Marwa’s Reviews > أمريكا والإبادات الجماعية > Status Update

"بعد الإبادة الجسدية التي ارتكبها الإنجليز في حق ٤٠٠ شعب من شعوب شمال أمريكا، تابعت هوليود وأدبيات التاريخ الأمريكي المنتصر هذه المسيرة على المستوى الحضاري. فأعادت خلق الضحايا خلقاً لا يبقي إلا ما يشيع الفرح بإبادتهم ويجعل من قتلهم تسلية للأطفال وتزجية للوقت. لم يكن أدب ذلك التاريخ المنتصر إلا سلاحاً آخرا من أسلحة الإبادة؛ سلاحاً سياسياً قاتلاً يستدرك ما لا يُذبح بالسكين، سلاحاً يبرر الجريمة ويغسل الأدمغة."

تقريبا مفيش وسيلة اتبعها المستعمرون الإنجليز للتخلص من سكان أمريكا الأصليين إلا ونفذتها إسرائيل. من ضمن الوسائل "كمين الاتفاقيات"، فبعد ما تم تطهير الشرق الأمريكي من الهنود ودفعهم دفعا لغرب نهر المسيسيبي ووعدهم بأن هذه الأراضي أصبحت مخصصة لهم، انهار هذا الوعد بعد سنوات وفبركت الحكومة معاهدة يتخلى فيها الهنود عن ٩٠٪ من أراضي السهول الوسطى، ولما أبرز الهنود المعاهدة الأصلية اتهموا بخرق الاتفاقية واعتبر تصرفهم إعلان حرب

"إن ثقافة الهنود الحربية التي لا تؤمن بالعنف كانت سببا في مقتلهم وحجر زاوية في الإبادة التي تنتمي إلى أخلاق مختلفة تماما. عندما أعلن كورتيس للهنود أنه جاء إليهم في مهمة سلمية صدقوه ورحبوا بهذا الغازي الدموي وفتحوا له دورهم ومناجمهم. فمن قواعد الحرب بين الهنود أن إعلان السلام لا يعني شيئاً إلا السلام، وهكذا اطمأن الهنود إلى أن كورتيس جاء في مهمة سلام. إنهم لم يستطيعوا أن يفهموا لماذا يعلن الأوروبى شيئا ولا يتقيد به".

في أواخر القرن ال١٩ وقبل مذبحة Wounded Knee الشهيرة بأيام كتب فرانك باوم يدعو إلى الإبادة "إن أصحاب البشرة الحمراء قد أبيدوا ولم يبق منهم إلا مجموعة صغيرة من كلاب هجينة تعض اليد التي تطعمها ولا تتوقف عن النباح، أما البيض فإنهم بحكم الغلبة وبقضاء الحضارة أسياد القارة الأميركية، وإن أمن الثغور يجب أن يتحقق بالإبادة الكاملة لما تبقى من الهنود إن موت هؤلاء الأشقياء خير لهم من الحياة" - بدون مبالغة كل صفحتين مذبحة!!

"بدأت دعوات الإبادة الشاملة تعلو عندما لم يكن في كل الشمال الأميركي سوى ألفي إنجليزي ثم ازدادت هذه الدعوة حدة وجنوناً حين تأكد الإنجليز أن الهنود قد يرحبون بهم ضيوفاً ويعيشون معهم بسلام، لكنهم لن يتنازلوا طوعاً عن أراضيهم، ولن يتقبلوا فكرة السخرة والاستعباد. وكانت كل بادرة لمقاومة هذا الجشع والتعصب برهاناً إضافياً على صدق الدعوى بأن الهنود متوحشون عدوانيون لا تنفع معهم إلا الإبادة" ـ نفس سيناريو الإبادة في فلسطين.

واضح إن أساس أي إبادة جماعية هو الزعم إن الشعب المراد إبادته مش موجود! فعلتها إسرائيل بالترويج لأكذوبة أرض بلا شعب، وفعلتها أمريكا حين ظلت مؤسسة سميثسونيان الثقافية الرسمية تؤكد أن عدد سكان أمريكا الشمالية عند قدوم كولومبس لم يتجاوز المليون، ثم تبرعت بمليون إضافي بعد التشكيك في هذا الرقم. في الخمسينات وبناء على أبحاث علمية اتضح إن كان عددهم ١٠٠ مليون في أمريكا الشمالية، منهم ١٨,٥ مليون في الولايات المتحدة الأميركية.

يعد أن أبادوا السكان الأصليين بالجدري، أرسل حاكم أول مستعمرة بأمريكا خطابا مطمئنا لإنجلترا يخبرهم أن ال ٤٠٠٠ مستوطن في صحة جيدة "لأنه لم يمت منهم سوى اثنين وبعض الأطفال، ولم يتعرضوا للأوبئة. أما السكان الأصليون فقد ماتوا جميعاً تقريباً بالجدري. وبذلك أعطانا الله صك ملكية هذه الأراضي". اللي ارتكب أكبر إبادة جماعية في التاريخ في حق سكان أمريكا الأصليين، يستحيل يعترف بإبادة جماعية تتم بالطريقة نفسها في غزة.