Mohamed Abo-Elgheit’s Reviews > الدين والتدين: التشريع والنص والاجتماع > Status Update

..... وهو اتهام سيتصدى له الأحناف اللاحقون، ليس بالدفاع عن صلاحية الاجتهاد بدون حاجة إلى افتعال النص أو التقيد بحرفيته، بل بإنكار أن يكون الاجتهاد قد تم أصلا من دون قرينة نصية. كان الأحناف، بدورهم، قد تأثروا بالإشعاع السلفي (الشافعي الأشعري) الذي طغى على الفقه والأصول في القرنين الثالث والرابع

لقد كرس الشافعي مقولة النصوصية، أي أن النصوص كافية لتغطية الواقع الاجتماعي جميعا ، "كل ما نزل بمسلم ففيه حكم لازم"، ووجه سهام النقد إلى الممارسات الفقهية المبكرة التي لم تكن تؤسس أحكامها بشكل دائم على النصوص، وانصرف النقد بالدرجة الأولى إلى منهجية أبي حنيفة التي ستوصف لاحقا بالاستحسان بحجة أنها تقوم على رأي غير مدعم بقرينة نصية. وهو اتهام سيتصدى له الأحناف اللاحقون، ليس بالدفاع عن صلاحية الاجتهاد ..... يتبع

عند تطور الفقه الحنبلي كانت النظرية الأصولية الشافعية قد امتزجت إلى حد كبير بالموضوع الديني واكتسبت حصانة طاغية وصارت الروايات الإخبارية نصا دينيا تحت مسمى السنة فدخل العرف رسميا في إطار الدين الملزم فغلبت أصوله الاجتماعية وصار ملكا للفقه يفرضه بسلطان النص أو بسلطانه الخاص

يكشف الفقه في مسألة الولاية على المرأة عن الرؤية الاجتماعية التي يصدر عنها، وهي بعينها رؤية الجاهلية العربية التي ظلت سارية بتواصل العرف وبموافقة ضمنية من النصوص. لاحقا وحين ستنكمش تلك الرؤية تحت ضغط التطور الاجتماعي سيظل "الدين" وحده ممثلا في الفقه هو الحاضن لها. والانتصار الحقيقي للدين يكون بالدفاع عن القيم المطلقة التي تحملها النصوص الكلية

الفارق واضح بين النظرة إلى وظيفة النص (الديني) وهو يتنزل كرد فعل للوقائع قطعة قطعة، والنظرة إليه بعد تحوله في عصر التدوين إلى وثيقة مجمعة كنص واحد طويل: ظرفية المعالجات المتفرقة التي بدت طبيعية في ظل النظرة الأولى ستظهر بالضرورة في شكل تناقضات داخل النص الطويل

وإذا كان بإمكاننا الحديث عن انقلاب جذري أحدثه القرآن في مجتمع الجزيرة على مستوى اللاهوت والعقيدة، فلن يكون بإمكاننا الحديث عن انقلاب جذري أو حتى انقلاب كبير على مستوى التشريع والقانون.

كانت السنة تعني "ماجرى عليه العمل" وهذا هو المصطلح الذي كان مستخدما قبل تأصيلات الشافعي، وهو يحمل معنى التواتر العملي المتواصل الغني عن الحاجة إلى تفريد كتابي موثق. وفي هذذا الإطار اعتبر علماء المدينة أن تراثها يمثل على نحو دقيق سنة الرسول الماضية، بينما كثير من الأححاديث يحمل مضامين مغايرة وربما مناقضة لها، ولذلك كانوا يردون الحديث مالم يكون مقترنا بعمل أخذه الخلف ن عن السلف