Mounir’s Reviews > دفتر سيجارة > Status Update

إنه الوهم الذي تراه, تضعه في جيبك [وهل أجمل من وهم تضعه في جيبك]...
الوهم الخالص يستوطن أصابعك وصدرك ورئتيك وشرايينك ليجعلها وهما آخر.. يجعل الحياة كلها وهماً آخر.
وهماً قاتلاً ككل الأوهام الجميلة

وما نغص رحيل صديقي نبيل أنه لم ير بين الذين ودعوه من يحمل ولو سيجارة في فمه. ولو سيجارة مطفأة. فعمد وبطريقة سينمائية, وهو يحب السينما, إلى سحب سيجارة من تحت شرشفه الأبيض. وبابتسامة خافتة وقدمها إلى أحد الذين انحنوا عليه لتوديعه[..] السيجارة كانت ابتسامته الأخيرة, مشهده الأخير

وما ابتلعه من دخان على امتداد سنوات, ترى أين صار ؟ وفي أي بقعة قرر هذا الدخان أن ينتظر يوما بعد يوم, ولحظة بعد لحظة, ونَفَسا بعد نَفَس ؟ وفي أي زاوية ينتحي [...] ويفيض ما يفيض من كائنات خبيثة أو ألوان داكنة, كالحة تمنع ما تمنع من مجارٍ وأخاديد وكمائن وسرائر

المقاهي تشبه السجائر التي يدخنها

يحلم أحيانا بأنه يدخن شجرة بأوراقها وجذعها وزهرها. أو يحلم بأن شجرة طويلة تدخن سيجارة, ويحب أحيانا أن يحلم بأن غيمة تدخن سيجارة أطول من دخانها, ويحب أحيانا أن يحلم بأن حصانا يدخن سيجارة أكبر من صهيله, أو أن سيجارة تدخن حصانا أطول من عَدْوه. وكان يحب أن يحلم أحيانا بأنه يدخن شارعا بكل محاله وضوضائه وناسه, أو شارعا يدخن سيجارة أطول من مدينته. ص. 42

قبل أن يشعلها رفعها أمام عينيه. ثم قلبها ثم حطها على الطاولة بين المنفضة وفنجان القهوة الأبيض والولاعة الزرقاء والورقة والقلم. وضعها بين كل هذه الأشياء وراح يستمتع بالمشهدية الجميلة. هذا هو المتاع الدائم الذي يحمله منذ مدة طويلة: لوحة حية لم تعبث يد بألوانها أو أشكالها

لم تتخلف السيجارة كثيرا عن مرافقته (كأنها ملاكه الحارس) لم تفارقه على امتداد سنواته من المراهقة المبكرة وحتى المشيب. نجحت معه في السيرتيفيكا ثم في البكالوريا وتظاهرت معه في الجامعة وحزنت معه عندما غادره الأحباب والأصدقاء. وهربت معه من منطقة إلى منطقة أثناء الحروب, وخُطفت معه عدة مرات وكتبت معه وقرأت معه وسقطت معه في الخيبات, وهاجرت معه ونجت معه عدة مرات وعادت معه