رؤساء مصر .. والرواية الأدبية
[image error]
عبد الناصر تمنى كتابة رواية ..
والسادات كان يحلم بالتمثيل
الفن والأدب فى حياة الرؤساء ورجال السياسة مصر
قال البكباشى جمال عبد الناصر إنه قرأ رواية عودة الروح لتوفيق الحكيم وأنها كانت حاقزاً له للقيام بالثورة مع زملائه من الضباط الأحرار ، وقال محمد حسنين هيكل إن عبد الناصر كان يعشق القراءة وأنه كان بصدد كتابة رواية ، لكن مشاغله السياسة منعته من إستكمالها .
وكتب السادات قصة حياته فى رواية البحث عن الذات ، كما كانت له محاولات عديدة فى كتابة القصة القصيرة إلى جانب اعترافه الشخصى برغبته فى احتراف التمثيل .
والأدب ليس عدواً للسياسة كما هو شائع بين كثيرين وهناك أكثر من رئيس سواء قى أوربا أو أفريقيا لم تمنعه همومه السياسية من الاهتمام بالأدب والإبداع .
وكتب الرئيس محمد حسنى مبارك مقدمة كتاب عن أم كلثوم لكاتبة جزائرية .
[image error]
وفى مصر لم يكن للرؤساء فقط محاولات فى مجال الإبداع بل كان لأكثر من رجل سياسة باع طويل فى هذا المجال ، وتستطيع أن تقول وانت مطمئن أن صفة الكاتب قد ألغت تماماً الصفة أو اللقب السياسى لعدد كبير من هؤلاء ، وعلى رأسهم الكاتب سعد الدين وهبة الذى تخرج فى كلية البوليس عام 1949 ، وعمل به ثم استقال من العمل بعد حصوله على ليسانس الآداب ليعمل بالصحافة ، وقدم وهبة للمسرح عشرات الأعمال الخالدة : ( المحروسة ، السبنسة ، كوبرى الناموس ، سكة السلامة .. ) ، كما قدم للسينما المصرية عشرات السيناريوهات منها ( أدهم الشرقاوى ، ، مراتى مدير عام ، سوق الحريم ، كما كتب السيناريو والحوار لعدد كبير الأفلام منها : ( الحرام عم قصة يوسف إدريس ، الزوجة الثانية عن قصة أحمد رشدى صالح ، أرض النفاق عن قصة يوسف السباعى ، أبى فوق الشجرة عن قصة إحسان عبد القدوس .. ) ، كما ترأس مهرجان القاهرة السينمائى وأتحاد كتاب مصر حتى رحيله فى نوفمبر 1997 .
ومن يستطيع أن يقدم الصفة السياسية على الأدبية بالنسبة لكاتب مثل ليوسف السباعى ؟ فهو الأديب أولاً ، وبعد ذلك تأتى الألقاب الأخرى ، فهو ليس بن ثورة يوليو ووزير الثقافة فى عهدها لسنوات طويلة ، بل هو الكاتب وصاحب الأعمال لأدبية التى جعلت الكاتب الكبير نجيب محفوظ يصفه ب(جبرتى مصر ) ، وهذا الوصف ينطبق على السباعى حرفياً ، فمثلاً ( رد قلبى ) كانت عن ميلاد ثورة يوليووالتغيرات الاجتماعية والسياسية التى صاحبت قيامها ، و وروايته ( نادية ) عن العدوان الثلاثى على مصر ، و ( أقوى من الزمن ) عن بناء السد العالى ، أما روايته ( ابتسامة على شفتيه ) فتجسد معركة الكرامة ، وكان أول كاتب يجسد انتصار أكتوبر من خلال رواية ( العمر لحظة ) ، وتعالج روايته ( طريق العودة ) المأساة الفلسطينية بكل أبعادها التى مازالت قائمة إلى اليوم ، هذا إلى جانب أعمله الأخرى ( السقا مات وأرض النفاق ونحن لا نزرع الشوك ) ، كما كتب السيناريو والحوار للعديد من الأفلام السينمائية : ( شباب اليوم ، غرام الأسياد ، بقايا عذراء ، الناصر صلاح الدين ، وإسلاماه ، حياة بلا ثمن ) .
[image error]
الموقف نفسه نجده عند الدكتور ثروت عكاشة ، صحيح أن الرجل لم يكتب القصة أو الرواية ( وإن كان قد كتب مذكراته بأسلوب روائى رائع ) إلا أنه كتب ما هو أهم ، ولم يعرفه الناس بصفته أو مناصبه السياسة باعتباره المتخرج فى الكلية الحربية 1939 ثم كلية أركان الحرب عام 1948 ، ولم بعرفوه ايضاً كملحق عسكري بالسفارة المصرية بيرن ثم باريس ومدريد (1953-1956) ،أو كأول وزير للثقافة فى عهد الثورة(1958-1962) ، ثم نائباً لرئيس الوزراء ووزير الثقافة 1959، فكل تلك المناصب تفنى وتدخل متحف التاريخ ، وعرفه الناس بموسوعة (فنون عصر النهضة) التي تألفت من ثلاثة مجلدات ، تضم معلومات عن الأساليب الفنية في تسلسلها واتساقها مع الرسوم واللوحات المصورة لأهم آثار العمارة والنحت والتصوير والموسيقى لتخرج بتفاصيل غنية عن تاريخ الفن كانت نتيجة لجهد بدأه منذ عام 1963 وحتى عام 1997 والموسوعة من إصدار دار السويدي للنشر والتوزيع في أبوظبي، و موسوعة الفنون في اليابان، الهند، الصين.
[image error]
ثروت عكاشة
وثروت عكاشة هو صاحب الدعوة الشهيرة لإنقاذ معبد أبوسمبل ، التى أنقذ بها كنوز مصر الآثرية بنقله المتحف مستعيناً بعشرات الفنانين المصريين والعالميين اثناء بناء السد العالى .
والساسة أيضاً كانت من هموم عميد الأدبب العربى ، ولكن ترى كم شخصاً فى مصر يعرفون أن الدكتور طه حسين كان وزيراً للمعارف ( التعليم حالياً )؟ ، لم يهتم أحد بذلك الجانب ولم تأخذ السياسة شيئاً من العميد ، بل إنه وضع شروطه لقبول منصبه الساسى هذا ، وكان شرطه الأساسى :"ان المعرفة والتعليم مثل الماء والهواء"، وأنهما حق طبيعي لكل كائن بشري. وبالفعل فقد أعلنت الحكومة الجديدة ( 1950 ) مجانية التعليم الابتدائي للجميع، وهي سياسة ما تزال متبعة حتى اليوم، حيث يدين الملايين من المصريين بالفضل في تعليمهم لطه حسين الذى منح أكثر من دكتوراه فخرية من جامعات عالمية فرنسية وبريطانية وإسبانية وإيطالية. وقد منحه الرئيس جمال عبد الناصر أرفع وسام مصري، هو مخصص أساسا لرؤساء الدول.
ورحل العميد وبقى دوره الثقافى وكتاباته المهمة فى التاريخ الإسلامى ( على هامش السيرة والفتنة الكبرى .. ) وبقيت رواياته وقصصه ( دعاء الكروان ، المعذبون فى الأرض ، ورائعته الأيام ، وغير ذلك الكثير .
والأمر ليس مختلفاً كثيراً بالنسبة لكاتبنا الكبير يحيى حقى صاحب ( دماء وطين والبوسطجى وخليها على الله وأم العواجز ) والذى التحق للعمل بوزارة الخارجية وظل بها حتى 1954 ، حيث تركها وهو فى منصب وزيرمصرى مفوض فى ليبيا ، وصدر قرار نقله من الخارجية بعد زواجه من الفرنسية " جان مارى آرنستى" التىكان قد تزوج قبلها من سيدة مصرية أنجب منها ابنته الوحيدة " نهى " ، وقد ماتت هذه السيدة أثناء الولادة ، فلا أحد يهتم بهذا الجانب الدبلوماسى والسياسى فى حياة صاحب قنديل أم هاشم ، وهو نفسه لم يسمح لعمله بأن يأخذه من عشق الإبداع ، وسخر عمله للكتابة بمعنى أنه اكتسب الخبرات البشرية والحياتية من تنقلاته بين العديد من البلدان العربية والاجنبية مما جعله يكتسب خبرات انسانية مختلفة ، وبعد ترك العمل الدبلوماسى استقر فى مصلحة الفنون التابعة لوزارة الثقافة .
ورغم أن كثير من السياسين فى الوقت الحالى لا يعترف باهتماماته الأدبية إلا أن الدكتور فتحى سرور فاجأ الجميع عام 1996 بنشر قصصه فى الأهرام ، وقال فى حوار لاحق وتعقيباً على تلك القصص أنه يكتب منذ زمن طويل وتحديداً عام 1951 ، وقال إنه تأثر بالأدباء الكبار ( المنفلوطى ود. طه حسين والعقاد ومحمود تيمور .
أما الدكتور أسامة الباز فهو الأكثر حضوراً فى الندوات الثقافية والفكرية ، هذا إلى جانب حرصه الشديد على مشاهدة معارض الفنون التشكيلية ، وأصبح من المعتاد أن تجده بين صفوف المشاهدين فى المسرح ، أو تراه يتجول بين باعة الصحف والمكتبات فى وسط القاهرة .. فالسياسة لن تكون أبداً ضد الثقافة وسوف تكشف لنا الأيام الكثير عن السياسين الذين يكتبون الأدب .
أشرف عبد الشافي's Blog
- أشرف عبد الشافي's profile
- 21 followers

