رحمة بدوي > Quotes > Quote > Enas liked it

“لدي حاجز شفيف , مساحة صغيرة لا أسمح لأحد بتجاوزها إلى نهايتي , ورغم أنها مساحة ضيقة إلا أنها هي المساحة التي تنقذني تماما ً عندما ينتهي كل شيء , ولذلك أقف بسرعة , تذكر يا عبدالله عندما أخبرتني : أُحس كل مصيبة تقع عليك لا يبقى لها أثر بعد قليل من وقت , وكأنك لم تخوضي حياة صعبة ؟.
بالضبط ذلك ما يحصل لأني شديدة الاعتداد والاستقلال , بيد أني ساعة ما أقع على علاقة ملائمة لي وأقربها إلي , أضع كل ثقتي بذاتي واستقلالي في تلك المساحة , وأخفض رأسي وأخضع أكثر حتى مما يستطيع الطرف الآخر ذلك لأني لا أخجل من ضعفي , ولأني فضولية جدا لأعرف كيف أبدو وأنا ضعيفة وخاضعة أنا التي لطالما كنت قوية .
حتى الهشاشة واللين البالغ قوة لدى الإنسان متى خضع للإرادة , ألا تلاحظ كيف أن العشب أقوى من الأشجار أمام العاصفة ؟.
ثم إذا ما انتهت علاقتي بأي أحد سحبت من تلك المساحة الصغيرة التي لا يصل إليها أي كان ـ مهما ظن أنه لامس كل سر لي ـ : شجاعتي واستقلالي وأنفتي ولبستها على عجل , وذهبت دون أن ألتفت .
إن الخصال النبيلة يا عبدالله في تصوري هي اختيار وليس جبلة , كما هي الخصال السيئة , والحب خصلة نبيلة وأنا أختاره بالحجم المناسب , لأن الإسراف في الخصال النبيلة أيضا ً شر ! , والفاضل أن نبقى بين حالتي التطرف خيرا وشرا ... إنه لخير أن تحب , ولكنه شر أن تدمر ذاتك بدعوى كهذه .
أقصى ما يريده الله من الإنسان أن يبقى فاضلا يخوض عواطف الخير دون أن يهلك ذاته في سبيل إثبات نبله , لأن إهلاك النفس خطيئة لا تغتفر .
ثم لما ينتهي الحب , فإن أوان تمثيليتنا بأننا منهمكين في شخص حتى حدودنا الأخيرة ينتهي , ونرجع لرقعتنا الخاصة متكورين كما ألفنا أنفسنا : على ذواتنا .
أنا انطوائية مذ عرفت نفسي , وإشاعة نفسي في شخص ليست حالتي المثالية , إنها حالة طارئة , ولذلك يسهل علي أن أعود لحالتي الطبيعية دون أضرار بينة .
المشكلة أن تعتاد نفسك عاشقا ً , حتى تنسى كيف تعود انطوائيا تخوض الحياة بلا قلب مساعد , ولم أسمح لنفسي ـ أو لنقل لم تسمح لي الأقدار ـ أن أعتاد الحب لوقت طويل ينسيني انطوائيتي .”
رحمة بدوي

No comments have been added yet.