جنى عبد الناصر’s Reviews > الاستعمار وفلسطين > Status Update

إنه ليس في تاريخ الظلم والعدوان مثل قضية فلسطين، ولا في تاريخ التخاذل والانقسام وقلة الاهتمام مثل موقفنا من قضية فلسطين، ولا في تاريخ التعاون على الإثم والعدوان مثل موقف الدول في غرب الأرض وفي شرقها من قضية فلسطين. وما لنا إلا الله، فهل نعود إليه؟

فيمَ التَقاطعُ في الإِسلامِ وَيحَكُمُ
وَأَنتُم يا عِبَادَ اللَهِ إِخوَانُ
أَلا نُفوسٌ أَبيّاتٌ لَها هِمَمٌ
أَما عَلى الخَيرِ أَنصارٌ وَأَعوانُ

نعم؛ لقد هُزمنا في فلسطين، ولكنها لم تُهَزم فينا إلا الأخلاق التي قبسناها من غيرنا وتركنا لها أخلاقنا. ما هُزم إلا التردد والاختلاف والثرثرة والكلام الفارغ، وإيثار الزعماء مصالحَهم على مصالح الأمة، واتخاذ الإنكليز والأميركان أولياء...
أمّا سلائق العروبة، أما أخلاق الإسلام، أما الإرث الذي تركه محمد ﷺ في عروقنا _معشرَ الشباب_ وصَبَّه في دمائنا، فلم يُهزَم ولن يهزم أبداً.

أتأكلون وتشربون وتلعبون وتطربون وأهل فلسطين يموتون؟ ياللعار!

تم هذا الجلاء، ولكن لم تَجْلُ أفكاره عن رؤوس أولادنا، ولا مبادؤه عن أحزابنا، وا مناهجه عن مدارسنا، ولا قوانينه عن محاكمنا.
وهذا هو الاستعمار الذي يهون معه استعمار الديار. إن البذور التي بذرها المستعمر قبل رحيله أنبتت نباتاً لم نذق مثل مرارته أيام الاستعمار، وكان ما أبقاه فينا بعد نزوحه عنا أشدَّ علينا مما حمله معه لمّا جاءنا.

كنا كلما عَدَتْ اسرائيل علينا فزعنا إلى "مجلس الأمن"، كما يفعل التلميذ الضعيف في المدرسة، يضربه الأقوياء فيذهب إلى الأستاذ يقول:"أستاذ فلان ضربني"، فيقول الأستاذ للضارب: "عيب يا ولد، لا تضرب رفيقك "، ويغمز بعينه يقول له: لا تخف، أنا معك ولن ينالك أذى!
كأن مجلس الأمن إنما أُنشئ ليكفل الأمن لإسرائيل وحدها!

يا أيها الناس: إن قطعة الذهب قد تسقط في الوحل فيصيبها الأذى ولكنها تبقى ذهباً، والصفيح ليس كالذهب، والشر ليس كالخير، والليل الأسود البهيم ليس كالضحى المشرق المضيء. واليهودي ليس كالمسلم ولو وُضِعَت في يده أموال الدنيا، ولو جمع في مخازنه أسلحة الدنيا، ولو وقفَت وراءه أقوى دولة في الدنيا.

إن محمداً ﷺ صبّ البطولة صباً في أعصاب المسلمين، فما تلقى في الدنيا مسلماً جباناً. فإن رأيتم مسلماً يخاف الموت في الجهاد في سبيل الله حين يجب الجهتد فاعلموا أنه مسلم باللسان وحده وليس مؤمناً بالجَنان. ما أضعناها، ولكن تعبنا فنمنا وطال بنا المنام.

في عمر الإنسان ساعات هي العمر، تَفنَى الليالي وتنقضي الأعمار وتخلد هذه الساعات ذكرى في قلوب البنين. وفي تاريخ الأمم أيام هي التاريخ، تمرّ السنون متحدّرة في درك الماضي مسرعة إلى هوة النسيان، وتبقى هذه الأيام جديدة لا تبلى، دانية لا تنأى، مشرقة لا تغيب. وللإنسانية أيام هي ركن الإنسانية، لولاها ما قام لها بنيان ولا ثبت لها وجود...

الجهاد يكون واجباً إذا احتل العدو بلداً من بلاد المسلمين، هنالك يُعلَن الاستنفار العام ويصير القتال واجباً على الجميع، على أن يبدأ بأهل البلد الذي احتله العدو، فإن لم يَكْفوا فعلى من يليهم من جيرانهم، الأقرب فالأقرب.