الخيرية رهينة بصفاتها (من القواعد الكلية في فقه الحضارة)
http://goo.gl/uWb8Aw
كثيرا ما خلطت النظريات العرقية، والطرحات العنصرية، بين الذات والموضوع، وبين الصفة والموصوف؛ فادَّعت دوام الصفة لبعض الموصوفين أبدا؛ ومثل ذلك اعتقاد أنَّ الجنس الفلاني خلق للحضارة، وإنَّ العرق الآخر هو متخلف "جينيا"؛ بل وحتى أحيانا باسم الدين، يعتقد البعض أنَّ مجرَّد الانتماء ولو بلا اتصاف بمستلزمات ذلك الانتماء، كاف لبلوغ مرتبة الكرامة والتكريم.
فمثلا، يعتقد "غوبينو" أنَّ الأجناس تنقسم إلى ثلاثة: "الأصفر ويتسم بالمادية وافتقاد القدرات الإبداعية، والأسود الذي يفتقد الذكاء، والأبيض الذي يتَّسم بالنبل والشرف والروحانية وحبِّ الحرية؛ وأفضل أجناسه الجنس الآري". وفي كتاب من التراث الإسلامي نقرأ هذا العنوان: "باب تفضيل جنس العجم على العرب نفاق"، ويقرِّر فيه مؤلِّفه أنَّ المعتقد الصواب هو "أنَّ جنس العرب أفضل من جنس العجم: عبرانيهم، وسريانيهم، رومهم و فرسهم وغيرهم...".
غير أنَّ القرآن الكريم، والسنة النبوية الطاهرة، والفكر المنبثق منهما بلا كدر؛ كلُّ أولئك ينبِّه إلى قاعدة "الخيرية مرهونة بصفاتها"، وأنَّ الأفضلية والأكرمية مقرونتان بالتقوى، لا غير. قال تعالى: "كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله" (آل عمران: 110). وقال: "ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا.." (سورة النساء: 123). وقال عليه الصلاة والسلام: "يا فاطمة بنت محمد، لا أغني لك من الله شيئا...". الحديث.
ومدلول هذه القاعدة أنَّ خيرية أيِّ أمَّة ليست مرهونة بها، ولا هي مطلقة في حقِّها؛ وإنما هي مشروطة بشروطها، ورهينة بوجود صفاتها؛ والمؤكَّد أنَّ "هذه الأمَّة ليست خير أمَّة من الأزل، بل وُضعت فيها هذه الخيرية، وليست مما لا تفارقها ولا تنفكُّ عنها، فهناك حالات تحقَّقت من قبلها فأصبحت خير أمة، أي كونها خير أمَّة لا يعني أنها ستبقى أبدا هكذا، فإن لم تراع هذه الأمة تلك الحالات التي جعلتها خير أمَّة، ستضيع تلك الخيرية".
والقاعدة لها الكثير من التقاطعات، من مثل قاعدة "ذاتية الأسباب"؛ وقاعدة "العبودية التي تأبى الانعتاق"؛ وقاعدة "الأمور بمقاصدها".
عمليا؛ لا مجال لأن ينتظر المسلمون اليوم بلوغ مكانة مرموقة في سلَّم الحضارة؛ إذا لم يستعيدوا الصفات التي تبلِّغهم ذلك المقام؛ فمجرَّد انتمائنا للإسلام لا يغيِّر من الحقِّ شيئا؛ بله انتمائنا إلى عرق أو بلد أو حزب معين؛ وإنما تحقيق الخيرية مرهون بأن نأتي بالأوامر، وننتهي عن النواهي، ونأمر بالمعروف، وننهى عن المنكر؛ مؤمنين موقنين، مخلصين عاملين؛ فإذا تحقق ذلك، كان الغد لنا، وشهدنا بزوغ شمس الفجر الجديد، بحول الله تعالى؛ وإلاَّ فلا.
كثيرا ما خلطت النظريات العرقية، والطرحات العنصرية، بين الذات والموضوع، وبين الصفة والموصوف؛ فادَّعت دوام الصفة لبعض الموصوفين أبدا؛ ومثل ذلك اعتقاد أنَّ الجنس الفلاني خلق للحضارة، وإنَّ العرق الآخر هو متخلف "جينيا"؛ بل وحتى أحيانا باسم الدين، يعتقد البعض أنَّ مجرَّد الانتماء ولو بلا اتصاف بمستلزمات ذلك الانتماء، كاف لبلوغ مرتبة الكرامة والتكريم.
فمثلا، يعتقد "غوبينو" أنَّ الأجناس تنقسم إلى ثلاثة: "الأصفر ويتسم بالمادية وافتقاد القدرات الإبداعية، والأسود الذي يفتقد الذكاء، والأبيض الذي يتَّسم بالنبل والشرف والروحانية وحبِّ الحرية؛ وأفضل أجناسه الجنس الآري". وفي كتاب من التراث الإسلامي نقرأ هذا العنوان: "باب تفضيل جنس العجم على العرب نفاق"، ويقرِّر فيه مؤلِّفه أنَّ المعتقد الصواب هو "أنَّ جنس العرب أفضل من جنس العجم: عبرانيهم، وسريانيهم، رومهم و فرسهم وغيرهم...".
غير أنَّ القرآن الكريم، والسنة النبوية الطاهرة، والفكر المنبثق منهما بلا كدر؛ كلُّ أولئك ينبِّه إلى قاعدة "الخيرية مرهونة بصفاتها"، وأنَّ الأفضلية والأكرمية مقرونتان بالتقوى، لا غير. قال تعالى: "كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله" (آل عمران: 110). وقال: "ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا.." (سورة النساء: 123). وقال عليه الصلاة والسلام: "يا فاطمة بنت محمد، لا أغني لك من الله شيئا...". الحديث.
ومدلول هذه القاعدة أنَّ خيرية أيِّ أمَّة ليست مرهونة بها، ولا هي مطلقة في حقِّها؛ وإنما هي مشروطة بشروطها، ورهينة بوجود صفاتها؛ والمؤكَّد أنَّ "هذه الأمَّة ليست خير أمَّة من الأزل، بل وُضعت فيها هذه الخيرية، وليست مما لا تفارقها ولا تنفكُّ عنها، فهناك حالات تحقَّقت من قبلها فأصبحت خير أمة، أي كونها خير أمَّة لا يعني أنها ستبقى أبدا هكذا، فإن لم تراع هذه الأمة تلك الحالات التي جعلتها خير أمَّة، ستضيع تلك الخيرية".
والقاعدة لها الكثير من التقاطعات، من مثل قاعدة "ذاتية الأسباب"؛ وقاعدة "العبودية التي تأبى الانعتاق"؛ وقاعدة "الأمور بمقاصدها".
عمليا؛ لا مجال لأن ينتظر المسلمون اليوم بلوغ مكانة مرموقة في سلَّم الحضارة؛ إذا لم يستعيدوا الصفات التي تبلِّغهم ذلك المقام؛ فمجرَّد انتمائنا للإسلام لا يغيِّر من الحقِّ شيئا؛ بله انتمائنا إلى عرق أو بلد أو حزب معين؛ وإنما تحقيق الخيرية مرهون بأن نأتي بالأوامر، وننتهي عن النواهي، ونأمر بالمعروف، وننهى عن المنكر؛ مؤمنين موقنين، مخلصين عاملين؛ فإذا تحقق ذلك، كان الغد لنا، وشهدنا بزوغ شمس الفجر الجديد، بحول الله تعالى؛ وإلاَّ فلا.
Published on April 05, 2016 02:07
No comments have been added yet.