شريف لطفي's Blog

December 3, 2019

الإقلاع

في صباح الثلاثين من شهر فلوريال من العام السادس (19 مايو 1798) انطلق المدفع معلنا بدء الرحلة التي مازلنا نجهل وجهتها. تحركت السفينة فرانكلان التي أنا على متنها مع عدد غير صغير من العلماء الفرنسيين الذين لهم اسهامات يشهد لها تاريخ هذا الوطن. كان الأسطول مكون من أربعمائة سفينة حربية تحركت في موكب مهيب خارجة من ميناء طولون   وكانت لوريان – سفينة القائد العام بونابرت – هي آخر سفينة تخرج من الميناء إلى عرض البحر الواسع.كانت السفينة من الكبر أن القبطان اضطر أن يقوم بمناورات عديدة نتيجة معاكسة الريح لها. وأخيرا وفي الساعة السابعة والنصف كانت لوريان قد خرجت من الميناء وبدأنا الإبحار في عرض البحر. كانت هذه هي أول مرة لي كما هي بالنسبة للكثير من الجنود في ركوب البحر فقد كانت كل حملاتنا العسكرية على مدار السنوات الماضية تدور في قلب القارة الأوروبية ولم يتخيل أي منا أن يتجاوز خيال بونابرت حدود هذه القارة، ولكن الطموح لا حد له. كان مشهد هذه الزرقة الممتدة إلى مالا نهاية خلابا وكان منظر الأشرعة الممشوقة القوام، المنتصبة في مواجهة الريح، الممتدة على مدى البصر مغطية الأفق ببياضها وكأنها مدينة عائمة عملاقة ممتدة كما باريس. سوف ذات سواري عملاقة كما الأبراج الشاهقة في السماء وأما لوريان فحدث ولا حرج سواريها وكأنها أبراج كاتدرائية تشق طريقها إلى السماء لتعلن عن عظمتها وعظمة من على متنها.


تحلّقنا جميعا على ظهر السفينة نتأمل هذا المنظر الأخاذ والذي أعاد إلى أذهاننا القصص التي سجلها التاريخ عن الحملات الصليبية والتي عبرت إلى أورشليم عبر نفس البحر الذي تقطعه سفننا الآن. خرجنا جميعا تاركين زوجاتنا وأبنائنا لمساندة بونابرت كما خرجت الجيوش من كل أنحاء أوروبا لمناصرة الصليب المقدس. كان الكل سارحا في أبعاد أخرى. فيما كانوا يفكرون؟ في المجهول الذي يقبلون عليه؟ أم في الوجهة التي يجهلونها؟ أم في وطنهم الذي تركوه خلفهم؟ كم سيدوم الفراق؟ أسئلة كثيرة تدور في خلدنا ولا نملك لأي منها ردا شافيا.


كانت الحيرة والفضول تنتاب الجميع بخصوص الوجهة التي نقصدها. ما الداعي لكل هذا التكتم وهذه السرية؟ وعلى الرغم من ذلك كانت التوقعات كلها تحوم حول الهند لضرب الإنجليز في مقتل وتوجيه ضربة قاسمة لهم. كان بونابرت قد خطط وجهز العدة إذا ولم يكن شخص سواه وبعض القادة المقربين له يعرف الوجهة الحقيقية.


كانت الرحلة شاقة علينا جميعا خاصة وأننا لم نركب البحر من قبل فأصيب أغلب الجنود بدوار البحر في الأيام الأولى من إبحارنا. حتى الأطباء المرافقين لنا لم يسلموا. لا داعي أن أذكر حجم المعاناة التي نمر بها كل يوم ومشقة ركوب البحر، فمنذ ثلاثة أيام وأنا لم أعرف للطعام أو الشراب طريقا من شدة الألم حتى أن النوم يكاد يكون مستحيلا. كثرت نصائح المتمرسين والمعتادين إلا أن أيا منها لم يجد. أحاول جاهدا أن أنام لأتناسى أوجاعي ولكن نومنا دائما مضطرب نتيجة صياح البحارة طوال الليل وأصوات المناورات ولكن أيضا من هيئة الأسِرّة التي ننام عليها؛ فهي مصنوعة من قماش مربع الشكل ومعلق إلى خشب المركب عن طريق حبلين مما يجعلها تتأرجح بشدة لكل حركة تقوم بها وكل هزة تتعرض لها السفينة. ولكن أكثر مايعذبني ليس رداءة الطعام الذي شكله منفر وطعمه مقزز ولكن رائحة الماء العطنة الذي نضطر إلى شربه. ولعل قذارة الطهاة وعاداتهم المنفرة من إلقاء التبغ الذي يمضغونه أو يدخنونه في أواني الطبخ التي يعدون فيها وجباتنا من أكثر المشاهد الصادمة لي والتي تضيف أوجاعا إلى أوجاع البحر.


ولا أحدثك عن طاقم السفينة وأشكالهم المريبة والمنفرة وهم أنصاف عراة ليلا أو نهارا …وعند هدوء العواصف يبدأ فصل جديد من الأوجاع ولكنه عالم جديد وغريب عليّ، فتبدأ الصراعات حيث يطالب الجنود مضاعفة كمية الطعام في كل وجبة، ثم يبدأ البعض في لعب القمار وكان منهم من يخسر في ربع ساعة فقط أكثر مما يمكنهم أن يجنوا في حياتهم كلها. وبعد النقود، يأتي دور الساعات. عند هبوط الليل يبدأ العزف الرديء على الكمان وغناء أكثر رداءة والحكي عن بطولات الجنود ومغامراتهم في معارك أغلبها من نسج خيال أسكره النبيذ.


زوجتي العزيزة، حياتنا على متن السفينة لا تعرف طريقا إلى الرفاهية بل في الحقيقة فإن كل شيء هنا يعيد إلى الأذهان مشاهد البؤس والتعاسة التي طالما سمعنا عنها. فها أنا أحياها كل يوم وأعيش في الجحيم الذي طالما سمعنا رجال الدين يذكرونه ويرهبون الناس منه. فجحيمي أصبح محصورا في مساحة هذه السفينة اللعينة وفي البحر الشاسع الذي يتلاعب بها ويزيد أوجاعنا ومعاناتنا يوما من بعد يوم.


 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on December 03, 2019 04:18

April 2, 2015

ليلة مع ذات العينين الخضراوين

انقضت الليلة وكأن أحداثها قد ولت منذ دهر. انسلت الشمس من جوف الهة السماء، عبرت بوابات الليل ومراحلها الاثنتي عشرة. خرجت إلى السماء من مبعثها لتعود إلى الحياة من جديد تتجول فيها وتسير في كنفها مادة أذرع الخير إلى كل ما يحيط بها، تمنحهم بركة الإله وعطاياه في رحلتها اليومية إلى مرقدها لترتاح من عناء الإحسان والعطاء.


full-moon-blue-night-1920x12001


ومع ظهور الشمس تتوارى ذكريات ليلة بائدة كثرت أحداثها وكانت قطع الأثاث ولوحة الفنان الشهير شاهدة على وقائعها. أطلت علينا عذراوات وحيزبونات يتطلعن إلينا بفضول كبير وبنظرات ما بين الاستنكار والصدمة. هل حقا نرى ما نرى؟ هل وصل الحال إلى تعليقنا على هذا الحائط العريض، المرتفع عن الأرض أمتارا معدودات لنكون شاهدات على هذه المسخرة والبذاءات؟  تجلس العروس في المنتصف، تحيط ذراعها الأيمن بوالدتها الجالسة القرفصاء على أريكة عريضة، فاغرة فاها وكأن لسان حالها يقول هل هذا ما يجب أن أتوقعه من عريسي الليلة؟ إنه مشهد ولا مشاهد السيما.


نلتفت في عرينا الفاضح لنلاحظ الأنظار المسلطة تجاهنا والأفواه المفروجة. تطلعنا إلى بعضنا البعض متسائلين عما رأوه من أجسادنا التي أحسسنا أنهم ينهشونها بنظراتهم النهمة. ترى ماذا شهدوا من أفعالنا؟


قامت الخمر بعملها وأفقدتني كل ذكرى ولم تبق من هذه الليلة سوى اختبائنا من الأعين الفضولية، التي تنتهك خصوصيتنا وحميميتنا، سترنا عرينا يتتبعنا أربعة عشر زوج من الأعين العسلية النهمة، تكاد تتقافز من الإطار المحيط بهن، المقيد لوجودهن والملجم لحركة أجسادهن. إطار يعيق تواجدهم في عالمنا هذا الذي نسبح فيه ويحد من وجودهم في أكثر من بعدين لا ثالث لهما كتبهما عليهن الرسام بفرشته وبالقماش المشدود الذي يتلطخ بألوانه والذي تنهال عليه ضربات ومسحات فرشاته. وعلى الرغم من تأهبهن واستعدادهن للمغامرة والقفز من هذا الإطار الملجم لمجرد تتبعنا إلى وجهتنا الجديدة حيث يسترنا الليل ونوم الاخرين، إلا أن الدور الذي كان قد حدده الفنان لهن كان أقوى من أي إرادة. توجهنا إلى حيث تختفي الأعين، ويغيب الفضول، حيث راحة الأجساد التعبة وجموحها في الوقت ذاته. كيف لمكان واحد أن يجمع النقيضين؟ نبعث من جديد من المكان ذاته الذي يشهد إعادتنا إلى حياة سلبنا منها ساعات معدودات. نبعث من جديد مع ميلاد شمس جديدة ولكن هذا الصباح لا يشهد ميلاد كل منا على حدة كما جرت العادة، بل يشهد ميلادنا سويا كجسد واحد متحد القلب ينبض بدقات حب سرمدي لا ينزوي إلا بفناء أرواحنا.


استيقظت مخدرا بأثر هذا الحلم اللذيذ الذي سبحت في مياهه العذبة. هنا رقدت أميرتي، تلك الحسناء ذات العينين الخضراوين. هنا وضعت رأسها، لا تزال رائحة شعرها عالقة على الوسادة. هنا تقلبت حتى لامس نهداها العاريان صدري فأججت ناري وأيقظت بركاني الخامل فجرى مائي وتدفق من منبعه حتى صب في القنوات الموصلة لقمة الشهوة. أيقظت تأوهاتها حواسي التي كانت قد خملت.


لم يتبق منك يا أميرتي سوى عبقك، سوى طيفك الذي ملأ عالمي وغزا كوامني.  لا أتذكر منك سوى آثار غزوتنا وحمحمة أفراسنا في موقعة لا تتشابه مع أي واحدة في التاريخ المسطور، حرب خرج

كلانا منتصرا فيها، لم يصب فيها أو يقتل نفر، لم ترق نقطة دم واحدة… خرجنا كلانا منتصرين، متواعدين على ملحمة جديدة نضرب فيها المثل لكيف تكون البطولة والشهامة، نعيد فيها تعريف ليس فقط التلاحم والتطاعن بل والأسر أيضا.


ها هي ذكريات هذه الليلة تتوالى علي … أتذكر الآن رائحة جسدك العطر، نعومة جلدك والتي لا ينافسها سوى ملمس الحرير، طعم شفتيك النهمتين اللتان احتوت شفتاي وأذاقتهما الشهد وأطلقتا لخيالي العنان.


انقضت ليلة بأحداثها ولم يتبق منها سوى آثارك ودلائل على موقعة شرسة. أعود إلى نقطة الانطلاق، إلى مبتدأ كل شيء لأجد الأعين ذاتها ذاهلة مما رأت البارحة، تطل علي بنظرات أشبه باللوم، أم تراها نظرات ازدراء وحقد؟ لم أتحمل قسوتها وإلقائها جام حقدها علي فهممت من جلستي ولم يسعني إلا أن أدير اللوحة إلى الحائط عقابا مني لهن على تطفلهن علينا. هربت من نظراتهن وبقيت في معية طيفك وذكراك التي تعبق كل شبر من منزلي.


 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on April 02, 2015 04:59

January 1, 2015

2014 in review

أعد موظفو مساعد إحصاءات وردبرس.كوم تقرير 2014 سنوي لهذه المدونة.


[image error]


فيما يلي أحد المقتطفات:



تحمل عربة سان فرانسيسكو المعلقة “التلفريك” 60 شخصًا. تم عرض هذه المدونة حوالي 220 مرات في 2014. لو كانت عربة معلقة “تلفريك”، فسيستغرق حملها لهذا العدد الكبير من الأشخاص 4 رحلات.


إضغط هنا لترى التقرير الكامل


 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on January 01, 2015 06:47

November 16, 2014

الخروج من الصدمة

عشت شهورا من العذاب لا يقوى شخص على تحمله. لم يتوقف عقلي عن التفكير ليلا أو نهارا وكانت الإجابات تأتيني الواحدة تلو الأخرى كاشفة حقيقة الوهم الذي كنت أعيشه. كل إجابة تحمل في طياتها صدمة تهدم أساس جديد من أساساتي. بدأ البناء يتصدع ثم رأيته ينهار أمام عيني طابقا تلو الآخر، لم يبق منه إلا الأطلال، مخلفات حرب ضارية، عدوها مجهول، غير مرئي ولكن آثار هجماته بادية، واضحة للأعين. وعلى الرغم من ذلك لم يظهر أثر الدمار لشخص غيري وكأن الناس جميعا أصيبوا بالعمى أو لعلي زودت بأعين تنظر إلى نفسي من الخارج، تخترق نظراتها طبقات جسدي الخارجية وتطل على روحي من الداخل …رأيت روحي تتيبس يوما من بعد يوم وبدأت حياتي تنطفيء وشمعتي يخبو ضوئها حتى كدت انطفىء كلية…رأيت حياتي تتبدد أمام ناظري، الكآبة تتسلل إلى عقلي وجسدي تحتل مكانهما، تسيطر عليهما وتسعى لاقصائهما تماما. أحسست بالوهن يتخلل إلى جسدي، ازددت هزالا وأصبح عقلي قليل النشاط، معدوم التوهج …رأيت أياد تمتد خلسة إلى روحي ساعية لتقبض عليها وتنهي وجودي.


ثم في ظلمة الأحداث كانت طاقة نور، سؤال منجي لا أعرف من أين أتاني؛ لعلها الفطرة التي فطرنا عليها الله تعالى، فطرة المقاومة، التشبث بالحياة وعدم الانجراف خلف اليأس والموت بهذه البساطة. كان سؤالا بسيطا، بديهيا: هل تستسلم بهذه السهولة؟ هل تيأس لمجرد أنك تعثرت؟


اتقد عقلي فجأة وبحثت في نفسي عن مكامن قوتي وصلابتي، رأيت كل المظلومين الذين يحبسون ويعذبون ويهانون ورغم كل ذلك لا يستسلمون ولا يخبو نورهم بل يزدادون وهجا وتألقا، يزدادون قوة ومتانة، صبرا وعزيمة… فهل أنا بأقل منهم؟ بالطبع لا


 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on November 16, 2014 00:41

November 13, 2014

كتابة جديدة

خرجنا من البهو الرئيسي وهبطنا درجات المدخل الجنوبي تحت نظرات المنحوتات المحصورة داخل معبد الحضارة المثلث القابع أعلى أعمدة المدخل. منحوتات ترمز إلى طور التحضر بدءا من تعلم الأساسيات ومرورا بتوسيع آفاق المعرفة من عمارة ونحت ورسم وعلوم وهندسة وأدب وموسيقى وشعر وانتهاءا إلى رجل النهضة الملم بالمعرفة والحكمة والذوق الرفيع.


عبرنا الساحة تحت نظرات ازدراء مراحل المعرفة، أم تراها كانت نظرات تعجب وإعجاب؟ كم من أناس مروا تحت أعينهم دون أن يتكبدوا عناء النظر إلى أعلى وتأمل هذه المنحوتات ومعرفة ماترمز إليه من طور التقدم والرقي الإنساني والحضاري؟ كم من أناس مروا من تحت أعين تلك التماثيل الجامدة، المثبتة في مكانها والتي انتهى تاريخها مع تاريخ رفعها أعلى المدخل وتثبيتها في هذا المكان؟ وقفت شاهدة على مرور السنين ومرور الناس بهم، على اختلاف الأزمان والأزياء ولكنها وقفت لتذكر الناس أن الأصل لا يموت وأن ما يمر بها من مكانها ومكانتها العالية لن يغدو إلا نذرا يسيرا مما يرمزون إليه من كمال النضج والمعرفة وكأن موقعهم ونظراتهم فيها من السحرية والاستنكار من تفاهة وغرور الكائنات التي تمر من تحت أقدامهم.


 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on November 13, 2014 02:59

October 11, 2014

ندوة بباريس عن ثورة يناير

 





تنظم إدارة العلاقات الثقافية الخارجية بوزارة الثقافة المصرية بالتعاون مع المكتب الثقافى المصرى بباريس عدة فاعليات ثقافية وفنية وذلك فى إطار خطة المكتب الثقافى المصرى بباريس.
وتقول د. كاميليا صبحى وكيل أول وزارة الثقافة للعلاقات الخارجية.تبدأ الندوات بالمركز الثقافى المصرى فى باريس بسان ميشيل عن “أثر ثورة 25 يناير على الإنتاج الروائى فى مصر“ بعرض أدبى وفكرى من خلال الكاتب جمال الغيطانى والكاتب شريف لطفى والكاتبة بسمة عبد العزيز .

 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on October 11, 2014 06:47

September 23, 2014

July 12, 2014

الأرمغان-بناء الأحلام

لعل أصعب مرحلة في كتابة هذا العمل كان بناء الأحلام حيث كان همي الأول أن يكون الحلم أقرب ما يكون لطبيعة الحلم الحقيقية وأن يتم تفسيره بشكل علمي يؤدي إلى المعنى الذي أود إيصاله إلى القارئ


وكانت الصعوبة الأولى هي أن بناء الحلم هي العملية العكسية تماما لتفسيره. فتفسير الحلم يستوجب وجود حلم بالطبع وفي هذا الحلم توجد مجموعة صور ورموز يتم تفسيرها من مجلدات تحوي معنى كل رمز كل وفق سياقه في الحلم


اما في حالتنا هذه, فالآية منقلبة فلدينا تفسير لرموز غير موجودة وبالتالي تمت قراءة الكتب العلمية والمراجع المتعلقة بتفسير الأحلام بشكل عكسي فكان يجب قراءة المراجع كلها من أولها إلى آخرها والبحث عن الرموز التي لها التفسير الذي نبحث عنه . وبالتالي تم تجميع 25 صفحة من الرموز تلخص كل الأفكار التي نريد أن نبني عليها الحلم والرواية . المرحلة التالية كانت تقسيم الرموز في مجموعات تكون كل مجموعة مقترنة بمعنى معين وليكن على سبيل المثال القهر, الفتنة, التغيير  إلخ


ثم جاءت المرحلة الإبداعية والتي من خلالها استخدمنا عناصر المجموعة الواحدة لبناء الحلم كاملا على شكل رؤى وقصص يكون الحالم رآها ويقوم المفسر بتفسيرها على النحو المبتغى


وهكذا قمنا ببناء 4 أحلام , حلم لكل شخصية من العوام , وكابوس واحد للسلطان باستخدام هذه الطريقة


وكانت المعضلة الثانية هي إيجاد المراجع المناسبة للإطلاع عليها واستخدامها لاستخلاص الرموز المرجوة وبدأت من البداية الطبيعية ألا وهي كتاب فرويد ولكن وبعد قراءة سريعة تبين لي أن الإطار الثقافي لفرويد وعملية تفسيره للأحلام غربية جدا وأغلب تفسيراته تدور في واقع جنسي إلى درجة كبيرة و بالتالي لم يكن ممكنا أن اعتمد على مرجعية كهذه في تفسير أحلام تدور في إطار عربي إسلامي  فبدأت في تعميق البحث حتى توصلت إلى كتاب محمد بن سيرين والواقع في 1400 صفحة و كان فيه الرد الشافي لما كنت أبحث عنه حتى دلني الأستاذ جمال الغيطاني على كتاب عبدالغني النابلسي والذي يقع في 900 صفحة وكان فيه كل ما كنت أبحث عنه


فاعتمدت على هذين المرجعين كأساس لعملية البحث حتى وصلت إلى الأحلام المصاغة في الرواية التي بين أيديكم


 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on July 12, 2014 05:18

July 1, 2014

الأرمغان-عن الشخصيات

الشخصيات



الارمغان (1)


دائما ما أواجه صعوبات في اختيار الشخصيات المحورية في رواياتي . ففي الأرمغان لم يكن في بادئ الأمر سوى شخصيات ثلاث هم السلطان ومفسر الأحلام ونائب السلطان . ومع الوقت تطور الأمر فتم إضافة أربع شخصيات جديدة هم بالترتيب جابر النقلي وزينب البلانة وأحمد السقاء وأخيرا فاطمة الجارية .


ولكل شخصية حلم وكابوس مرتبط بها . ولعل العدد أربعة لم يأت من فراغ أو من قبيل المصادفة ولكنه تم اختياره بدقة متناهية . وإن كانت الأحلام تكاد تكون متشابهة من حيث مضمونها وتفسيرها إلا أن الكوابيس مختلفة تماما بل و قد تم تكوينها واختيار قصاصات الصحف المرتبطة بها  ليكون كل كابوس مرتبط أو معبر عن موضوع محدد .


الكابوس الأول مرتبط بالعيش وبه من القصاصات ما يعبر عن غلاء المعيشة وقلة الرواتب وحجم معاناة الناس في العيش وتوفير لقمة العيش لأبنائهم


الكابوس الثاني مرتبط بالعدالة الاجتماعية والمساوة بين أفراد الشعب فمن خلاله نرى طبقية المجتمع المنهجية وأن هناك تعمد لجعل العدالة الاجتماعية غائبة بشكل واضح


الكابوس الثالث مرتبط بالكرامة وفيه يتبين تعمد إذلال المواطن وإهانته في كل مناسبة


وأخيرا الكابوس الرابع وهو الكابوس القاتل متعلق بالحرية فلا حرية للتعبير أو حرية شخصية أو علمية أو سياسية …


وبما أن موضوعات الكوابيس كانت مرتبطة بـ عيش, حرية, كرامة إنسانية وكرامة اجتماعية فكان من الحتمي أن تكون هناك أربع شخصيات كل واحدة معبرة عن نفس الحلم وهو التغيير و كابوس مختلف متعلق بإهدار شعار من الشعارات الأربعة.


أما فيما يخص بالشاعر والدرويش والمجاذيب فهؤلاء شخصيات قررت اضافتهم في مرحلة متأخرة من كتابة الرواية وكان الغرض منهم هو تنفيذ خطة القضاء على الموجة الثانية من الأحلام كما ذكر النائب للسلطان في مرحلة سابقة في الرواية . أما لماذا شاعر فذلك يرجع لأن الشاعر أو الراوي هو شخص يلتف حوله عدد كبير من الناس في الأمسيات للترفيه عن أنفسهم وسماع السير وحكايات الأبطال. والشاعر أو الراوي هو بطبيعة الحل شخص له تأثير كبير على المتلقي وكلامه له مفعول السحر على المستمعين له ولذا فإن تأثيره على الناس يكون قويا.


وأما الدرويش والمجاذيب فيرجع اختيارهم لكونهم أشخاص غريبة الطباع ومخيفة في بعد الأحوال وبالتالي فهم بطبعهم يثيروا خوف الناس فإذا أضفنا قصص ورسائل مخيفة فان ذلك يرهب الناس أكثر وأكثر. و المجاذيب والدراويش وإن كانوا يظهرون للناس وكأنهم فاقدي العقل إلا أن المدقق في كلامهم يجد شيء من الحكمة فيما يقولون.  ولذا فإن كلامهم من الممكن تصديقه وفي ذات الوقت فهو مخيف .




 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on July 01, 2014 16:57