بائعو ورق العنب
«إذا أردنا أن نحقّ.ق السلام الحقيقي في العالم، فعلينا أن نبدأ بتعليم الأطفال».
كانت فكرة بسيطة جدّا، أن يفعلوا شيئا، أي شيء لأجل مساعدة اللاجئين السوريين في بلاد الشتات. هم لا يملكون المال، ولم يسبق لهم العمل في المجال التطوعي، وليست لديهم التصاريح اللازمة لحملات الاغاثة الخيرية، ولا هم مدعومون من جمعية رسمية ولا جهة حكومية، فما العمل؟!
الخطوة الأولى جاءت مثل ومضة. شاركوا في سوق خيري في بيت لوذان، جمعوا ما استطاعوا من بضائع ومنتجات سورية، بالإضافة الى بعض المنتجات الغذائية المشهورة، كالمكدوس والزيت والزيتون والمربيات وأصناف الكعك. كان الإقبال رائعاً، فالمنتجات السورية لها محبوها وراغبوها، والغرض الخيري من وراء البيع جعل الناس يشترون بكرم.
تحوّل نشاطهم من الأسواق الخيرية إلى أسواق المزارعين، مثل سوق القوت الذي كان هو ومؤسسوه من أكبر الداعمين لحملتهم. هناك انتشر اسمهم وأصبح الإقبال عليهم شديداً. كثرت أصناف المنتجات وزادت حركة البيع. ثم قرروا أن يقدموا الوجبات الساخنة، كورق العنب، الفريكة، المسخن، الشيش برك، الكبة وغير ذلك. طبخوا في بيوتهم بأيادٍ حنونة وأنفاس كريمة، فكان الطلب عليهم كبيرا. كانوا يسمعون الناس يسألون عنهم ويقصدونهم. كبر اسمهم وزاد مدخولهم الذي تحول إلى امداد لأطفال المخيمات السورية في بلاد الشتات.
ما لا يعرفه الكثيرون ممن اشترى من بيت الياسمين، أنه وبثمن ورق العنب والمسخن، وبما جادت به أرواحهم، افتُتحت مدرسة لأطفال اللاجئين في البقاع اللبناني. 120 طفلا سوريا جلسوا على مقاعد مدرسة لأول مرة منذ أن ولدوا. أمسكوا بالقلم وكتبوا أول حروفهم. 120 طفلاً كانوا «مرميين» في خيم اللجوء، يزدرون الذل، يأكلون ما جادت به أموال المؤسسات الخيرية ويلبسون ما جادت به أجساد ملّت من ثيابها القديمة. كانوا يحلمون، ونحن حققنا أول أحلامهم.
هذا المنجز البسيط الذي تحقق بأياد كريمة وأرواح حنونة ومجهودات بسيطة من قبل مجموعة أشخاص التف حولهم أهل وأقرباء وأصدقاء ساعدوهم ماديا ومعنويا، استطاع أن يقي 120 طفلا من الأمية وزرع في أنفسهم حب العلم.. وحوّل الألم إلى أمل.
بيت الياسمين ليس حملة ولا جمعية خيرية ولا مؤسسة ولا شركة. بيت الياسمين هو عبارة عن تسعة أشخاص قرروا أن يفعلوا شيئا وفعلوا. هم لا يمكنهم تغيير العالم، لا يمكنهم إيقاف الحروب، لا يمكنهم منع سفك دماء الأبرياء، لكن بالتأكيد يمكنهم أن يضيفوا شيئا من الامل لشريحة من الناس فقدوا معنى الأمل.
سمّونا بائعي ورق العنب، سمونا الشحاذين، سمونا الطباخين.. ضحكة طفل واحد، قلم في يد طفلة، أول «ألف باء» يخطها طالب.. تعوّضنا كل التعب والجرح و«الشحاذة».
بورق العنب افتتحنا مدرسة.. فماذا فعلتم أنتم؟!
دلع المفتي
نشر في 21/10/2015
http://www.alqabas.com.kw/Articles.as...
كانت فكرة بسيطة جدّا، أن يفعلوا شيئا، أي شيء لأجل مساعدة اللاجئين السوريين في بلاد الشتات. هم لا يملكون المال، ولم يسبق لهم العمل في المجال التطوعي، وليست لديهم التصاريح اللازمة لحملات الاغاثة الخيرية، ولا هم مدعومون من جمعية رسمية ولا جهة حكومية، فما العمل؟!
الخطوة الأولى جاءت مثل ومضة. شاركوا في سوق خيري في بيت لوذان، جمعوا ما استطاعوا من بضائع ومنتجات سورية، بالإضافة الى بعض المنتجات الغذائية المشهورة، كالمكدوس والزيت والزيتون والمربيات وأصناف الكعك. كان الإقبال رائعاً، فالمنتجات السورية لها محبوها وراغبوها، والغرض الخيري من وراء البيع جعل الناس يشترون بكرم.
تحوّل نشاطهم من الأسواق الخيرية إلى أسواق المزارعين، مثل سوق القوت الذي كان هو ومؤسسوه من أكبر الداعمين لحملتهم. هناك انتشر اسمهم وأصبح الإقبال عليهم شديداً. كثرت أصناف المنتجات وزادت حركة البيع. ثم قرروا أن يقدموا الوجبات الساخنة، كورق العنب، الفريكة، المسخن، الشيش برك، الكبة وغير ذلك. طبخوا في بيوتهم بأيادٍ حنونة وأنفاس كريمة، فكان الطلب عليهم كبيرا. كانوا يسمعون الناس يسألون عنهم ويقصدونهم. كبر اسمهم وزاد مدخولهم الذي تحول إلى امداد لأطفال المخيمات السورية في بلاد الشتات.
ما لا يعرفه الكثيرون ممن اشترى من بيت الياسمين، أنه وبثمن ورق العنب والمسخن، وبما جادت به أرواحهم، افتُتحت مدرسة لأطفال اللاجئين في البقاع اللبناني. 120 طفلا سوريا جلسوا على مقاعد مدرسة لأول مرة منذ أن ولدوا. أمسكوا بالقلم وكتبوا أول حروفهم. 120 طفلاً كانوا «مرميين» في خيم اللجوء، يزدرون الذل، يأكلون ما جادت به أموال المؤسسات الخيرية ويلبسون ما جادت به أجساد ملّت من ثيابها القديمة. كانوا يحلمون، ونحن حققنا أول أحلامهم.
هذا المنجز البسيط الذي تحقق بأياد كريمة وأرواح حنونة ومجهودات بسيطة من قبل مجموعة أشخاص التف حولهم أهل وأقرباء وأصدقاء ساعدوهم ماديا ومعنويا، استطاع أن يقي 120 طفلا من الأمية وزرع في أنفسهم حب العلم.. وحوّل الألم إلى أمل.
بيت الياسمين ليس حملة ولا جمعية خيرية ولا مؤسسة ولا شركة. بيت الياسمين هو عبارة عن تسعة أشخاص قرروا أن يفعلوا شيئا وفعلوا. هم لا يمكنهم تغيير العالم، لا يمكنهم إيقاف الحروب، لا يمكنهم منع سفك دماء الأبرياء، لكن بالتأكيد يمكنهم أن يضيفوا شيئا من الامل لشريحة من الناس فقدوا معنى الأمل.
سمّونا بائعي ورق العنب، سمونا الشحاذين، سمونا الطباخين.. ضحكة طفل واحد، قلم في يد طفلة، أول «ألف باء» يخطها طالب.. تعوّضنا كل التعب والجرح و«الشحاذة».
بورق العنب افتتحنا مدرسة.. فماذا فعلتم أنتم؟!
دلع المفتي
نشر في 21/10/2015
http://www.alqabas.com.kw/Articles.as...
Published on October 21, 2015 12:27
No comments have been added yet.
لكلٍ هويته
مجموعة من المقالات التحقيقات واللقاءات التي نشرت لي في القبس الكويتية.
- دلع المفتي's profile
- 138 followers

