اطبقت جفوني .. وتراقص الكون امامي .. وانتابني سلام فريد يمحو كل آلامي .. فقدت وعيي .. وغابت انفاسي .. ورأيتني كمن تدحرج الى هوة عميقة القرار .. صعقتني رعشة .. انتفض الجسد .. وهدأت الاوصال .. شعرت بحرارة يد تلامس وجهي وهي ترجو الله ، مجهشة بالبكاء وعناق ، ونظرات متضامنة حزينة.. وتتابعت مشاهد الوجوه العابسة المتحسرة .. يتلاشى طيفهم ويغيب .. ومن يرمقني بصمت وكأنهم اغراب اراهم من نافذة قطار مسرع .. وتحلق اخرون حول النعش وحملوه بعيدا .. طمروا الجثمان بالتراب .. وتواروا عن الانظار .. في تلك اللحظة .. رأيت وجه امي جليا لاول مرة بعد ان نسيته لأعوام مضت .. كأنني اعثر على زهرة بين صفحات كتاب .. لقد سبقتني منذ زمن .. وها هو نورها الباهر يحتضنني.. ادركت ان الموت بداية الحياة .. وانني كنت اعبر سرداب ظلام .. واقطن كهف اليأس .. وايقنت اننا نستمر في الحياة في ذاكرة من يحبنا .. وتأثرت بمنظر الحطام البشري . كانت اشبه بقصة ابحار الى بلاد بعيدة دونما امل في العودة .. رحلة شاقة في قعر باخرة قديمة تمخر عباب المحيط وقد ارست مراسيها .
Published on December 22, 2017 11:22