Status Updates From رسالة في القلب وأنه خلق ليع...

✨فإذا كان القلب مشغولًا بالله، عاقلًا للحق، مفكرًا بالعلم فقد وضع في موضعه كما أن العين إذا صرفت في النظر إلى الأشياء فقد وضعت في موضعها أما إذا لم يصرف إلى العلم ولم يوعَ فيه الحق فقد نسي ربه فلم يوضع في موضع بل هو ضائع ولا نحتاج أن نقول قد وُضع في موضعٍ غير موضعه بل لم يوضع أصلًا فإن موضعه هو الحق وما سوى الحق باطل فإذا لم يوضع في الحق لم يبقَ إلا الباطل والباطل ليس بشيء أصلًا وما ليس بشيء أحرى أن لا يكون موضعًا ✨

فإن الحنف هو: الميل عن الشيء بالإقبال على آخر

إذا استعمل في الحق فله وجهان: وجه مقبل على الحق، ومن هذا الوجه يقال له: وعاء وإناء؛ لأن ذلك يستوجب ما يوعى فيه ويوضع فيه، وهذه الصفة صفة وجود وثبوت. ووجه معرض عن الباطل، ومن هذا الوجه يقال له: زكي وسليم وطاهر، لأن هذه الأسماء تدل على عدم الشر، وانتفاء الخبث والدغل، وهذه الصفة صفة عدم ونفي

فإن القلب إذا كان رقيقا لينا كان قبوله للعلم سهلا يسيرا ورسخ العلم فيه وثبت وأثر، وإن كان قاسيا غليظا كان قبوله للعلم صعبا عسيرا

فصلاح القلب وحقه والذي خلق من أجله هو أن يعقل الأشياء، ولا أقول أن يعلمها (فقط)، فقد يعلم الشيء من لا يكون عاقلا له، بل غافلا عنه ملغيا له، والذي يعقل الشيء هو الذي يقيده ويضبطه ويعيه ويثبته في قلبه، فيكون وقت الحاجة إليه غنيا فيطابق عمله قوله، وباطنه ظاهره، وذلك هو الذي أوتي الحكمة

وكم من ناظر مفكر لم يصب العلم ولم ينله، وعكسه من يؤتى علما بشيء لم ينظر فيه؛ وذلك كله لأن القلب بنفسه يقبل العلم، وإنما الأمر موقوف على شرائط واستعداد قد يكون فعلا من الإنسان فيكون مطلوبا، وقد يأتي فضلا من الله فيكون موهوبا

فتوجهه نحو الأشياء ابتغاء العلم بها هو الفكر والنظر

ولا يستقيم لها شيء من أعمالها حتى تصدر عن قصده ونيته

أن الله سبحانه وتعالي لم يخلق الخلق سدى، ولم يتركهم هملا، بل جعلهم موردا للتكليف، ومحلا للأمر والنهي

فصـلاحُ القلـبُ وحقّـه والذي خُلـق من أجلهِ هو أن يعقــل الأشياء , ولا أقـول أن يعلمها [فقط] , فقد يعلـم الشيء من لا يكونُ عاقـلاً لهُ , بل غافـلاً عنهُ مُلغيـًا لهُ , والذي يعقـلُ الشيء هو الذي يُقيِّـدهُ ويضبطـهُ ويعيـه ويُثبتـهُ في قلبـهِ , فيكون وقت الحاجـة إليـه غنيًّـا فيُطابـق عملـهُ قولـه , وباطنـهُ ظاهـره