#حالةـطارئة

لا أتذكر كم كانت الساعة، ففي مكان كالذي كنت فيه تُطبق علينا الجدران بإحكام حتى تنسى الشمس أنها يجب أن تُنير المكان، وبناء على ذلك تتخبط الساعة البيولوجية للعاملين فيه وهذا هو المطلوب تماماً كي تكون متنبهاً طوال الوقت!


كنت أقرأ كتاباً لا أتذكر الكثير عنه، لم يكن أفضل ولا أسوأ ماقرأت، بل كنت أقلب في صفحاته لأطوي الساعات التي يجب أن أقضيها إلى أن يحتاجني أحد، كنت قد أدخلت مريضاً جديداً إلى السرير رقم خمسة في غرفة الطوارئ وقمت بما يلزم، وهو الآن في غرفة الأشعة، وبعدها ناقشت مع الإخصائي حالتين بعد أن ظهرت نتائج التحاليل المختبرية لهما، في الغرفتين أربعة وعشرة.


 


كان موعدي مع القدر في الغرفة رقم اثنين، أعرف تماماً أنها إحدى الحكايات التي قد أرويها لأبنائي من هول ذلك اليوم، ماحدث هناك هو ماجعلني أقرر أن أُغيّر اسم مدوّنتي إلى “حالة طارئة“.


 


دون أي سابق إنذار يقتحم سرير أبيض استلقى عليه شاب في بداية العقد الثاني من حياته على الأكثر، توقّف قلبه في سيارة الإسعاف وتم إنعاشه، ورغم تخبّط النبضات في صدره إلا أنه مازال يكافح، قصته التي يرويها أصدقائه بدأت عندما أحس بألم مفاجئ في صدره شاقاً طريقه إلى كتفه الأيسر، أما رأيي كطبيبة عن بداية قصته يختلف تماماً، لكن الآراء لم تٌغير كثيراً فيما حدث له في النهاية..


 


أما الحالة الطارئة بالنسبة لي لم تكن فقط حالة الشاب التي تحولت من الصحة إلى مداعبة ظل الموت، بل هي كل حالة تنتشلنا من الوضع الهادئ الذي نكون فيه إلى أقصى جهد بدنياً كان، أو حتي عاطفياً، والأخيرة أصعب! حركتي من الكرسي جرياً إلى المساعدة في إنعاشه حتى المرة الثامنة كانت الجزء الأكثر وضوحاً، لكن الزلزال الذي حدث بداخل كل من كان هناك كان الحمل الأثقل..


 


وإن كنتم تظنون أن فقط أولئك الذين يصادفون الموت والحياة في ممرات المستشفيات هم فقط من يملكون هذا النوع من الحالات فأنتم مخطئون تماماً، في حياة كل منا ما يهزه تماماً فيجري أو يقفز بعد أن كان في أحضان سريره، وفي كل يوم تقريباً حالة جديدة تطرأ علينا فتحولنا من السعادة إلى أقاصي الحزن، أو أوج الغضب، أو عمق اليأس،والعكس صحيح.


 


أحياناً ما يطرأ علينا قد يجعلنا نذهب إلى حالة عكس التي كنا عليها تماماً، بل قد تصل بنا إلى نوع جديد من المشاعر الإنسانية التي لم نختبرها قبلاً، والأهم أنها قد تأخذنا من حالة اللاشعور إلى قمة شعور ما، هذا ما سأكتب عنه من اليوم في هذه المدونة، مهما كان ما سأعيشه، ومهما كانت الحالات التي ستطرأ علي حياتي…


Image


 


 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on November 08, 2013 02:48
No comments have been added yet.