Abdullah Jazaerli’s Reviews > الإلحاد .. فرضية في أزمة > Status Update

الإنسان بفطرته يحب الاستفسار عن قيمة الأفعال ومقياسها
فالأخلاق أمر ضروري يحكم الأفعال والسلوك البشري

إن الدين هو الضمان الوحيد للرقابة الأخلاقية والإلزام الأخلاقي
فالأخلاق رغم ضرورتها إلا أنها من حيث مكوناتها المجردة ليست ملزمة للإنسان مع كونها ضرورية لبقاء حياته

يقول هتلر: الأخلاق جاءت لتحسين حياتنا
ولكن متى تعرضت الحياة للخطر فسنكون في حرب مفتوحة لا مجال فيها للأخلاق
لأن الموضوع لم يعد يتعلق بالتحسين بل بالوجود

إن أدرت أن تضع نفسك بمثابة البديل عن فكرة ما
فعليك أن تقدم أجوبة مقنعة عن الأسئلة التي يجيب عنها ذاك الفكر الذي تحتقره
لا يمكنك أن تتبجح بقولك: لا أعرف، وفي نفس الوقت تنسف باقي الآراء بلا دليل ولا برهان منطقي

ومن يدعي أن العلم محايد ولا يعلم كيف نشأت الحياة، وأن الفلسفة والأديان هي التي تتبجح بأنها تعرف الإجابة، هو في الحقيقة جاهل بطبيعة السؤال
لأن مشكلة نشأة الكون فلسفية بامتياز لا يمكن للعلم التجريبي الإجابة عنها

الفلسفة هي أمر متجذر في العقل البشري
فحتى بعض الملاحدة الجدد الذين يحاربون الفلسفة فإنهم يتفلسفون لحربها
فالفلسفة فكر لا يمكن الهروب منه بأي طريقة من الطرق
حتى كلمة هوكنج (لقد ماتت الفلسفة) هي فلسفة في حد ذاتها
فالعلم التجريبي لا ينطق كما قلنا

لذلك يستغل بعض الملاحدة بعد الناس عن المعارف الفلسفية فيتلاعبون بالكلمات ويستغلون جمالية الفلسفة في نصر ما يذهبون إليه
وهو استغلال ظاهري سطحي غير عميق، بعيد عن حقيقة الفلسفة

يقول هنري بوانكاريه: نحن ننشئ العلم انطلاقا من الوقائع كما نبني بيتا من الحجارة
كما أن تكديس الوقائع لا يكون علما إلا على قدر ما يكون ركام الحجارة علما

فالملحد يناقش النظريات العلمية ويعرضها ويكدسها مع بعضها على نحو مبهر ليصل إلى نتيجة يشير إليها بكل ثقة قائلا: ليس هناك إله

إن الإشكالية هي في عدم طرح المجال المناسب لمناقشة الفرضية
فلا يصلح مناقشة فرضية فيزيائية في مجال أحيائي وهكذا

دوكنز وغيره من الملاحدة لا يتعاملون مع العلم التجريبي على أنه علم صامت يأتي بالنتائج ولا يتكلم
علم همه الأول والأخير التحقق من صدق الادعاءات التجريبية والعلمية
بل يتعاملون معه على أنه عقيدة إيمانية
فتجدهم يصفون بعض الوقائع العلمية والنظريات التجريبية ليستنتجوا منها نفي الدين والإله

يصف دوكنز من يدافع عن أفكاره من المتدينين بالنفعية
وأن الدين لو كان نافع لهم لما دافعوا عنه

ولم يدر دوكنز أن الملحد بالدرجة الأولى هو نفعي
فما هو الدافع للملحد لاعتناق أفكاره؟ سيكون جوابه نفعي بحت

دوكنز - كمثال على الملحد - ليست له رؤية واضحة للجواب عن سؤال نشأة الحياة والكون
فهو يرجعه إلى أمور متناقضة:

- الصدفة المتمثلة بالتطور والانتقاء الطبيعي
- اللاشيء كما فعل كراوس وتبناه دوكنز في وهم الإله
- اللاأدرية من خلال القول بأن هناك الكثير مما لا نعلمه وأن العلم فيه ثغرات وأمامه الكثير لينجزه

وهذه الأجوبة متناقضة
إن الملحد يفعل ذلك مع كل ما يعزز موقفه النفعي

الفرضية هي فكرة أو تفسير لشيء ما منطلق من حقائق معلومة ولكن لم يتم التحقق منها بعد

الملحد يفرغ وسعه محاولا تفسير نشأة الحياة منطلقا من افتراض أنه لا يوجد إله
ثم يبدأ بالبحث عما يؤيد هذه الفرضية
لكن هناك أمور يمارسها الملحد أثناء طرحه للفرضية يخرجها عن كونها فرضية ويتم التعامل معها بالقطعية وهذا إشكال كبير

دوكنز في إحدى حواراته يحاول تجنب سؤال الغاية الوجودي المهم ويقول بأنه غير جدير بالاهتمام، مع إقراره بأنه سؤال ملح جدا
وكذلك بالنسبة للضبط الدقيق في الكون

ما الذي يعطيه الحق في أن يفعل هذا؟
أليس من المفترض أن العلم لا يستبعد الفرضيات
وأنه صامت لا يتكلم وأن وظيفته التحقق من الفرضيات
فعلى أي أساس يقوم دوكنز بتنحية هذه الأسئلة؟

إنها طريقة كنسية بامتياز فليس لأحد الحق في تفسير أي شيء إلا الملحد

اللاشيء عند الملحد له مفهوم خاص يتجسد بصور مختلفة ويعكس خواء المنظومة الإلحادية من أي فكرة مركزية يحملها
فالملحد منسلخ من أي أصول مركزية ينافح عنها

اللاشيء هو التخلص من الأجوبة التي تشكل أزمة للعقلية الإلحادية

اللاشيء فكرة قد يعبر عنها بعدم الاكتراث
أو بالفجوة العلمية التي ترمي كل شيء على أن العلم سيكتشف ذلك لاحقا
أو بالتجاوز عن الأمور التي يراها معقدة
وقد يسيطر على إجابات الملحدين ويدفعهم للجمع بين المتناقضات