Abdullah Jazaerli’s Reviews > الإسلام والعلم > Status Update

بين التدبير الإلهي والتدخل الإلهي

القول الصحيح في المسألة هو أن صفات الأشياء وخصائصها وقوانين العالم ونواميس الكون حقيقية، ليست وهما أو عادة ذهنية، لكنها تحت حكم الله خاضعة له ينفذها متى يشاء ويبطلها متى يشاء، له الخلق وله الأمر وهو فعال لما يريد

نحن في استدلالنا بمعطيات العلم أو المكتشفات العلمية على وجود الله لا نزعم أننا جعلنا قضية وجود الله موضوعا علميا يخضع للمجهر أو التلسكوب أو جهاز كشف الإشعاع! بل مقصودنا أن هذه المعطيات العلمية هي في حقيقتها مقدمات تقودنا عبر الاستدلال العقلي السليم إلى وجود الله

فالعلم يبحث في المخلوقات، والمخلوقات تدل على الخالق، فالعلم إذن يدل على الخالق

يعتبر باب الخلط بين التفسيرات الغائية الإلهية والتفسيرات الكونية الطبيعية من أعتى أبواب الضلال في فهم الرؤية الإيمانية الصحيحة

فنحن نؤمن أن الله أودع في الأشياء صفات وخصائص وأسباب حقيقية، والله من فوقهم بإرادته ومشيئته يقدّر ويخلق
فإذا وجدنا لظاهرة ما سببا كونيا ماديا فهذا لا ينقض خالقية الله بل يؤكدها ويرسخها
فلا شك أن الله هو الخالق وأن الأسباب المادية من خلقه

إذا كان المكذب بما لم يعلمه بوجه من الوجوه مذموما في الشرع، كما هو مخالف للعقل، فكيف بالمكذب بما لم يعلمه بحسه فقط (الفلسفة المادية)؟ وإذا كان عدم العلم ليس علما بالعدم، فكيف يكون عدم الإحساس علما بالعدم؟

بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله

ما الدليل على أنه لا يوجد إلا المادة؟ إنما هي فرضية لا يوجد دليل علمي أو عقلي على صحتها

العلم المادي ومؤسساته يسيرون على خطى الفلسفة المادية
فنقطة البداية عندهم ليست هي السؤال أو الحياد، بل هي الإجابة
فلديهم إجابة مسبقة على سؤال وجود الخالق
في الحقيقة هي ليست مجرد إجابة مسبقة بل اعتقاد راسخ

هذا الموقف المبدئي يجعل الأمر في حقيقته ليس بحثا عن الحقيقة، بل سعيا لتبرير الإلحاد وتسويغه
هنا يقفز إلى الذهن مصطلح التبرير، فالدليل في حالة التبرير ليس شيئا حياديا موضوعيا بل منتقى بعناية لترسيخ القناعة المسبقة