«الكارداشينات» الصغيرات
      «إذا حابة تدلعين ابنتك، وتريدين أن تفرحيها، سجلي اسمها معنا في يوم الدلع للأميرات الصغيرات». إعلان بسيط وجدته على الانستغرام كدعاية لرحلة ممتعة للصغيرات.
فرحت بالإعلان، فمن منا لا يريد أن يدلع ويفرح بناته. لذا أكملت القراءة لأفهم ماهية «يوم الدلع»، وما البرنامج المخصص للصغيرات فيه. بالطبع لم أتوقع حصصا في العلوم والرياضيات، ولا في الأدب العربي والشعر، لكني قدرت أن اجد حصصاً للرسم، ساعة حرة للألعاب، للرياضة، حتى حصص الرقص جاءت في بالي. لكني ويا لخيبتي من نفسي قبل خيبتي بالبرنامج، فلقد أصابتني صدمة «دلعية»، عندما تبين لي أني «هبلة»، وبعيدة كل البعد عن الدلع وأصوله.
برنامج «يوم الدلع» يا سادة يا كرام يتضمن: منيكير، بديكير، صبغ أظافر و«مساج»، ثم غداء في مطعم مشهور على البحر، لكن ما لم أقله لكم أن يوم الدلع مخصص للصغيرات من عمر ثلاث سنوات إلى 12 سنة.
تخيلوا معي طفلة في الخامسة مثلاً، تجلس أمام سيدة بعمر والدتها، ترفع قدمها لتضع لها السيدة صبغ الأظافر. ثم تقوم هذه «الشقفة» لتنبطح على جزء من سرير، ليتم عمل مساج لها، ثم تتجه بعد كل هذا العناء للغداء في مطعم مشهور.
أسألكم بالله.. ماذا تتوقعون من هؤلاء الأطفال عندما يكبرون! أدلع هذا أم تحضير سلع؟ من الذي وضع البرنامج! أمهات أم آباء أم مزارعون يستثمرون في زهرات بتعديلهن، لا جينيا، بل اجتماعيا كي يتلاءمن مع «طلبيات» السوق في السنوات القادمة!
لكن الصورة ليست قاتمة كليا، فعلى الجانب الآخر المضيء نجد سيدة كويتية أقامت مشروعاً لتسلية الأطفال في أوقات فراغهم، لكن بصورة مشرقة. دلال النفيسي افتتحت استديو فن «مانيفستو13» الذي يقدم دورات في فنون الرسم للأطفال، تسعى من خلاله لتقديم المهارات اللازمة لتسخير الفن كوسيلة للتعبير عن الذات والقدرة على الاستجابة الاجتماعية. ولم تتوقف دلال هنا، بل سعت لتكريس فكرة التطوع والتبرع في نفوس طلابها، اذ تعمل على تخصيص ريع معارض رسوم الأطفال كل مرة لجهة خيرية تعنى بشؤون الطفل والمرأة والتعليم.
إن أزمة المبادئ والقناعات الفكرية لدى شبابنا وبناتنا لم «تنبق» فجأة، هي وليدة لطفولة تربت على نمط معين من «الدلع» والدلال والاتكالية والسطحية، وتغليب المادة على الفكر، فأصبحوا يهربون من واقعهم «الفارغ» إلى خيالات أكثر فراغا.
اسألوا أنفسكم.. هؤلاء الشباب الذين ننتقدهم، من رباهم؟ أليس نحن؟ ألم نكن مسؤولين بشكل أو بآخر عن القيم والأخلاق والعلم والمعرفة التي نزرعها في نفوسهم؟ أين كنا؟
نحن نربي جيلا من «الكارداشينات». نقتل الطفولة ننتهك البراءة، نربي التفاهة في عقول صغارنا، نهتم بالقشور، نعتني بالمظهر على حساب الجوهر، وعندما يكبرون على هذا النهج، نلومهم.
يسألونك عن الدلع.. قل هو اسمنا وطبعنا وبعض هوانا. قال دلع قاااال!
دلع المفتي
نشر في 29/10/2015
http://www.alqabas.com.kw/Articles.as...
    
    فرحت بالإعلان، فمن منا لا يريد أن يدلع ويفرح بناته. لذا أكملت القراءة لأفهم ماهية «يوم الدلع»، وما البرنامج المخصص للصغيرات فيه. بالطبع لم أتوقع حصصا في العلوم والرياضيات، ولا في الأدب العربي والشعر، لكني قدرت أن اجد حصصاً للرسم، ساعة حرة للألعاب، للرياضة، حتى حصص الرقص جاءت في بالي. لكني ويا لخيبتي من نفسي قبل خيبتي بالبرنامج، فلقد أصابتني صدمة «دلعية»، عندما تبين لي أني «هبلة»، وبعيدة كل البعد عن الدلع وأصوله.
برنامج «يوم الدلع» يا سادة يا كرام يتضمن: منيكير، بديكير، صبغ أظافر و«مساج»، ثم غداء في مطعم مشهور على البحر، لكن ما لم أقله لكم أن يوم الدلع مخصص للصغيرات من عمر ثلاث سنوات إلى 12 سنة.
تخيلوا معي طفلة في الخامسة مثلاً، تجلس أمام سيدة بعمر والدتها، ترفع قدمها لتضع لها السيدة صبغ الأظافر. ثم تقوم هذه «الشقفة» لتنبطح على جزء من سرير، ليتم عمل مساج لها، ثم تتجه بعد كل هذا العناء للغداء في مطعم مشهور.
أسألكم بالله.. ماذا تتوقعون من هؤلاء الأطفال عندما يكبرون! أدلع هذا أم تحضير سلع؟ من الذي وضع البرنامج! أمهات أم آباء أم مزارعون يستثمرون في زهرات بتعديلهن، لا جينيا، بل اجتماعيا كي يتلاءمن مع «طلبيات» السوق في السنوات القادمة!
لكن الصورة ليست قاتمة كليا، فعلى الجانب الآخر المضيء نجد سيدة كويتية أقامت مشروعاً لتسلية الأطفال في أوقات فراغهم، لكن بصورة مشرقة. دلال النفيسي افتتحت استديو فن «مانيفستو13» الذي يقدم دورات في فنون الرسم للأطفال، تسعى من خلاله لتقديم المهارات اللازمة لتسخير الفن كوسيلة للتعبير عن الذات والقدرة على الاستجابة الاجتماعية. ولم تتوقف دلال هنا، بل سعت لتكريس فكرة التطوع والتبرع في نفوس طلابها، اذ تعمل على تخصيص ريع معارض رسوم الأطفال كل مرة لجهة خيرية تعنى بشؤون الطفل والمرأة والتعليم.
إن أزمة المبادئ والقناعات الفكرية لدى شبابنا وبناتنا لم «تنبق» فجأة، هي وليدة لطفولة تربت على نمط معين من «الدلع» والدلال والاتكالية والسطحية، وتغليب المادة على الفكر، فأصبحوا يهربون من واقعهم «الفارغ» إلى خيالات أكثر فراغا.
اسألوا أنفسكم.. هؤلاء الشباب الذين ننتقدهم، من رباهم؟ أليس نحن؟ ألم نكن مسؤولين بشكل أو بآخر عن القيم والأخلاق والعلم والمعرفة التي نزرعها في نفوسهم؟ أين كنا؟
نحن نربي جيلا من «الكارداشينات». نقتل الطفولة ننتهك البراءة، نربي التفاهة في عقول صغارنا، نهتم بالقشور، نعتني بالمظهر على حساب الجوهر، وعندما يكبرون على هذا النهج، نلومهم.
يسألونك عن الدلع.. قل هو اسمنا وطبعنا وبعض هوانا. قال دلع قاااال!
دلع المفتي
نشر في 29/10/2015
http://www.alqabas.com.kw/Articles.as...
        Published on October 28, 2015 12:42
    
No comments have been added yet.
	
		  
  لكلٍ هويته
      
مجموعة من المقالات التحقيقات واللقاءات التي نشرت لي في القبس الكويتية.
    
  - دلع المفتي's profile
 - 138 followers
 

