عبير العامودي

“أتعرفين لماذا تبكي الأمهات خوفاً على أبنائهم طول الوقت؟ لأن عليهم
أن يزغردو مرة واحدة. واحدة فقط. كي لا يخجلن من هذه الزغرودة التي يطالبهم بها العالم. تبكي الواحدة منا طول الوقت لأنها تعر أن هناك لحظة آتية، ستكوف فيها مضطرة لأن تخون أحزانها، حين يكون عليها أن
تزغرد. ثم هل تعرفين من هو الذي يجبرنا على أن نزغرد فعليا؟ لا ، ليس أهلنا وأقاربنا وجيراننا، لا ، ليسوا هم، الذي يُجبرنا على أن نزغرد في جنازات شهدائنا هو ذلك الذي قتلهم، نزغرد حتى لا نجعله يحسّ لحظةً
أنه هزمنا، وان عشنا، سأذكرك أننا نبكي كثيرا بعد أن نتحرر!
سنبكي كل أولئك الذين كنا مضطرين أن نزغرد في جنازاتهم ، سنبكي كما نشاء، ونفرح كما نشاء، وليس
حسب المواعيد التي يحددها لنا الذي يُطلق النار عليهم وعلينا الآن. فنحن لسنا أبطالاً، لا، لقد فكرتُ طويلا في هذا، وقلت لنفسي نحن لسنا أبطالاً، ولكننا مضطرون أن نكون كذلك.”
― أعراس آمنة .. إبراهيم نصرالله

“قلت لك إن الأطفال الصغار يتحولون إلى طيور في
الجنّة، أما الشهداءُ فهم طيور الدنيا الجميلة. أتعرف لماذا؟ لأنهم أكثرُ الناس حباً للحرية، تظل تناديهم
وتناديهم، يجرونَ وراءها، ولأنخا تحبهم تواصل اللعب معهم، تعلو وتهبط فيصعدون خلفيه وينزلون، يفتشون
عنها في كل مكان، وهم لا يعرفون أنها مختبئة في أجسادهم.
الجنود يعرفوف هذا السرّ ،
نعم الجنود هناك خلف الحواجز، في الطائرة المروحية، في الدبابة، القنّاصون فوق الأبراج يعرفوف السر،
ولهذا السبب يصوّبون نيرانهم نحونا، نعم، هذا كل ما في الأمر، لا يصوبون نحونا كي يقتلوننا، يصوبون
نحونا كي يقتلوا الحرية التي تختبئ فينا، الحرية التي نطاردها طول عمرنا كي نمسك بها.”
― أعراس آمنة .. إبراهيم نصرالله