كتابات بحبها "1"

 


 


 


هؤلاء الأدباء ..و إبداعاتهم الجميلة (1)


جيل يكتب .. والناس لا تقرأ .. عادى جدا


 


نهى محمود .. الحكى فوق مكعبات الرخام


 


عندما تصبح صديقتك الممتلئة الجميلة .. مطلقة !!


 


[image error]


 الحكى فوق مكعبات الرخام


كأننى أعرفها تلك الفتاة التى أصبحت مطلقة فجأة ، كأننى أعرفها .. وأعرف أنها لن تحتمل لقب "مطلقة" بعد ان عاشت حياتها تراه لقبا بعيد عنها ويخص اخريات غيرها ،ولم تتخيل يوماً أن تصبح قصة من تلك القصص التى سمعتها قديماً فى جلسات العمات والخالات وحكايات الجيران .


إنها بطلة رواية (الحكى فوق مكعبات الرخام)للكاتبة نهى محمود ، وهى بطلة جديدة على الأدب ،مازالت بكراً وقابلة للكثير من الزواج العرفى والشرعى .


بطلة تشبه صديقات كثيرات عرفتهن فى حياتى ،ليست فاتنة وليست متواضعة الجمال ،لكنها جميلة ولا تسألنى عن تفسير لهذا التناقض أو تلك اللخبطة فلاشك أن لك صديقة لم تتخيلها يوماً زوجة أو عشيقة ،لم تتخيلها فى وضع مثير ، وكثيراً ما هربت عيناك من مشاهدة حمالة صدرها التى سقطت فجاة لتكشف بياضاً آخاذاً .


إن كنت نجحت فى توصيفها لك ،فتلك هى البطلة التى لا تملك سوى التعاطف معها ، وتلك هى صديقتك الجميلة الممتلئة قليلاً  والتى تختار ملابسها بذكاء كبير والتى تعاتب نفسك إذا تخيلتها على سريرك أو فى وضع ما غير لائق،وها أنت الآن معها فى أزمة عاصفة ،أزمة تداريها خلف نظارة أنيقة وفى كبرياء يناسب أنوثتها التى تكََشفت لأول مرة مع زوج كان حبيباً ..وأصبح ماضياً أليماً يحاصرها بالذكريات فجأة.


فى كل ليلة وبعد أن تستحم وتفوح منها روائح انثى وحيدة ،تجلس البطلة لتكتب إلى الحبيب الذى كان زوجاً ، وفى كل ليلة قصة قديمة مازالت تحتفظ برائحة الحب والضحكات ، ودموع تسقط كلما مرت تعبيراته القديمة وتشبيهاته التى كان يطلقها تعليقاً على البشر والكون ، هو حاضر بقوة جبرية ،مسيطر ،متحكم ،سجاناً وحاكماً ، وأنت ـ ايها القارىء الطيب ـ صديقها الغيور عليها .. الرافض لسيطرته تلك .. تريدها أن تكرهه .. أن تطوى صفحته التى تنفتح كل ليلة فتؤذيها .. وتزيد شعورك بكراهيته .. تريدها أن تعلن كراهيته .. ان تنساه .. أنت غيور يا صديقى .. غيور على صديقتك التى تمنح كل هذا الحب لشخص غيرك .


إنه بطل (وغد) ترك فتاة رومانسية .. ناعمة .. طيبة .. طاهرة .. لا تعرف الخيانة ..


بطل لا يعرف قيمتها ، وهى صديقة طيبة مازالت تتعلق بأهدابه .. بخيوط رائحته القديمة .


تحكى البطلة عما كان ..غير قادرة على الثورة .. لكنها فى النهاية تقع فى حب جديد تدريجيا ً .. تضحك للحياة وتدفن الحبيب الذى كان زوجاً .. أو الحبيب الذى كان زوجاً .


رواية بسيطة بساطة الكاتبة  المتدفقة القادرة على الحكى دون ضجيج .


 


خدمات ما بعد البيع .. لشريف عبد المجيد


دور البطولة .. كان يكفى يا صديقى


 


[image error]


 


كان بإمكان الكاتب شريف عبد المجيد أن يصنع مجموعة قصصية رائعة لو تخلى قليلا عن رغبته فى كتابة كل شىء ، هو مشغول بالأسعار وبصعود طبقات جديدة السلم الاجتماعى ، مشغول بثقافة التحول والتغير ،لكنه انشغال متسرع غير قادر على التحلى بالصبر لتأمل كل ذلك بهدوء ،لذلك هربت لغة القاص وحضرت لغة الراصد الصحفى فى كثير من القصص .


كان بإمكانه أن يتأمل بعمق عنصراً واحداً من كل هذه العناصر أو الأشكال الحياتية الجديدة ليقدم قصصا مختلفة ولها طعم خاص ،واعتقد انه سيفعل كما اعتقد انه وضع يديه على كثير من التطويل فى قصص مجموعته (خدمات ما بعد البيع).


ارتدى شريف عباءة البطل الشهيد أو المقهور نفسيا .. الفاهم .. العارف ببواطن الأمور وبجغرافيا التغيرات والتحولات البشرية والسياسية والاجتماعية وهذا ليس عيباً ،لكنه لم يكتمل كما ينبغى ،ولم ينضج ليظهر متكاملاً ومتألقاً سوى فى قصة ( دور البطولة) .. يالها من قصة جميلة .. متماسكة وهادئة وكاشفة لكل ما أردا أن يقول فى صفحات كثيرة وقصص كثيرة .


القصة تحكى عن انتحار ممثلة شابة بعدما فشلت  فى اختبار لدور البطولة فى أحد مسرحيات القطاع العام ،لقد تحولت إلى نجمة على صفحات الحوادث بعد احباطات متتالية فى حياتها ،فقد تخرجت فى معهد الفنون المسرحية وتعثرت حياتها بعد تجربة زواج فاشلة من زميل لها ولم يتبق لها من كل ذلك سوى تناول المهدئات ، وهى قصة رائعة من بدايتها وحتى نهايتها.


 


بارانويا .. محمد خير


ولد وحيد فى غرفة واسعة جدا


 


[image error] 


 


أعرف محمد خير منذ زمن .. لكننى لم أكن أعرفه كما ينبغى .. هكذا قلت لنفسى بعد قراءة ديوانه الممتع (بارانويا) ،وعنوان الديوان ليس مجرد اسم لقصيدة يحبها الشاعر دون غيرها كما هى العادة فى اختيار اسماء الأعمال الأدبية عموماً،لكن البارانويا هنا هى التجربة كلها ،هى الشاعر فى غرفة واسعة جدا يجلس وحيداً ليتأمل نفسه ويحاسبها ويعنفها ويوبخها أحياناً كما فى قصيدة "كده أحسن بكتير":


خليك مكانك/ما تحاولش الهرب/ وما تفتكرش الليل هيخبيك منى/ مادام لمحتك خلاص خلصت اللعبة/ اقعد هنا/وما تنساش انك خسران ..واما نخبط فى بعض /هتتوجع انت اكتر /لاننا بدلنا الأدوار /وبقيت انت الأجمل/والاجبن والأضعف/والحساس/ وانا دورى امنع عنك /اى حلم انتهت صلاحيته /لان الضحك من غير روح خيانة.


وفى القصائد كلها يتحرك محمد خير فى غرفته ،يتجول بين كل مشاعره ويحولها إلى كائنات حية يستحضرها ويجرى معها حوارات بديعة ، ففى قصيدة (خوفك ) يستحضر الخوف الذى يسكنه ويسكننا جميعاً :


خوفك .. ما اقدرش غير عليك / اتغذى على كل احاسيسك / وقعد لوحده متربع فى قلبك / وانت/ باين عليك مرتاح كده/لدرجة انك نسيت مكان الباب/واقف ورا الشباك كأنك شبح/ كأنك خيال /ما بقاش يخوف حد.


على أن أجمل ما فى الديوان هى تلك الحظات التى اتخيل فيها يطل من نافذته ليتأمل العالم وفجأة تسقط عيناه على مشهد نادر لعصفور يعيش أخر لحظاته قبل أن يسقط :بعد لفة طويلة كالعاد /العصفورين نزلوا ع السلك الغلط/الكهربا صرخت/ونورت الطريق لمدة ثانيتين /الريش نزل فتافيت /نول/جمرات/ بتلالى فى العتمة.


ولأن الديوان كما قلت أغنية واحدة طويلة متنوعة الألحان فإن أخر قصيدة كانت أحلى ختام بداية من عنوانها (للعبرة)،أما موضوعها فهو وقائع مصرع سيجارة .. نعم سيجارة :السيجارة الوحيدة /اتفرمت فى العلبة من غير قصد/من غير ذنب/ ما حدش شافها/ولا حد عرف أصلاً /اناها كانت موجودة هناك /اتهمشت بسهولة وبدون مشاعر.. سيجارة لا عاشت ولا ماتت زى طفل حرام .. ما لحقتش تتنفس ولا تترعب /من جهنم المحبوسة فى الولاعة /ولا جربت شهوة الشفايف /فى برد الصبح /وما حدش هيتحاسب على قتلها .. هتنتهى تماما /زى مأساة مخجلة /زى أى حد /إتوجد فى اللحظة الغلط.


شوفتوا الجمال بتاع محمد خير ؟


 


 


 عزمى عبد الوهاب .. حارس الفنار العجوز


ابناء جيلى يسكنون هنا


 


[image error]حارس الفنار العجوز


 


لست خبيراً بفنون الشعر ومداخله ،لكننة قرأت ديوان "حارس الفنار العجوز" للشاعر "عزمى عبد الوهاب" فانتابتنى تلك الرغبة المجنونة فى الكتابة عن الديوان ،وهى رغبة لا تقل خطورة عن قيادة سيارة فى ميدان التحرير دون تعلم فنون القيادة ، وقلت لاكتب عن ذلك العاشق العجوز الذى تعاطفت معه ،نعم لأكتب عنه كى يخرج لى هذا الرجل بعيدا عن الديوان ويصبح صديقى فهو يشبهنى ويشبه جيلا كاملا ،جيلنا العظيم المولود فى العصر الرمادى ،فلا نحن عبرنا فى أكتوبر ولا انكسرنا فى يونيو .. لكننا تحملنا وزر الجميع وخطاياهم ، الذين هزمونا ..اطعمونا شعارات ـ اكلناها عن طيب خاطر وبعبط شديد ـ ، والذين عبروا استكثروا علينا الفرحة فورثنا عنهم فرحة مذبوحة بتصالح مهزوم .. لا نحن هؤلاء ولا هؤلاء .. نحن ضحاياهم على اية كل حال .. فتحولنا الى حراس نحمى هزائم وانتصارات غيرنا حتى اصابنا العجز قبل ان يغزو الشعر الابيض مفارقنا .


ومع ذلك .. فكم نحن عظماء .. نعم لقد حولناهم فى نهاية الامر الى مادة خام لإبداعاتنا لننتصر لانفسنا فى النهاية ..   


وفى الديوان قصيدتان ـ تحتاج كل واحدة منهما مقالاً مطولاً ـ رأيت الحارس العجوز بطلا فيهما ،وأقول رأيت او تراءى لى فانا جاهل بالشعر .


 فى القصيدة الاولى وعنوانها "ثرثرة عن حفل زفاف لا تعنى أحداً سواهما "رأيتنى أو رأيت الحارس العجوز عاشقاً انهكته دروب الهزائم والانتصارات سابقة الذكر ، عاشق تسكنه الخبرة والحكمة  وعلمته الليالى الطويلة فن تسكين الآلام ـ وهو فن لو تعلمون عظيم ـ فى قوة واحتمال اسطورى ،وقف هذا العاشق يشيع محبوبته الى عُرسها ، الى حفل زفافها .. عاشق يلقن معشوقته اخر درس فى الحياة بعد ان تعلمت على يديه فنون اللوعة والعشق والمتعة ،تذوق العاشق المتمرس طعم انوثة فتاة صغيرة تتقافز مثل فراشة بريئة ،وتشتعل كإمرأة متمرسة أذا أطفئت الأنوار، فاصبحت قطته المدللة ،وفجاة وجدها ذات مساء ترتدى فستان زفافها لعاشق أخر سيكون زوجاً مغفلاً ،وستكون هى "كذابة" كبيرة كلما أقنعته بأنه "رجلها وفارسها " .


ارتدى الحارس العجوز عباءة الحكمة وبدا قويا غير عابىء برحيلها ،لكننى رأيته يتمزق كلما تخيل وحدته بعدها ،فمن الواضح إنها لم تكن مجرد عشيقة ،بل حياة مكتملة ، فوقف يشيعها ويرثى ايامه المقبلة :


انتهينا الآن /تعثرى فى فستانك البيض الطويل/كامرأة تدخل المكان الغلط/ لا تبكى .. كأن البكاء علامة فرح/وإذا تذكرت شقةً دخلناها معا /حاولى اقناعه بانك خائفة جداً /إلى أن تخرج من رأسك أفكار تعرفينها/وملابس سقطت قطعة قطعة على الارض/ووسائد أغمضت عينيك عليها من تعب اللذة … منذ عامين /بعثت قطة بموائها إلى هاتف رجل عجوز/كان يتدثر بشتائه متكئاً على عزلته /اشارت إلى شعرها القصير /وقالت:ساظل بجابنك إلى أن يصل الشعر إلى ردفىَ /فاهنأ بفاكهتى وسريعا اعادته إلى شتائه الموحل /لانها لا تريد أن تكون خائنة!!مما جدوى هذا الآن ؟ /نحن انتهينا /والذاكرة التى ربيتها على النسيان /لا تجيد الالتفات إلى الوراء /ستكونين زوجة صالحة بالتأكيد/لأنك قادرة على كشط عامين من الحب والجنس.


إنها واحدة من اروع القصائد التى قراتها فى حياتى .. وليتنى كنت ناقداً حقيقياً لأكتب عن جمالياتها .. ولكن ها أنا كتبت نصفها على الأقل ربما تشعرون معى بمرارة هذا العاشق الذى عاش الأسطورة كأنها لا تنتهى ولا يصدق ان نهاية قد جاءت .


الحارس يتجول فى قصائد الديوان ،لكنه يتجلى ايضا فى القصيدة  الثانية "شيوعيون كنا ".. يكفى ان نقرأ منها مقطعا لنعرف كم كانوا بلهاء وهم يصدقون .. وكم كنا طيبين ونحن نصفق :


كنا طلابا فى المدارس والجامعات/وشيوعيون أيضاً/نهزأ بأصدقائنا/الذين ينتظرون نبياً /يأتى من زمن الستينات/وكان آباؤنا يروننا جميعا /عيالاً خائبين/افسدتهم الكتب/غداً يصير بإمكان الواحد منا /أن يشترى قميصاً/يشترى حرية /غادرنا ديارنا/إلى بيوت كثيرة/… انتظرنا .. يا ما انتظرنا /لا الثورة جاءت /ولا اشترينا قميصاً/لكن شيئاً غامضاً /يطل من عيوننا /كأنه العدم /كأنه الموت.


 


 


 


طارق إمام .. فى هدوء القتلة


 


هل فكرت فى الفارق الكبير بين يدك اليمنى واليسرى؟!


 


 


[image error]


 


".. بيدى اليمنى أصافح أعدائى ،وامنح التحية لكل من أكرههم ،وأقتل من لا أعرفهم .. يد تحمل آثار ملايين الاشخاص فى رائحتها:خليط روائح ولزوجة عرق وعطور ودماء .. بخلاف اليسرى النقية ،يدى التى لا تحمل سوى رائحتها ولا تصافح سوى الهواء الملاصق لمدارها .. أحب الأثنتين بالقطع ،لكن هكذا علمتنا الحياة :لابد دائماً أن يموت أخ ليحيا تؤامه ..".


أنا مفتون بتلك الفكرة التى وضع طارق إمام يده عليها ، فمن فكر فى تحويل اليد إلى كائن حى قبله؟! من توصل لتلك الفكرة العبقرية المجنونة التى تجعل بطل الرواية قاتلاً نبيلاً يبدو رائعا حتى وهو يطعن هؤلاء الخاملين القبحاء المرضى بالثرثرة .


لو لم يكتب طارق إمام سوى تلك الفكرة لكان كافياً،لكنه صال وجال وأصبح ناضجاً قادراً على طرح أفكار فى لغة متماسكة يصعب أن تجدها لدى كتاب بلغوا من العمر عتيا .


"قتلتها لتصير أكثر جمالا كانت فى حياتها امراة قبيحة "..(الرواية ص91).. هكذا يقتل صاحبنا لتصبح الحياة أكثر جمالاً واحتمالاً ، فهو بطل يعمل موظفاً بجهاز الاحصاء والتعداد وتلك منطقة جديدة لم يحرثها قبل طارق إمام أحد ، وهو قاتل يمتلك كل صفات النبل والشجاعة والذكاء والورع أيضا ،و يشبه ذلك القاتل الممتع فى فيلم 7 "seven" لمورجن فريمان وبراد بيت .


انظر إلى جارته التى كان يراقبها من الشرفة عندما دخل شقتها لأول مرة :حاولت أن أوقظها ، بنحنحة في البداية ، ثم بكلمة يا مدام ولكنها لم تستجب . بدأت أهز جسدها برفق.. ثم بعنف . جسدها أزرق و مثلج . عيناها مفتوحتان على اتساعهما . جسدها متيبس .اختارتني سوسن لأخبر الناس بموتها قبل أن تتعفن في الظلام . ربما انتَحَرَت . ربما مات حبيبها القديم اليوم بالذات .. تحقق وعده بميتة متزامنة لكليهما . لم أجرب قبل ذلك أن أقتل جثماناً .
أي لون سيكون عليه دمُ امرأة ميتة إذا تجولت مطواة ٌفي جسدها ؟ .


 


لست ناقداً ولا بتاع .. فقط أقدم تحية لكتاب اعجبونى 


أشرف عبد الشافى


 

 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on October 13, 2008 18:48
No comments have been added yet.


أشرف عبد الشافي's Blog

أشرف عبد الشافي
أشرف عبد الشافي isn't a Goodreads Author (yet), but they do have a blog, so here are some recent posts imported from their feed.
Follow أشرف عبد الشافي's blog with rss.