Ahmed Mahmoud > Status Update

ان للحفظ شرفا عظيما , و له لذة تجلو الهموم , و تبيد الغموم , اذا كان الحافظ يردد ما يحفظ و يترنم به , و لهذا قال سهل بن عبد الله التسترى لبعض طلابه : أتحفظ القرآن ؟ قال : لا , قال سهل " و اغوثاه لمؤمن لا يحفظ القرآن ! فبم يترنم ؟ و بم يتنغم ؟ ! و بم يناجى ربه ؟ !

بوب ابو عوانة فى مستخرجه " باب الدليل على فضيله من يحفظ القرآن على من يقرأه ولا يحفظه " و أورد فيه حديث " مَن حَفِظَ عَشْرَ آياتٍ مِن أوَّلِ سُورَةِ الكَهْفِ عُصِمَ مِنَ الدَّجَّالِ" صحيح مسلم
و كم من الاوقات و الاحوال لا يكون الانسان فيها قادرا على قراءة القرآن فى المصحف , مثل أن يكون فى مكان مظلم , او كان به ضعف فى البصر , او لم يجد حفظا , او كان ماشيا فى الطريق ..

باب = فضل القارىء الحافظ على غيره

قال الله تعالى فى سورة العنكبوت

بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ۚ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ (49)

و صدر حافظ القرآن كالبيت المعمور المحكم الذى لا يتخلخل فيه موضع لبنة , و اما الذى ليس فى جوفه شىء من القرآن فكالبيت الخرب

واعلم ان من خصائص القرآن الكريم انه سهل حفظه , سهل نسيانه , فلا تحبط حين تجد جهدا فى تثبيت سور القرآن , و حين تجده يتفلت منك مع قرب العهد به , لا سيما فى الشهور الاولى من حفظك , و اعلم ان ذلك كله خيرا لك , لان تردادك لما حفظته عباده تؤجر عليها

الحفظ فن و براعة , فأعمل الحيلة فى فنون من الحفظ تكون كفيلة بدفع الملل , و اجمام الخاطر , و تطرية النفس , كالحفظ بطريقة التكرار بصوت عال , او بالقراءة الصامتة , او السماع , او الكتابة , , و اعرف حافظتك من اى نوع هى ؟ سمعية ام بصرية ؟ فاذا عرفت من اى نوع هى فلا تعمل الثانية بل قوها بتدريبها حتى تكون عونا لاختها , " ان تضل احداهما فتذكر احداهما الاخرى "

و من الناس من يظن ان من طرق تثبيت حفظ القرآن = فهم معانى الآيات و معرفة تفسيرها , و هذا غير صحيح , فالقرآن من دون سائر الكلام لا يتقنه من اراد اتقانه الا بترداده ومراعاة ظبط الفاظه , و لا يعدو الفهم ان يكون وسيلة لاستيعاب ما اشتملت عليه الاية او الآيات

, ومن خصائص القرآن أن من دأب على حفظه بارادة و عزم يسر له ذلك , و لو كان من أبلد الناس , و انه لا يحذقه من لم يجهد و يدأب فى حفظه و تعاهده , ولو كان من أذكى الناس , فسبحان من يسر القرآن للذكر

و أعرف من حفظ القرآن وهو فى الكهولة من الرجال و النساء , وفيهم من لا يميزه ذكاء ظاهر , ولا عرف بقوة حفظه , ولم يكن الا تيسير الحق عز و جل للناس هذا القرآن الذى قال فيه (وَلَقَد تَّرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ ) ايه 15 من سورة القمر

و انى لاعرف شيخاً كان قد جاوز الستين فانقطع لحفظ القرآن و قال لى : اريد ان اموت و قد حفظت القرآن , فحفظه فى خمسة اعوام حفظا مقتناً , و لم يكن يسوقه سوى العزم الاكيد للوصول الى الغاية الشريفة التى استقرت بها نفسه , و انشرح لها صدره , وهو ان يلقى الله كلامه فى صدره , ومن وراء ذلك كله توفيق الله وعونه