“.. إن هناك روابط بين البشر أكبر من أن نقفز فوقها ونتجاوزها , هكذا خُلقت فطرة الإنسان , يتعاطف مع غيره لأنه يرى – لا شعورياً – نفسَه فيه , فإذا هبّ لتقديم المساعدة فإنه في حقيقة الأمر يهبّ ليقدمها لنفسه لا لغيره.
----
اعتدنا على سقوط الأخلاق وانحطاطها بهاوية البهيمية , فبدت لنا أخلاقنا , على ما هي عليه من عفونة , زكية .
---
وحده الخوف يجعل المرء يتجه إلى الأسفل .
---
.. لا يكفي أن توفر الطعام والماء للناس كي تقيم العدل . العدل عندنا قائم على تناقضاتنا ... بالمساواة , لأننا ننزع إلى الاستعلاء على بعضنا .. وبالمحافظة على الأمن , لأن الشر يدفع بعضنا ببعض ...
لو ساوينا بين الحيوانات لأكل بعضها بعضاً , لكن لو ساوينا بين الناس لأمن بعضهم بعضاً .
---
.. إنها نظرة الناس , النظرة التي يخشاها المجتمع بأكمله , والتي تسبب هلعاً نفسياً لا يسهل علاجه , وتجعل الحياة مساوياً للموت , فقد جبلت هذه المجتمعات , بتكوينها الفطري , على حب التفاخر , فإن لم يكن التفاخر متاحاً فعلى حب رؤية عيوب الآخرين , حتى يفخروا أمام أنفسهم على الأدنى بأنهم يحملون عيوبا أقلّ منهم .
---
سيكون من الخطأ تماماً التصور بأنني شاذ عن الفطرة , فما هي فطرة الإنسان أولاً؟ ولماذا نحن متأكدون من أنها مخلوقة بصورة مثالية؟ في كل تاريخ البشرية هناك أبطال شاذون , مهووسون بالقتل والإجرام , نقدسهم ونضع اللوم دائما لتبرئتهم على مسار التاريخ الذي رماهم بمشكلات لا تحل إلا باستخدام العنف. قد يكون هذا انطباعي عن الإنسان أكثر من كونه تساؤلا واقعياً عن ماهيته , لكن ألا تفترض كتب الأديان بالبشر الضلال والشر , وتحاول جاهدة جرهم بالترهيب والترغيب إلى مواطن الخير , إذاً لماذا نستغرب الانحراف وهو جزء من تكوين النفس البشرية؟ لماذا لا نستغرب الاستقامة؟ فهي الأبعد عن الفطرة .”
―
عبد الله البصيص,
ذكريات ضالة