Status Updates From تحزيب القرآن

ان للحفظ شرفا عظيما , و له لذة تجلو الهموم , و تبيد الغموم , اذا كان الحافظ يردد ما يحفظ و يترنم به , و لهذا قال سهل بن عبد الله التسترى لبعض طلابه : أتحفظ القرآن ؟ قال : لا , قال سهل " و اغوثاه لمؤمن لا يحفظ القرآن ! فبم يترنم ؟ و بم يتنغم ؟ ! و بم يناجى ربه ؟ !

بوب ابو عوانة فى مستخرجه " باب الدليل على فضيله من يحفظ القرآن على من يقرأه ولا يحفظه " و أورد فيه حديث " مَن حَفِظَ عَشْرَ آياتٍ مِن أوَّلِ سُورَةِ الكَهْفِ عُصِمَ مِنَ الدَّجَّالِ" صحيح مسلم
و كم من الاوقات و الاحوال لا يكون الانسان فيها قادرا على قراءة القرآن فى المصحف , مثل أن يكون فى مكان مظلم , او كان به ضعف فى البصر , او لم يجد حفظا , او كان ماشيا فى الطريق ..

باب = فضل القارىء الحافظ على غيره

قال الله تعالى فى سورة العنكبوت

بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ۚ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ (49)

و صدر حافظ القرآن كالبيت المعمور المحكم الذى لا يتخلخل فيه موضع لبنة , و اما الذى ليس فى جوفه شىء من القرآن فكالبيت الخرب

واعلم ان من خصائص القرآن الكريم انه سهل حفظه , سهل نسيانه , فلا تحبط حين تجد جهدا فى تثبيت سور القرآن , و حين تجده يتفلت منك مع قرب العهد به , لا سيما فى الشهور الاولى من حفظك , و اعلم ان ذلك كله خيرا لك , لان تردادك لما حفظته عباده تؤجر عليها

الحفظ فن و براعة , فأعمل الحيلة فى فنون من الحفظ تكون كفيلة بدفع الملل , و اجمام الخاطر , و تطرية النفس , كالحفظ بطريقة التكرار بصوت عال , او بالقراءة الصامتة , او السماع , او الكتابة , , و اعرف حافظتك من اى نوع هى ؟ سمعية ام بصرية ؟ فاذا عرفت من اى نوع هى فلا تعمل الثانية بل قوها بتدريبها حتى تكون عونا لاختها , " ان تضل احداهما فتذكر احداهما الاخرى "

قال ابن القيم: "إذا أراد الله بالعبد خيرا: أعانه بالوقت وجعل وقته مساعدا له. وإذا أراد به شرا: جعل وقته عليه، وناكده وقته". المدارج ٣ / ١٢٥"

و من الناس من يظن ان من طرق تثبيت حفظ القرآن = فهم معانى الآيات و معرفة تفسيرها , و هذا غير صحيح , فالقرآن من دون سائر الكلام لا يتقنه من اراد اتقانه الا بترداده ومراعاة ظبط الفاظه , و لا يعدو الفهم ان يكون وسيلة لاستيعاب ما اشتملت عليه الاية او الآيات

, ومن خصائص القرآن أن من دأب على حفظه بارادة و عزم يسر له ذلك , و لو كان من أبلد الناس , و انه لا يحذقه من لم يجهد و يدأب فى حفظه و تعاهده , ولو كان من أذكى الناس , فسبحان من يسر القرآن للذكر

و أعرف من حفظ القرآن وهو فى الكهولة من الرجال و النساء , وفيهم من لا يميزه ذكاء ظاهر , ولا عرف بقوة حفظه , ولم يكن الا تيسير الحق عز و جل للناس هذا القرآن الذى قال فيه (وَلَقَد تَّرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ ) ايه 15 من سورة القمر

و انى لاعرف شيخاً كان قد جاوز الستين فانقطع لحفظ القرآن و قال لى : اريد ان اموت و قد حفظت القرآن , فحفظه فى خمسة اعوام حفظا مقتناً , و لم يكن يسوقه سوى العزم الاكيد للوصول الى الغاية الشريفة التى استقرت بها نفسه , و انشرح لها صدره , وهو ان يلقى الله كلامه فى صدره , ومن وراء ذلك كله توفيق الله وعونه

وجدنا أن اكبر الاسباب التى يبذلها الانسان فى تحقيق ما يريد هو العزم المصمم , فقوه العزم تذلل المصاعب , و ترفع المتاعب , و تطر الكسل , و تقرب الامل

و كان النبى صل الله عليه وسلم يقرأ القرآن قائماً و قاعداً و على جنب , و يقرأه متوضىء وغير متوضىء , و كان يحب ان يسمعه من غيره , و استمع الى قراءة ابى موسى الاشعرى , و أمر ابن مسعود أن يقرأ القرآن وهو يستمع اليه و قال (إنِّي أحبُّ أن أسمعَه من غير) من حديث ابن مسعود فى سنن ابى داوود

ايضاً يحذر المؤلف من عدم الالتزام بأحكام الوقف و الابتداء التى حددها علماء القراءات , و ان الذين يخالفون هذه الاحكام ربما يغيرون المعنى تماما فى ذهن المستمع للقراءة , و اسوأ القراء هو الذى يخالف احكام الوقف فقط من اجل تطريب المستمع و انتزاع كلمات الاعجاب من فمه بالباطل

يقول المؤلف بجواز الزيادة على القدر الذى حده القراء للمد الطبيعى اعتمادا على حديث انس ابن مالك فيما يتعق بقراءته عليه الصلاة و السلام لآيات من سورة الفتح فى فتح مكة , و اظن ان ذلك لا يجوز الا لحاجة من باب درء المفاسد و البدع التى انتشرت بين القراء فى مجال العزاء بالتطويل الزائد جدا عن الحد و التغنى المذموم بالقرآن لتطريب الناس و ملاقاة الشهرة بينهم
https://www.facebook.com/watch/?v=128...

اشار المؤلف الى بعض اساتذته من علماء القراءات الكبار من اهل مصر , الذين درس على يديهم ومنهم العلامة = محمود سيبويه البدوي , فبحثت عنه و وجدت له ترجمة قصيرة عن حياته , ولم اكن قد سمعت به قبل الان .

كان لرسول الله صل الله عليه وسلم حزب من القرآن يقرؤه كل يوم , و كانت قراءته مداً , ولم يكن يعجل بالقراءة ولا يهذها هذا , سُئِلَ أنَسٌ كيفَ كَانَتْ قِرَاءَةُ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؟ فَقالَ: كَانَتْ مَدًّا، ثُمَّ قَرَأَ: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 1] يَمُدُّ ببِسْمِ اللَّهِ، ويَمُدُّ بالرَّحْمَنِ، ويَمُدُّ بالرَّحِيمِ.
الراوي : أنس بن مالك | المحدث : البخاري |

يوضح المؤلف ان المسلم مطلوب منه ان يقرأ القرآن قراءة صحيحة يبين فيها الحروف ولا يخلط بينها , ثم يتدبر ما يقرأ و يُعمل عقله و قلبه فيما يمر امام عينيه من كلمات الله , ذاماً الانشغال بمخارج الحروف عن التدبر والتفكر ,

و القصد ان المطلوب فى القراءة = الترتيل بقراءة واضحة بينة , ليس فيها هذ و لا اسقاط للحروف , ولا خروج عن القراءة بالتمطيط و الحان الغناء التى تخرج القراءة الى ما ليس قراءة
____
و المؤلف فى هذا الفصل يحض على قراءة القرآن بتمهل و عدم التسرع فى القراءة حتى لا يسقط القارىء بعض الحروف او يخطىء فى قراءتها , و ايضا يحذر من التفيهق و المبالغة و التنطع فى الحرص على مخارج الحروف حتى يصل بالقارىء الى اليأس من القراءة و تركها

قال الله تعالى ( ورتل القرآن ترتيلاً ) سورة المزمل آية رقم 4
و الترتيل = القراءة فى ترسل و تؤدة بتبيين الحروف و اشباع الحركات
و شر القراءة = (الهذرمة ) التى يخلط فيها القارىء بين الحروف و يسقط بعضها
وقال تعالى فى سورة الاسراء
وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَىٰ مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلًا (106)
____
على مكث = اى على مهل