رفيقة الكتب’s Reviews > حياة الكاتب السرية > Status Update

كانت لحظة خارج الزمن، من تلك اللحظات التي تمنحك أحيانًا إياها الحياة، وما أوقحها، لتجعلك تعتقد أن السعادة موجودة.

عندما التقيت بها، كانت صويزيك تحمل ندبات محنة سراييفو على جسدها وفي ذهنها . أربع سنوات من الرعب، والقصف المتواصل، والجوع، والبرد، أربع سنوات من أزيز الرصاص، وعمليات جراحية أجريت في بعض الأحيان من دون مخدّر. كانت صويزيك من الأشخاص الذين عاشوا عذابات العالم في أحشائهم. كل هذا زعزع كيانها. فبؤس العالم عبء يمكن أن يسحقك إذا جعلت منه مسألة شخصية.

عادت إلى ذاكرتي لمحات عنيفة حملت معها الذنب والغضب والعار، اجتاحت هذه المشاعر كياني وشعرت بأنها لن تتوقف أبداً، كسد من الخرسانة المسلحة انفجر فجأة فأغرقت مياهه الوادي!

لم أظن قط أنني سأموت فعلا. خلال الثواني القليلة التي دام خلالها سقوط السيارة، بقيت آمل حتى النهاية أن شيئًا ما سيحدث لتجنب وقوع المأساة. لأن الحياة رواية. ولأن ما من كاتب يقتل الراوي قبل ثمانين صفحة من نهاية قصته .
لا تحمل هذه اللحظة طعم الموت ولا طعم الخوف. لم أسترجع شريط حياتي بشكل متسارع، ولم تكن حركة بطيئة كحادث سيارةميشيل بيكولي في فيلم «أشياء الحياة».

وهو يرتدي ملابس جافة، شعر بإرهاق شديد، كما لو أن الطاقة كلها استنزفت من جسده، كان يتطلع بفارغ الصبر إلى نهاية هذا الكابوس . عاش طوال السنوات العشرين الماضية كالساموراي. حاول مواجهة الوجود بشجاعة وشرف التزم بنظام، وعاش وحيدا، الأمر ساهم في إعداده ذهنيا للترحيب بالموت، كي لا يشعر بالخوف يوم يطرق بابه.
كان مستعدا. كان يفضل ألا يكتب هذا الفصل الأخير بصحب وغضب، ولكن ما باليد حيلة لقد انخرط في حرب لا منتصر فيها. فقط قتلي!

كنت ما زلت تحت تأثير الصدمة بسبب ما قاله لي فاولز، لكن كنت أشعر أيضا بالمرارة. إنه طعم الهزيمة. هذا الشعور عند الفرار من ساحة المعركة في خضم القتال. وصلت إلى بومون وأنا مليء بالحماسة تحت أشعة الشمس الساطعة، وها أنا أغادر الجزيرة تحت المطر، محبطا، وقد أرعبني الخطر، في الوقت الذي سيكتب فيه الفصل الأخير.

مدة خمس دقائق كاملة، شعرت بأنني مشوشا تماما، ثم لملمت شتات أفكاري. رغم أن والدتي غالبا ما أوصتني بعدم الوثوق في أحد، إلا أنني كنت أفعل العكس دائما. لقد سببت لي سذاجتي المشاكل في حياتي وجعلتني أعض أصابعي ندما، ولكن كانت لدي قناعة راسخة بأنّ التخلّي عن هذه البساطة يعني التخلي عن نفسي، لذلك قررت أن أتبع حدسي الأول: الرجل الذي كتب «لوريلاي ستراينج» و «المحطّمون» لا يمكن أن يكون وغدا .

ربنا يستر ومنندمش انا وهو!