منة عبد الفتاح ’s Reviews > العطف على النفس > Status Update

لا نحتاج أن ننتظر حتى نصير كاملين، وتصير الحياة على الصورة التي نريد. ولا نحتاج أن يولينا الناس الرعاية والعطف ليتأكد لنا أننا نستحق الحب. لا نحتاج أن نبحث خارجنا عما نطمع فيه من قبول وآمان. وهذا لا يعني أننا لسنا بحاجة إلى الناس بلى، نحن بحاجة إليهم. ولكن من أعلم بشعورك الكامن وراء قناع السعادة الزائف؟ من أعلم بمقدار الألم والخوف الذي تكابد، وأعلم بأحوج الأشياء إلى نفسك ؟ أنت.

ما أدهشني في اكتشافي الجديد للعطف على النفس كان القدرة العظيمة على رؤية نفسي بوضوح، والتعلم من أخطائي بعدما تركت الخوف وتشجعت لرؤية نفسي عن كثب، صرت أرى أخطائي بوضوح أكبر.
رأيت أن لوم نفسي دائما على ضعفي وقلة نضجي كان مهلكة للوقت، وما أجدى نفعا سواء لي أو لغيري. أدركت أنه بالإحسان إلى نفسي أستطيع بدء رحلة الشفاء ما كان داخلي من دفء وسكينة وتوازن عاطفي لم يدخل علي السعادة فقط، بل زادني عطاء.

حكمي على نفسي صعب علي الاعتراف بخطأي.

وقد بدأت أتحول إلى الصورة التي يريدني أن أكون عليها لأنه كانت بي رغبة شديدة في أن أحب وأُقْبْل.

أول خطوة تتخذها لتغيير معاملتك لنفسك أن تلحظ متى تنقد نفسك. قد يأتيك صوت النقد كثيرا - كما هو حال كثير منا - إلى درجة أنك لا تنتبه له حين يكون حاضرا. حين يسوؤك شيء فكر ماذا قلت لنفسك حينها. كن دقيقا ما استطعت وأنت تستمع إلى حديثك الداخلي ما الكلمات التي تستعملها حين تنقد نفسك ؟ هل تجد عبارات تتكرر في حديثك مرارا ؟ ما نبرة صوتك، هل هي فظة أم باردة أم غاضبة ؟ هل يذكرك الصوت بإنسان في ماضيك كان ينقدك؟ (١/٢)

حين نشفق على أنفسنا لما نجد من صعوبة في هذه اللحظة، تصير هذه اللحظة أقل صعوبة مما كانت قبل ثوان ،أذكر مرة أني حزنت حزنا شديدا بعدما قالت في امرأة مقالة سوء،تخيلت أني أثار منها وأفضحها، وأظهر أمام الناس أنها مخطئة، وأجعلها تطأطئ رأسها من الخزي. ومع ذلك زادت هذه التخيلات حالي سوءا ونكأت جرحي مرارا. (١/٢)

حين نعامل أنفسنا بالرفق والمودة نغير في أجسامنا، وكذلك أذهاننا بدلا من الشعور بالقلق والتوتر نشعر بالرضا والاطمئنان والأمان الإحسان إلى النفس يُشعرنا بالأمان عند الشدائد لئلا تكون استجابتننا نابعة من الخوف .
من أيسر السبل إلى تهدئة نفسك والتسرية عنها عند الألم منح نفسك حضنا رقيقا. قد يبدو هذا سخيفا في أول الأمر، ولكن جسمك لا يعي ذلك جسمك يستجيب لحركات الجسم التي تعبر عن الحنان والرعاية استجابة الطفل بين ذراعي أمه.

أنظمة العمل الداخلية المودعة فينا لها تأثير هائل في معاملتنا لأنفسنا إما بالعطف وإما بالاحتقار. وإن أخبرتنا نماذج العمل الداخلية أننا لا نستطيع الاعتماد على الآخرين عند الحاجة، فلن نعتمد عليهم إذن.
الجميل أن نماذجنا الداخلية يمكن تغييرها، فمن كان تعلقه مزعزعًا وهو صغير ولكن وجد حبيبا داعما وهو كبير أمكنه جعل تعلقه وثيقا. تساعدنا علاقات الحب الصحية على إدراك أننا ذوو قيمة ونستحق الرعاية، وأن الآخرين يمكن الوثوق بهم.

أدماغنا وأجسامنا مفطورة على تقديم الرعاية وتلقيها، هذا جزء من موروثنا الجيني. لا تعتمد النجاة على غريزة الكر أو الفر فقط، بل تعتمد كذلك على غريزة الرعاية والمناصرة ، جميع الثدييات مودع فيها نظام تعلق، وهو مجموعة من السلوكات تربط بين مقدمي الرعاية وأطفالها بروابط عاطفية وثيقة. تستغرق الثدييات وقتا وجهدا تعتني بأطفالها، لتضمن أنها تلقت ما يكفي من الطعام والدفء والأمان .عاطفة الرعاية مفطورة فينا (١/٢)

لا يزال في أيدينا خيار غير جلد النفس المستمر عند الإخفاق ولو كان الإخفاق كبيرا هائلا . وهذا الخيار أن نقر بأن الناس جميعا يخفقون في بعض الأحيان وأن نحسن إلى أنفسنا. ربما لم نبذل قصارى جهدنا، ولكننا حاولنا، والسقوط محتوم بل هو أمر يستحق التقدير.
ويرى الذين يريدون الإحسان إلى أنفسهم أن التغيير غير ممكن. هم لا يرون أنهم قادرون على الإحسان إلى أنفسهم لأن النقد صار عادة راسخة فيهم. ولكن نحمد الله أنه ممكن بمجرد الفهم.