عن الموت، والولادة
لقد كُسر قلب أمّي ذلك العام، كحبّة بندق يابسة، تحت مطرقة الموت، وأصبحت حزينة إلى الأبد، أنا أرى ذلك، نحن النّساء نرى ذلك بوضوح، حين يموت شيء ما داخل أحدهم، ولا نستطيع لومه على ذلك، فبعض الأشياء ترحل منّا إلى الأبد، ولن تبقى كما هي، ولن تعود، مهما حاولنا ذلك، كأطفالنا، حين يكبرون، أو حين يرحلون رغمًا عنّا، مبكّرين.حين نصبح أمّهات، تجرح قلوبنا بعمق، تمامًا كما يفعل مشرط الطبيب بأرحامنا، فيسكن القلق قلوبنا طوال الوقت، القلق لأنّنا لا نزال بدورنا أطفالًا، نبكي حين نحزن، ونبحث عن أمّهاتنا، ولأنّنا لن نستطيع إغفال حقيقة أنّ هنالك شيء قد تغيّر إلى الأبد، شيء لن يرحل هذه المرّة مهما حاولنا، لقد أصبحنا أمّهات. أمّهات وإن فقدنا أطفالنا قبل الولادة، أمّهات وإن فقدناهم على أسرّة المشافي، أمّهات وإن عدنا بهم إلى بيوتنا، إن كانوا أطفالًا، أم كبروا، إن بقوا، أم رحلوا، وإن كنّا أمّهات جيّدات، أو فشلنا في ذلك، سيبقى ذلك الحبل معلّقًا فيما بيننا مهما كان مقصّ الطبيب حادًّا عند قطعه، ومهما مشينا مبتعدين عن بعضنا البعض.ستكبرين، وترين ذلك، وتعرفينه بمجرّد أن ترينه، الموت الذي نهرب منه جميعنا، الولادة التي تصنع بداية القلق، الحياة، الحبّ، الحزن، البكاء، السعادة، والموت أيضًا.ستكبرين وأنت ترين حزن جدّتك، وقلق والدتك من أن تكون أمّك الأفضل، وترين نفسك، تصبحين هذا الشيء الجميل، الكبير، المعقّد، الحزين، المحبّ، السعيد، الكتوم، كثير البوح، الوحيد، والممتلئ، تمامًا كغابة، أو علبة ألوان ممتلئة، تحوّلها الطبيعة للوّن الأسود حين تعتنق العبث، أو بألوانها المشرقة حين تقع في الحبّ، ستكونين كلّ ذلك، وتختبرين بدورك كلّ شيء، لأنّك امرأة، وهذا ما تفعله النّساء، يصنعن الحياة، من الموت.

Published on November 02, 2018 15:20
No comments have been added yet.