صلاة ليل






يا جلاء النور في وجه القدرْ


يا كمال الله في نقص البشرْ


يا عزاء الفرح في صوت ابتهالٍ


يا غناء الأمهاتِ


يا سلامًا يحجب الدنيا سلامًا


ويواري كل كربٍ


سوف يستيقظ بعد الصبحِ فينا


يا نبوءاتِ جنانٍ ونعيمٍ


تملأ الليل سلامًا لينامَ


يا تراتيل جمالٍ


رقيةً عاذت عن الدنيا بآيات الفلقْ


يا غناءَ الله فينا


ليدمْ ريحكَ بابًا


يسرق الفردوس من عالٍ


ويرقي الأرض آيات المطرْ


كان داعي الصبح كربًا


كان نورُ الصبح دربا


حينما كنا قلوبًا يانعاتٍ


لم تطر شرقًا وغربا


لم تخضْ في العمر حربا


كانت الألحان يقظى كي ننامَ


نامت الألحان عجلى


فانتبهنا يقظةً


كي ندّعي أنا كبرنا


وحلمنا


كانت الأحلام كاستغفارِ ذنبٍ


لغوايا تُبْنَ صبحًا


وتسابقنَ مساءً للخطيئةْ


كانت الأحلامُ فسحةْ


بيد أن الليلَ لم يبقَ طويلًا


ليزور الحلمُ جُنحةْ


***


صوتُ أمي لحنُ آيات الوتَرْ


يا لصبحٍ يحرم الليل القمرْ


يا لدهرٍ كلما


مزّقت أوراق الأماني


كي أقيل العمر في سيرٍ عثَرْ


يا لأيامٍ عتاةٍ


مثلَ كفّ الموتِ تقضي


كلما جاء رسولٌ


 وتلا الوحيَ كناياتٍ .. كفرْ


ومن الوحي اصطفى الله الليالي


مؤنساتِ الفردِ يخشى


من منامٍ يمسحُ الظلمة


يمحو من كتاب العمر صفحةْ


بيد أن الليل لم يبقَ طويلًا


كي يطيل السهدُ فرحةْ


***


درب آمالٍ وأحلامُ سفرْ


هذه الأيامُ لو طال السحرْ


لو بقينا في نسيج هادئٍ


والليلُ دفءٌ


يحرس الألحان تبدي فتنةً


كالسحر يغري ربّة الشعرِ تغني


في سكوت الليل نسمعْ


حين لم يبقَ سوانا


من فسيح الأرض نختار المكانَ


الجانبيَّ الفردَ شخصًا واحدًا


والأرض مُدتْ كسحاب ينتشرْ


لا نرى منها سوى مقعدنا


لا نعرف الأبعادَ إلا قيد شبرْ


كان حلمًا


وسفين الفجرِ كانت تنتظرْ


تخطفُ الليلَ وتمضي


وعلى شاطئ حلمي


بلقاءٍ لا يراني حين أدعوه اشتياقًا


سوف أبقى


علّ للموجٍ حنينًا ذات يومٍ


كي يسوق المنتظَرْ


***


وجنةٌ تزهرُ فرحًا وسمرْ


ليت شعري ماذا لو طال السهرْ ؟


لو تناستْ غمز عين


وأحاديثَ أعدناها مرارًا


كل يوم كان يبدو من دفين النفس سرْ


كان يخفي في الثواني ألف عُمرْ


مثل أشتاتِ خيالٍ في حكايةْ


لملمتْ أبعادها


من بقايا القصِّ جَدّةْ


كي تزيل الهمَّ سلوى


أنها لم تنسَ بعدُ القصة الأولى


التي قد أسرتها وهي طفلةْ


أن هذا العمر مازال طويلا


وبأن الطفل لن يسأم يومًا


من روايات عن الجنِّ


عن المجهولِ


عن ذكرى مضتْ


مثلما قلت بأني


سوف أبقى كلما زارت بهي الخد دمعةْ


كي أزيل الدمعَ


يروي جدب كفّي


يغسلُ الأيام فيها


منذ ذاك الحينِ لم يبق حديثٌ


أو بكاءٌ


لم يعدُ ثمَّ حكايا


ذات أطرافٍ ترامتْ


كي تروم النفس جمعةْ


لم يزل في السرد قصّةْ


بيد أن الليل لم يبق طويلًا


لنحيكَ اللحنَ رقصةْ


***


يا لصحو خاف من قلب حذرْ


كلما رانت له الكأس سكرْ


شاب فيك الدهرُ


هل للدهر أيامٌ


تعيدُ الوجدَ طفلا


يستعيدُ الليل يخفي شيبَ صبحٍ


يكتب استهلاله المفقودَ


مراتٍ جديدةْ


يكمل السطر بذات الروح


جلدًا


ينسج الأحرف بدءًا


من رفات الخاتمةْ ..


إن في عمق البدايات خيوطًا


تحبس الأنفاس شوقًا كل مرّةْ


مثلما يشتاقُ طفلٌ للخطرْ


مثلما ينسى بصيرٌ


موضع الخطوِ


فيسعى سابحًا في الحلم


حتى يعثر المشيُ وترديه الحفرْ


مثلما يخشى ضريرٌ


يحفظ الأنحاءَ


لا يدنو كثيرًا .. آمنٌ


سوف يشقى لو نظرْ


يا هوى استهلال ألحاني أجرني


سورةً فيها تجلى الله


إن المجد لَهْ


بيد أن الليل لم يبق طويلًا


كي نجوز البسملَةْ


***


قف على أطراف ليلٍ لا تسرْ


قلب أمِّ لا يقسّيه الكبرْ


غنِّ طفلًا في فلاةِ العمرِ تاه


صوته يكفيه شرَّ الوحشةِ الملقاةِ


خلف السترِ ظلا لا يراه


وارم طرفًا خلفَ أشتات ضياءٍ


حالمٍ كي يجمعَهْ


واحن رأسًا مثل رؤيا ناسكٍ


 لم يرجُ شيئًا


خلف باب الصومعةْ


يا لخالٍ يكتب الأنفاس يمحو


من معَهْ؟


قف صلاةً


واقرأ الأنجم لحنًا


ساق رقصكْ


والبس الظلمةَ ردْءًا


وانسَ حسّكْ


واترك الأقدارَ رهوًا


لن تمسّكْ


وانثر القلب كطيرٍ


ملّ حبسكْ


واترك العقل جنونًا


واعل قدسكْ


وانزع الناس وجوهًا


تلق نفسَكْ


إن روح الصمت راحٌ


بيد أن الليل لن يبقى طويلًا


هات كأسكْ


هيثم ١/ ١٢/ ٢٠١٧

 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on January 07, 2018 20:20
No comments have been added yet.