نور’s Reviews > غمٌ في عشق - مذكرات الشهيد الدكتور مصطفى شمران > Status Update

ما هو هذا الإكسير الذي ينضح من قلبي؟ الذي يجعل من الفقر غنىً مطلقا؟ ويصنع من الهزيمة والموت نصرا وعظمة ومن الوحدة يصل إلى العرفان ومن الألم والغم تنبت حديقة من الحب والعشق؟ يستطيع أن يقدم مقابل الوحشية أرقى مظاهر الإنسانية ويخلق مقابل الأنانيات وقصر النظر أعظم التضحيات والتفاني؟ ما هي هذه الحرقة التي تموج داخلي؟ وما هو هذا العشق الذي يهز كل خلايا قلبي؟ ما هي هذه المشاعر التي تخضع كل ذرات وجودي للعبادة بين يدي المعبود

علمتُ أنّ عاقبتي.. حياتي ومماتي.. وعزّتي وذُلّي.. بيدك أنت. لذا غدوتُ حُرًّا من المُحزِّنات الكثيرة.

ما أجمل الإعتماد على الله والتحليق بقلبٍ مطمئنٍ حين تعصف العواصف، والتخبط بكلّ عشقٍ في قعر الزوابع الخطرة.
ما أجمل البقاء مع الله فقط والإنقطاع عن العالم كلّه، واليأس تمامًا من كلّ مكان وكلّ شخص، ودون أيّ أملٍ وأمنيةٍ وكوّة نور، غير الله.
ربّاه، من يعلم بحياتنا العاصفة؟ ومن يُحِسُّ بلحظاتنا الثقيلة والخطيرة والقاتلة؟ وجودنا وكلّ ما نملك، المهدّد بخطر الزوال.

يا ربّي العظيم، ماذا بقي لي؟ على أيّ أساسٍ يجب أن أضع اسمي؟ هل جلدي وعظمي هما من سيحدّدان اسمي وشخصيّتي؟ هل ستكون أمنياتي وتصوّراتي وآمالي مكنونًا لشخصيّتي؟ أيُّ شيءٍ يشّكل هذه «الأنا» أيُّ شيءٍ هو ذاك الّذي يعرّفني النّاس به؟
أنظُرُ في وجودي، أبحث في ما حولي كي أتبيّن مَعلَمًا لكياني ليصبح قابلًا للفهم، على الأقل بالنّسبة لي.
في هذه الأثناء، لستُ أنا سوى قلبٍ محترقٍ تتصاعد منه ألسنة اللّهب...