كــــكُرسي

 


 


       لكل شخص قصة، بعضنا يحمل يحمل عنواناً سعيداً والآخر تلاحقه صلواتنا بالفرج، حتى الأشياء لها قصة، كل شيء له قصة، الشجرة والطاولة و السيارات و الثياب و زجاجات العطور، الكرسي الذي أجلس عليه الآن قد تكون قصته بدأت قبل أيام قليلة حين وضع هنا في الممشى الجديد بشارع فلسطين في مدينة جدة، ولربما يقلقه التفكير في المدة التي سيحياها هنا ” عالم الأحلام بالنسبة له”  قبل أن يطأه الصدأ؟! وبعدها ينتقل إلى فصل آخر من قصته في علم الغيب، المختلف في قصص الأشياء أنها عادة تستمع إلى الكثير من الأشخاص ولو كانت تجيب وسألناها عن سبب تحملها لقصصنا لأجابت “مجبرٌ أخاك لا بطل” فهي لا تملك أن تهرب منا، وعودة إلى هذا الكرسي فأنا لا أعرف كم شخصا سيحكي له حكايته بينما لا يجرؤ الكرسي أن يعبر لأحد عن خوفه،  وبما أنه حديث عهد  بالمكان فهو لا يعرف عنه إلا أن معظم المارة إما أن يهالهم أمر ما حالما يمرون بقربه  فيجلسون وحينها يحكون له عادة نفس الحكاية باختلاف تفاصيلها وأدوارهم فيها فمنهم من يكون البطل الرئيس والفارس المنقذ ومنهم من كان متفرجا لا يملك حولاً ولا قوة ومنهم من سمع فقط  وشارك الآخرين أحزانهم، أو أنهم يمرّون به كمن يمر على أرض عذاب فيُسرعون، هناك من يبكي فعلا وهناك من يتباكى للدرجة التي تجعل الكرسي يظن أنه ربما أذنب في تاريخ ما لا دراية له به،ربما فقد الذاكرة قبل أن يضعوه هنا، يحاول أن يعرف سبب حزن الناس عند المرور به، أصبح يسترق النظر إلى جرائد القراء ليكمل قطع الأحجية، يتصنت على مقاطع الجمل التي يقولها المارة لبعضهم، أنا متأكدة أنه مؤخرا سمع “سيول تبوك” وكانت هذه الكلمة تثير شيئا ما لدى المارة،  وكأنها تذكرهم بأمر ما حدث علي مقربة من هنا، بالنسبة لي هذه أول ذكرى لي في هذا المكان بعد التجديد و آخر عهدي به كان يوم السيول الأخيرة!!!!


 Image سيول، جدة


   اليوم سيول تبوك هي العنوان الجديد لنفس القصة، أعتذر إن كنت فتحت أبواب أغلقتموها و رميتم مفاتيحها في مكان لا يعرفه أحدا حتى أنتم، كما أعتذر من أولئك الذين لا يزالون يقفون على “عتبة” الباب علّهم يتقنون إغلاقه يوم ما، أولئك الذين يقرءون الجرائد قبل فنجان القهوة يبحثون عن مسكّن ما فلربما يُقبض على المفسد الذي أذهب حقوق من يحبون كبشر ويخافون أن يكون جرى ربما مع السيول فلا يعود!  وأرجع  إلى من أغلقوا الأبواب خوفاً مما يقف خلفها أرجوكم أن تغفروا لي لأن حتى مثل تلك الأبواب قد تُنهي رياح شديدة معضلة فتحها، أو كمان حدث معي للتو طرق ذاكرة يعيد مسلسل الأحداث، أعرف أن هناك من عانى مثلي أو أكثر مني في سيول -كما حدث في تبوك وقد أكون أحكي قصتهم – أو من يجلس أمام الشاشة يتذكر الآن كارثة طبيعية عالمية ربما وربما لم نسمع عنها، أو حتى من “فاجعه”  خبر كموت موت حبيب، لا أدّعي أني أستطيع تعداد كل ما مر بكم أو أني أقدر أن أزن ما مررتم به بكلمات، وللأسف كلماتي لا تصل أن تكون محكمة وسجّان وليت دعواتي الدائمة تفعل، لكني بعد كل ما كتبت الآن أعرف أمراً واحدا أني فتحت باباً أفسد علّي متعة لم تقدّر لي هذه المرة، ولن تقدر حتى أقرر أن ترك الباب مفتوحاً على مصراعيه وأمر به دون أن أخافه لأصنع باباً يؤدي إلى ذكرى أفضل،  ولأن القرار صعب أردت أن أكتبه، أردت أن أاراه مكتوبا ليُبرمج في عقلي فأمضي، أريدكم أن توقنوا أني سأفعل، ولكل ..من ذكرت قصصهم ولو تلمحياً أريدكم أن تؤمنوا أنكم تستطيعون.. وتمضوا


…    معلومة: بعدما وصل الكرسي أخيرا إلى سبب تصرفات المارة الغريبة قرر أن يفقد ذاكرته “اختياريا”


 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on March 01, 2013 03:44
No comments have been added yet.