Status Updates From المرايا المقعرة : نحو نظرية...

مشروع غاية في الأهمية لأي باحث أدرك الخلل الحاصل في تلقي النظريات الغربية من بنيوية وتفكيكية ، سواء خلل في الفهم او في الترجمة أو عدم مراعاة الظروف التي نشأت فيها هذه النظريات وتطبيقها كما هي لدى النقاد العرب .

يدحض حمودة دعوى أن البلاغة العربية لم تعرف النقد التطبيقي، ويورد نماذج منها نقد عبد القاهر الجرجاني لبيت المتنبي: "وقيدت نفسي في ذكراك محبة ومن وجد الإحسان قيدا تقيدا". يقول الجرجاني ما معناه: الاستعارة في أصلها مبتذلة معروفة، فكلنا نعرف قيدني بقيد إحسانه، أما المتنبي فقد أبدع باختيار هذا "النظم" بالذات. فالفصاحة عند الجرجاني ليست مجرد لفظ أو معنى بل في النظم أي علاقة كل لفظ باللفظ الذي يجاوره.

"ومن المركوز في الطبع، أن الشيء إذا نيل بعد الطلب له، أو الاشتياق إليه، ومعاناة الحنين نحوه، كان نيله أحلى، وبالميزة أولى، فكان موقعه من النفس أجل وألطف" المعنى الجيد عند عبد القاهر الجرجاني ليس المعنى المباشر بل الذي يحوجك للتفكير فيه، هو المعنى الذي يتحدى الفهم السريع بامتناعه عن القارئ. المعنى الجيد هو المعنى العزيز الذي لا يسمح للقراءة الساذجة أو القارئ السطحي أن يدخل عليه، فليس كل إنسان قادر على شق "صدفة" المعنى

رغم إني أبعد ما يكون عن نظريات النقد الأدبي ونظريات اللغة، إلا إن عبد العزيز حمودة ينجح في كل مرة في جذب الانتباه وتبسيط المحتوى وربطه أيضا بحياتنا. هذه المرة يتحدث عن تراثنا العربي الثري الذي أدار له النقاد الحداثيين ظهورهم ولهثوا وراء النظريات الأجنبية. ويثبت حمودة أن لهذا التراث السبق في إمكانية تطوير نظرية لغوية ونقدية تضاهئ النظريات الحديثة من ناحية وتناسب ثقافتنا وخصوصيتنا من ناحية أخرى.

الكتاب السادس على التوالي عن الحداثة وما بعدها، هذه المرة عن ارتماء العرب في أحضان نظريات النقد الغربية الحداثية واحتقار بعضهم لتراثهم العربي ومناداتهم بمقاطعته، ولو عقلوا لعلموا أن النظريات النقدية لا تظهر فجأة ولا يجتمع الأدباء لوضعها في وقت معين بل تتبلور في سياق تاريخي، لذا لو تأملوا تراثنا العربي في عصره الذهبي لوجدوه يموج بالتيارات النقدية في وقت كانت أوروبا في أسوأ عصورها، اللوم عليهم إذا وعلى عصرهم الراهن

إن جوهر الإدعاء الغربي بنهاية التاريخ يعني أن سيادة العقل - ماركة غربية مسجلة باسم الغرب وحده - قد حققت في نهاية الأمر النموذج الاقتصادي والاجتماعي والسياسي الأمثل وما على القوميات أخرى إلا أن تستورد ذلك النموذج النهائي

"أصحاب الحداثة (أي الحداثيون العرب المنبهرون بالحداثة الغربية) يتجاهلون نقائص الحضارة الغربية مع علمهم بها. كأن إيمانهم بتفوق العقل الغربي بلغ حد الإيمان بالقدرة على حل جميع المشكلات لو اتبعوه. أو كأن التفكير في نقائص الحضارة الغربية يجب أن يؤجَّل إلى أن نصبح جزءا من هذه الحضارة بالفعل" - هل هذه سذاجة أم إحساس بالدونية؟

لو تعرفون أحد فضلاء العلم ممن عرض للكتاب أو ناقشه فدلوني عليه.

"You're are terrorist? Thank God. I understood Meg to say you were a theorist." :)