الدين Quotes
الدين: بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان
by
محمد عبد الله دراز497 ratings, 4.11 average rating, 111 reviews
الدين Quotes
Showing 1-25 of 25
“ان النفس الإنسانية ليس يشفيها في تفهمها للأشياء أن تصعد إلى أسبابها ومقدماتها، بل لا بد لها بعد ذلك من أن تنحدر معها إلى غاياتها ونهاياتها، وتستفسر عن مقاصدها وأهدافها. فليس يكفيك لكي تحيط بالشيء خبرا أن تعرف نشأته دون أن تعرف مصيره، ولا أن تعرف كيف كان؟ دون أن تعرف لم كان؟ أليست هذه المطالبة النفسية الحثيثة دليلا على ما هو مركوز في الجبلة من الاقتناع بأن الحوادث الكونية تسير على خطة مرسومة وأن القوة المدبرة للأشياء تهدف منها إلى غاية معينة، وأنها لا تسير بمحض الصدفة العمياء والاتفاق التحكمي.”
― الدين: بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان
― الدين: بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان
“هكذا ولدت الحياة النفسية بين وخزات الألم والإخفاق. أليست كل ولادة تصحبها الآلام والدموع؟”
― الدين: بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان
― الدين: بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان
“لقد تختلف العبارة ونوع الشعور؛ ولكن الهزة الدينية التي تزلزل الإنسان هي في جوهرها شيء واحد. فكل أحد، حين يكف عن التفكير في عجزه وجهله وفنائه، وحين يجمع أمره - صابرا مستسلما - على أن يقضي الحياة كما هي، يشعر رغما عنه بزفرة يفيض بها صدره، وتكاد تنطق بها شفتاه؛ وما هي في الحقيقة إلا فاتحة دعاء ومناجاة.”
― الدين: بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان
― الدين: بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان
“إذا كان الدين حقا والعلم حقا وجب أن يتصادقا ويتناصرا. أما إذا تكاذبا وتخاذلا فإن أحدهما لا محالة يكون باطلا وضلالا.”
― الدين: بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان
― الدين: بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان
“إما كيف تتحرر العقول من هذا الأسر الاجتماعي القاهر، فإن القرآن يعلن أنه ليس لذلك إلا وسيلة واحدة، وهي التفكير الفردي الهاديء، المتحرر من كل القيود إلا قيود البداهة والمنطق السليم: ( قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا) #سبأ
تأمل جيدا هذه الوصية الحكيمة، تر فيها وصفا للداء والدواء جميعا: فهي قبل كل شيء تقرير ضمني للحقيقة الواقعة، وهي أن العقل الجمعي يطبع عقول أعضائه بطابعه المشترك، ويجعلهم يفكرون عند اجتماعهم بأسلوب مخالف لتفكيرهم عند الانفراد؛ ولذلك تدعو الآية الكريمة كل فرد من الجماعة أن يخلو بنفسه أو برفيق واحد (مثنى وفرادى) ليكون في بعض اللحظات بعيدا عن تأثير البيئة وتيارها الجارف، وإلى جانب هذا الاعتراف بسلطان العقل الجمعي ونفوذه الفعلي في الأفراد، تشير الآية إلى أن ما تقرره هذه العقلية المشتركة ليس هو دائما أقرب المقررات للصواب؛ ولذلك تخول كل فرد حقه في الحرية الفكرية والنقد النزيه لهذه المقررات العامة، استصلاحا لما فيها من زيغ وانحراف، واستبقاءا لما فيها من خير ورشاد.”
― الدين: بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان
تأمل جيدا هذه الوصية الحكيمة، تر فيها وصفا للداء والدواء جميعا: فهي قبل كل شيء تقرير ضمني للحقيقة الواقعة، وهي أن العقل الجمعي يطبع عقول أعضائه بطابعه المشترك، ويجعلهم يفكرون عند اجتماعهم بأسلوب مخالف لتفكيرهم عند الانفراد؛ ولذلك تدعو الآية الكريمة كل فرد من الجماعة أن يخلو بنفسه أو برفيق واحد (مثنى وفرادى) ليكون في بعض اللحظات بعيدا عن تأثير البيئة وتيارها الجارف، وإلى جانب هذا الاعتراف بسلطان العقل الجمعي ونفوذه الفعلي في الأفراد، تشير الآية إلى أن ما تقرره هذه العقلية المشتركة ليس هو دائما أقرب المقررات للصواب؛ ولذلك تخول كل فرد حقه في الحرية الفكرية والنقد النزيه لهذه المقررات العامة، استصلاحا لما فيها من زيغ وانحراف، واستبقاءا لما فيها من خير ورشاد.”
― الدين: بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان
“رغبة العلم تنتهي بالاعتراف بالجهل؛ ورغبة الاستمتاع تنتهي بالتقزز، كأنها تحمل في نفسها جرثومة فنائها؛ والإسراف في الحرص على السعادة يذهب براحة الطمأنينة والرضى، ويزيد الألم شدة.
فأين المفر؟”
― الدين: بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان
فأين المفر؟”
― الدين: بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان
“ولسنا ننكر أن تكون هناك عقيدة معينة قد استحدثت في عصر ما، أو أن يكون ثمة وضع خاص من أوضاع العبادات قد جاء مجاوبا مصنوعا. فذلك سائغ في العقل، بل واقع بالفعل. أما فكرة التدين في جوهرها فليس هناك دليل واحد على أنها تأخرت عن نشأة الإنسان.”
― الدين: بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان
― الدين: بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان
“فإذا انفردت الفلسفة في حكم لم يؤمن عليها العثار، وإذا التقى العقل والوحي على أمر فقد اتصلت مشاعل الليل بضوء النهار، (نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء) .”
― الدين: بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان
― الدين: بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان
“فإذا رأينا فيلسوفا يدعو إلى مذهبه، ويحمل الناس على اعتناق رأيه، علمنا أن فكرته قد أصبحت إيمانا، وأنه قد خلع ثوب الفيلسوف ليحمل أعباء الأنبياء والمرسلين، وإذا رأينا متدينا ينطوي على نفسه، ولا يبالي بما يجري حوله من ضلال في الرأي، أو فساد في العمل، كان لنا أن نحكم بأن نار إيمانه قد استحالت رمادا، أو أنها قد كمنت تحت أكداس من الرماد.”
― الدين: بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان
― الدين: بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان
“إن هذه العقول الفسيحة الأفق تطلب دائما تحت كل اختلاف ائتلافا، ومن وراء كل كثرة وحدة؛ ولذلك تأبى الوقوف عند المقاييس النسبية، والتفسيرات الجزئية، ولا ترضى بآحاد القوانين حتى تسمو إلى قانون القوانين؛ بل إنها لتستشرف إلى اليد التي جمعت تلك القوانين ونسقتها، وجعلتها تتعاون على أداء الوظيفة المشتركة لهذا البنيان الكوني.”
― الدين: بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان
― الدين: بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان
“إن شعورنا بالتبعية المطلقة هو شعورنا بحضور السر الإلهي فينا. هذا هو الينبوع العميق الذي تفيض منه الفكرة الإليهة بقوة لا تقاوم.”
― الدين: بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان
― الدين: بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان
“هكذا تتولد العقيدة الإلهية، والحركة العبادية، من تزاوج مبدأين نفسيين أحدهما غريزة عقلية، وهي غريزة التلطع لفهم الطبيعة، والثاني حاسة وجدانية، وهي حاسة التذوق الفني لما في الطبيعة من جمال وجلال.”
― الدين: بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان
― الدين: بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان
“أجل! من ذا الذي يستطيع أن يبعد عن نفسه هذا الشعور؟ أليس حظنا من القدر قد رسم دون استشارتنا، فقضى علينا أن يكون وجودنا في زمان ومكان معينين. وترك لنا ميراثا من الملكات والطبائع لم يكن لنا فيه شيء من الاختيار؟ بل إننا لا نجد في أنفسنا ولا في أية مجموعة أخرى من الكائنات الفردية السبب الكافي لوجودنا، ولا غايته النهائية المعقولة، ولذلك نجد أنفسنا مضطرين إلى أن نبحث عن هذا السبب وهذه الغاية خارجا عنا، في الوجود العام. وما التدين إلا الاعتراف بهذه التبعية في تسليم وخضوع.”
― الدين: بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان
― الدين: بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان
“على أنه في الحالة التي يكون فيها الباعث على العبادة هو الشعور بتلك الحاجة، والتي يتحول فيها معنى العبادة من التسبيح والتقديس إلى التماس الحماية - نقول أنه حتى في هذه الحالة - لا يجعل العابد من عبادته وسيلة يقينية للحصول على مأربه، كأنها عملية حسابية، أو قياس منطقي، أو تجربة مفروغ منها لا بد أن تؤتي ثمرتها، لأن التدين ينطوي دائما على اعتقاد أن القوة المتوجه إليها لا تصدر في تصرفاتها إلا عن مشيئتها المستقلة. ولذلك نلاحظ في توجهاته شعورا مزدوجا، هو مزيج من الاستسلام والرضى بما يقع، والأمل والرجاء فيما يتوقع. وإذا كان اللاعب المغامر لا يعد نفسه فاشلا لمجرد تكرر خسارته، ولا ييأس من مؤاتاة الحظ له بالربح في فرصة قريبة أو بعيدة، فالمؤمن أحق بتنحية عوامل اليأس من حسابه، وإرخاء حبل الأمل لنفسه إلى آماد بعيدة في حياته أو بعد مماته، بل المؤمن الصادق حين يلتجيء إلى ربه، ويناجيه برغائبه ومخاوفه، يجد في هذه التوسلات والدعوات نفسها شفاءا وراحة هو عليهما أشد حرصا منه على موضوع شكواه. وحسبه أنه في هذه الانبعاثة يعبر تعبيرا واعيا صادقا، بأقواله وأفالعه وأحواله، عن مبلغ إدراكه للحقائق، ومدى شعوره بالتفاوت بين ضعف المخلوق وقوة الخالق، وأنه بذلك الإدراك وهذا التعبير يحقق المهمة العليا للإنسان في هذه الحياة. فسواءا عليه بعد ذلك أن تصادف دعوته قبولا أو ردا، فقد أصاب من قبل حاجته الكبرى بهذا الخضوع الذي هضم به كبرياء نفسه، ووضع به كل شيء في موضعه، وبهذه العبودية التي أتم بها تصفية روحه وإنضاج فطرته، وتلك هي قرة عين المؤمن، والهدف الأسمى للمتعبدين.”
― الدين: بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان
― الدين: بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان
“وإذا كان الإعجاب بالأثر الفني البارع، يحمل الإنسان بفطرته على التساؤل عن الفنان الذي أبدعه، ويحفزه إلى التوجه بفكرته إليه، سواءا أعرف شخصه أم لم يعرفه، ليعبر له عن هذا الشعور والتقدير، أليس الإعجاب ببدائع الملكوت أحق بأن يتحول إلى مناجاة مبدعه، والإفضاء إليه بعبارات التبجيل العميق، والتقديس البليغ؟ وهل العبادة في جوهرها ولبها إلا ذلك؟”
― الدين: بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان
― الدين: بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان
“فإذا صح ما يقال من أن الإنسان كان في بدايته قانعا بكهف يؤويه، وجلد حيوان يستر به بشرته، وشيء من الأعشاب يدفع مخمصته، ألا تكون قلة مشاغله ومطامحه المادية قد تركت في نفسه فراغا عميقا للتأملات التي ترهف حاسته الدينية، وتنمي مشاعره الروحية العليا؟ كما أن اشتغال الناس في عصور المدنيات بترف الحياة الجثمانية، يؤدي إلى عكس هذه النتيجة ذلك أن الغرائز المتقابلة تضعف وتتقلص، بقدر ما تنمو وتقوى أضدادها، ككفتي الميزان: لا ترتفع إحداهما إلا انخفضت الأخرى.”
― الدين: بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان
― الدين: بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان
“إنه من الممكن أن تكون الخرافات القديمة بداية ديانات، كما يمكن ان تكون نتيجة تحلل وتحريف لديانة صحيحة سابقة مزقت أهلها الحروب، أو أفسدتهم الآفات الاجتماعية، فقلت عنايتهم بأصول دينهم، وتلقوا بالتسليم والقبول كل ما سمعوه من أفواه الأدعياء والدجالين، وشاعت بينهم هذه الروايات وتوارثوها حتى أصبحت سننا مقدسة.”
― الدين: بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان
― الدين: بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان
“فالإنسان مقود أبدا بفكرة صحيحة أو فاسدة. فإذا صلحت عقيدته صلح فيه كل شيء؛ وإن فسدت فسد كل شيء.
أجل إن الإنسان يساق من باطنه لا من ظاهره، وليست قوانين الجماعات ولا سلطان الحكومات بكافيين وحدهما لإقامة مدينة فاضلة تحترم فيها الحقوق، وتؤدى فيها الواجبات على وجهها الكامل؛ فإن الذي يؤدي واجبه رهبة من السوط أو السجن أو العقوبة المالية، لا يلبث أن يهمله متى اطمأن إلى أنه سيفلت من طائلة القانون.
ومن الخطأ البين أن نظن أن في نشر العلوم والثقافات وحدها ضمانا للسلام والرخاء، وعوضا عن التربية والتهذيب الديني والخلقي، ذلك أن العلم سلاح ذو حدين: يصلح للهدم والتدمير، كما يصلح للبناء والتعمير، ولا بد في حسن استخدامه من رقيب أخلاقي يوجهه لخير الإنسانية وعمارة الأرض. لا إلى نشر الشر والفساد.
ذلكم الرقيب هو العقيدة والإيمان.”
― الدين: بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان
أجل إن الإنسان يساق من باطنه لا من ظاهره، وليست قوانين الجماعات ولا سلطان الحكومات بكافيين وحدهما لإقامة مدينة فاضلة تحترم فيها الحقوق، وتؤدى فيها الواجبات على وجهها الكامل؛ فإن الذي يؤدي واجبه رهبة من السوط أو السجن أو العقوبة المالية، لا يلبث أن يهمله متى اطمأن إلى أنه سيفلت من طائلة القانون.
ومن الخطأ البين أن نظن أن في نشر العلوم والثقافات وحدها ضمانا للسلام والرخاء، وعوضا عن التربية والتهذيب الديني والخلقي، ذلك أن العلم سلاح ذو حدين: يصلح للهدم والتدمير، كما يصلح للبناء والتعمير، ولا بد في حسن استخدامه من رقيب أخلاقي يوجهه لخير الإنسانية وعمارة الأرض. لا إلى نشر الشر والفساد.
ذلكم الرقيب هو العقيدة والإيمان.”
― الدين: بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان
“ما هذه إذا تلك القوة الغلابة، التي لا تزيدها المقاومة إلا عنفا واشتعالا، والتي تقهر في النهاية أنصارها وأعداءها على السواء؟ أليست هي قوة الفطرة التي إن تورق وتثمر كلما عاودها الربيع فبلل ثراها. وسقي أصولها؟ بلى! وإن هذا الربيع قد تكفي منه قطرة، وربما تبلور في نظرة. فما هي إلا طرفة من تأمل الفكر، أو لحظة من يقظة الوجدان، أو أزمة من صدمات العزم.. فإذا أنت تسبح بخيالك في عالم الغيب الذي من خرجت، أو في عالم الغيب الذي إليه تصير.”
― الدين: بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان
― الدين: بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان
“إن من الخطأ أن يعتمد الناس على تقدم العلوم الطبيعية في إنقاذهم من هذا البؤس والحرمان، فإن العلم بدلا من أن يلطف من هذه المناقضة العتيدة، يزيد في حدتها، ويشحذ سلاحها الفتاك. ذلك أن كل اكتشاف علمي يضم حلقة جديدة إلى سلسلة الأسباب الضرورية، التي لا بد منها في نظام الأشياء واتساقها وثباتها، فيزيد بذلك قيدا في حريتنا، وغلا في أعناقنا،ولا نزال نتقدم في هذه السبيل، حتى نصل إلى المناقضة العامة بين العلم والعمل، بين التفكير والحركة، بين قوانين الطبيعة وقوانين الأخلاق، وهكذا نقيم حربا داخلية بين ملكات النفس، وننتهي إلى شعور اليأس من قيمة الحياة.”
― الدين: بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان
― الدين: بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان
“ان شعور الرهبة والخوف من القوى العلوية لا يكفي وحده لتفسير الفكرة الدينية، ولا بد له من شعور آخر يوازنه ويلطف من حدته. ذلك أن الخوف إذا استأثر بالنفس سحق الإرادة، وشل الحركة، وولد اليأس. ومن وقع فريسة للرعب أن لم يتصور إمكان الخلاص لم يفكر في البحث عن عون ينقذه من الخطر الذي وقع فيه. فلا بد لتحقيق الشعور الديني من مقاومة الخوف والرهبة بما يعادلهما من الأمل والرجاء، اللذين يبعثان على الدعاء والتضرع. وهذه هي حقيقة التدين.”
― الدين: بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان
― الدين: بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان
“واعلم أن عموم الأديان لجميع الأمم لا يعني عمومها لكل أفرادها، فإنه لا تخلو أمة من وجود (ذاهلين) قد غمرتهم تكاليف الحياة وأعباؤها، إلى حد أنهم لا يجدون من هدوء البال وفراغ الوقت ما يمكنهم من رفع رءوسهم للنظر في تلك الحقائق العليا؛ كما لا تخلو أمة من (منكرين ساخرين) يحسبون الحياة لهوا ولعبا، ويتخذون الدين وهما وخرافة، لكن هؤلاء دائما هم الأقلون في كل أمة، وهم في الغالب من المترفين الذين لم يصادفهم من عبر الحياة وأزماتها ما يشعر نفوسهم معنى الخضوع والتواضع، وما ينبه عقولهم إلى التفكير في بدايتهم ونهايتهم، وهذا الاستثناء من القاعدة لا ينفي كمون الغريزة الدينية بصفة عامة في طبيعة النفس الإنسانية، كما أن غريزة بقاء النوع لا يمنع من عمومها أن بعض الناس لا يزوجون ولا ينسلون.”
― الدين: بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان
― الدين: بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان
“يحق لنا السؤال عن تفسير تلك المصادمات العنيفة، التي ظهرت في التاريخ غير مرة، بين العلوم والأديان، لا نعني الصراع الصوري الذي يستغل في اسم العلم أو الدين أحيانا، ليكون ستارا للمقاصد الخفية، والمطامح المختلفة، من الثروة، والنفوذ، والجاه، وسائر المصالح العاجلة، كما لا نعني الصراع الحقيقي الدائم بين النزعات الروحية السامية، التي تدفع إلى التضحية وضبط النفس والاعتدال، وبين النزعات المادية المضادة التي تهدف إلى الفوضى والإباحة والاستئثار، وإنما نطلب تفسير تلك المعارضة الفكرية التي تقع بحسن نية بين المعسكريين العلمي والديني، فتقف كل واحدة منهما موقف التكذيب والإنكار لما عند الآخر.”
― الدين: بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان
― الدين: بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان
“لو أمعنا النظر في الفرق بين حقيقة المعرفة وحقيقة الإيمان، وفي الفرق بين القوة النفسية التى تقوم بوظيفة المعرفة، والقوة النفسية التي تقوم بوظيفة الإيمان، فالواحد من الناس قد يدرك معنى الجوع والعطش، وهو غير محس بآلامها، وقد يفهم معنى الحب والشوق، وليس من أهلهما، وقد يرى الأثر الفني البارع فيفهم أسراره، ويقف على دقائق صنعه، ولكنه لا يتذوقه، ولا يتملك قلبه الإعجاب به، وقد يعرف لفلان فضل عقل أو حزم، أو أدب أو سياسة، أو أولئك جميعا، ولا يشعر نحوه بعاطفة ولاء، ولا رابطة مودة، بل يكاد يغص فؤاده بهذه الفضائل حقدا وحسدا، ويكاد ينكر قلبه ما تراه عيناه. هذه كلها ضروب من العلم والمعرفة يهديها إلينا الحس، أو الفكر، أو البديهة، أو الحدس، فتلاحظها النفس وكأنها غريبة عنها، أو تمر بها عابرة فتمسها مسا جانبيا لا يبلغ إلى قرارتها، أو تختزنها وتدخرها، ولكنها لا تهضمها ولا تتمثلها، كل حالة نفسية تقف بالأفكار والمباديء عند هذه المراحل ليست من الإيمان في قليل ولا كثير، الإيمان معرفة تتجاوب أصداؤها في أعماق الضمير، وتختلط مادتها بشغاف القلوب فلا يجد الصدر منها شيئا من الضيق والحرج، بل تحس النفس فيها ببرد وثلج. إن الإيمان تذوق ووجدان يحمل الفكرة من سماء العقل إلى قرارة القلب، فيجعلها للنفس ريا وغذاءا يدخل في كيانها. ويصبح عنصرا من حياتها. فإذا كان موضوع الإيمان الحقيقة الكبرى، والمثل الأعلى، فهنالك تتحول الفكرة قوة دافعة، فعالة، خلاقة، ولا يقف في سبيلها شيء في الكون إلا استهانت به حتى تبلغ هدفها.
ذلك هو فصل ما بين الفلسفة والدين. غاية الفلسفة المعرفة؛ وغاية الدين الإيمان. مطلب الفلسفة فكرة جافة، ترتسم في صورة جامدة؛ ومطلب الدين روح وثابة، وقوة محركة.”
― الدين: بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان
ذلك هو فصل ما بين الفلسفة والدين. غاية الفلسفة المعرفة؛ وغاية الدين الإيمان. مطلب الفلسفة فكرة جافة، ترتسم في صورة جامدة؛ ومطلب الدين روح وثابة، وقوة محركة.”
― الدين: بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان
“وجملة القول إن العقول السامية تشرئب دائما من وراء الحقائق الجزئية الحائلة الزائلة، إلى حقيقة كلية أزلية أبدية، حقيقة لا يحويها شيء من العلوم والمعارف، ولكنها تتشوف إليها كل العلوم والمعارف وتلك الحقيقة التي تفردها الأديان العليا بالتقديس، ولا تنكرها سائر الأديان وإن أشركت معها في هذا التقديس بعض الحقائق الجزئية الفانية.
إن هذا الشوق الغريزي إلى الأزلي الأبدي، وهذا الطلب الحثيث للكلي الا نهائي، له دلالتان عميقتان: إحداهما دلالته على مطلوبه، لا كدلالة الحركة القسرية على مصدر جاذبيتها كما يقول أرسطو، بل كدلالة الأثر على صانعه، أو الخاتم على طابعه (حسب تعبير ديكارت). وثانيهما دلالته على أن في الإنسان عنصرا نبيلا سماويا خلق للبقاء والخلود، وإن تناساه الإنسان وتلهى عنه حينا، قانعا بالدون من الحياة الجثمانية المنحطة.”
― الدين: بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان
إن هذا الشوق الغريزي إلى الأزلي الأبدي، وهذا الطلب الحثيث للكلي الا نهائي، له دلالتان عميقتان: إحداهما دلالته على مطلوبه، لا كدلالة الحركة القسرية على مصدر جاذبيتها كما يقول أرسطو، بل كدلالة الأثر على صانعه، أو الخاتم على طابعه (حسب تعبير ديكارت). وثانيهما دلالته على أن في الإنسان عنصرا نبيلا سماويا خلق للبقاء والخلود، وإن تناساه الإنسان وتلهى عنه حينا، قانعا بالدون من الحياة الجثمانية المنحطة.”
― الدين: بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان
