الركض بعيداً عن الفخ
نحن الفتيات، نعرف أنفسنا متأخرا، من نحن، وما لنا، وما علينا، خاصة حين نولد في مكان يحاول اخفاء ملامحنا بأي طريقة. يخفض أصواتنا كما لو كنا برنامج لا فائدة له على مذياع قديم. يدجننا كما لو كنا كائن خطير سوف ينقض على حديقة المنزل الأمامية، أو المنتزه العام، فيغير ترتيبه. نعيش لسنوات ونحن نعتقد حقا بأننا أقل منزلة، حين لا نجد من يدعمنا، أو يقف ما بين التدجين وبيننا، نقع في الفخ، في العجلة التي تطحن فتيات العالم، وفم المجتمع بأنيابه الضخمة التي تلوك ما نحن، لتتركنا بتصور أننا لا شي، أو شيء تابع، لا عقل له، لا روح له، ولا يحق له أن يخرج من حقيبة السائد المظلمة لننظر إلى الصورة الكاملة. أن هذا المكان لا يرى منا سوى أجسادا مرتبطة بالخطيئة، يجب أن تتزوج هذه الأجساد مبكرا، تغطى مبكرا، نعيش في مكان يحاول بكل طريقة جعل كل فتاو تكره جسدها، والروح المثقلة بكل ما هو فوق طاقتها من "لأنك بنت"، والعقل المقيد بسلاسل أخبرنا رجال العالم، والنساء المثقلات من حولنا، بأننا مجرد عبيد لها:
"لأنك بنت".
أنا في السابعة والعشرين، وأجد نفسي مضطرة للركض حتى الآن، التهام الكتب، والندوات، والاستماع لتجارب النساء اللواتي عرفن إجابة تلك الأسئلة: من نحن، ما لنا، وما علينا.
أجلس وأستمع بتمعن لكل فتاة نجت من ذلك الفخ، ولا أجد ما أقوله، سوى بأنني فخورة بأن أعرف فتاة ناجية من أنياب الجهل، الجهل بما يعنيه أن تكوني امرأة، وأشعر براحة اللحظات التي تأتي بعد ركض طويل، لم أكن أركض عبثا، لقد كنت أعرف بأن هناك فخ، وحفرة ضخمة، معدة للفتيات.
لم يكن ما قالوه لي صحيحا حين كنت صغيرة، لم أكن أقاتل عبثا.
أنا سعيدة رغم الندوب التي تركها القتال، كل القتال، سعيدة بنفسي التي أعثر عليها جزءا جزءا، كلما ركضت بعيدا عن الفخ.

Published on December 27, 2017 08:37
No comments have been added yet.