إلى الجنة.
لو أنكم راقبتم كل تلك الأموال التي كانت تغطي أرضيات بعض ديوانيات الكويت، والتي تبرع بها الكويتيون بكل كرم، لما وصلت تلك الأموال إلى داعش.
لو أنكم تنبهتم إلى رايات داعش التي ظهرت في تظاهرات هنا وهناك، لما وجدنا الدواعش بيننا.
لو أنكم لم تخضعوا لحملات التهديد والتشهير التي قام بها السياسيون في مجالس الأمة، ضد أي تطوير للمناهج التعليمية كان مطروحاً على أجندة وزير، لما اضطررنا إلى مناقشة قضية تحريم حصص الموسيقى والألعاب.
لو أنكم أطلقتم حرية الكتاب، بدلا من منعه، لقرأ الناس ما يفيدهم بدلا مما يعطل أدمغتهم ويحصرها في كتب مثل «النعيم الجنسي لأهل الجنة/ دراسة مفصلة عن الحور العين»، ولما وجدنا من يفجر حوريات الأرض طمعاً بحوريات السماء.
لو أنّكم حيدتم شيوخ الدين، واقتنعتم وأقنعتم بأنهم بشر مثلنا وليسوا مقدسين، لما استطاع البعض (المريض) منهم السيطرة على حياتنا وقيادتنا بفتاويهم المريضة.
لو أنكم بدلا من أن تحجبوا موقع الحوار المتمدن، حجبتم مواقع تجنيد الشباب لحملات الجهاد.. لكان أولادنا مازالوا بيننا.
لو أنكم حرمتم و(جرمتم) الطائفية لفظاً وفعلاً لما سالت دماء أبنائنا ركّعا سجّدا في يوم فضيل في شهر فضيل.
في النهاية.. لو أنكم قرأتم مقالاتنا وقدرتم كل تلك الاخطار وعملتم بمقترحاتها لما وصلنا إلى ما نحن عليه الآن.
***
بعد يوم واحد من مجزرة الصادق، وفي طريقي إلى الديار المقدسة لأداء العمرة، اتصلت بأمي أسألها ماذا تريد أن أدعو لها وأنا في بيت الله. لم تطلب الدعاء لنفسها وهي المريضة التي خرجت من عملية خطيرة منذ أشهر. لم تطلب الدعاء لشفائها. لم تطلب حتى الدعاء لسوريا وهي ابنتها. طلبت طلبا واحدا فقط: «ادعي الله يحمي الكويت».


دلع المفتي
نشر في 09/07/2015
http://www.alqabas.com.kw/Articles.as...
 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on July 08, 2015 10:40
No comments have been added yet.


لكلٍ هويته

دلع المفتي
مجموعة من المقالات التحقيقات واللقاءات التي نشرت لي في القبس الكويتية.
Follow دلع المفتي's blog with rss.