حمو بيكا واورتيجا
أدرك في وقت مبكر جدًا من عمره ، وربما بالفطرة ، التي فطره الله عليها ، أنه يوجد طريقان لا ثالث لهما ، لتحقيق الأهداف ، أولهما هو (العلم) و (العمل) ، وثانيهما هو (الفهلوة) و (الشطارة) ، وأدرك كذلك أن الطريق الأول أصعب وأطول، ولكنه أرسخ وأبقى ، وأن الطريق الثاني أسهل وأقصر، ولكنه هاش ومؤقت .
وكان طبيعيًا جدًا بموجب فضل الله عليه أولًا ، ثم بفضل نشأته وتربيته ثانيًا ، أن يختار الطريق الأول ، وأن يحب ويحترم ويقدر ويجل ويبجل مَن يختارون هذا الطريق ، وأن يتعامل مع مَن يختار الطريق الثاني ، بقدر كبير من الحذر ، الذي يصاحبه قدر كبير أيضا من الاستخفاف ، اللهم إلا إذا وجد من بينهم من هو على أستعداد للعودة إلى جادة الصواب ، فكان يكرس جزءًا كبيرًا جدًا من وقته ومجهوده لمساعدة أمثال هؤلاء فلعل وعسى .
كان يري أن أصحاب الطريق الأول هم أعمدة الخيمة التي تُظل الناس من الحر والقر، وأوتادها وجنباتها، التي تحميهم وتساعدهم على لأواء دار الإبتلاء هذه ، فيمكثون في الأرض ، في الحياة وبعد الممات ، ككل نافع لنفسه ولغيره ، وأن أصحاب الطريق الثاني طفيليات تعيش على عرق ودماء غيرها ، فلاتنفع نفسها ولاتنفع الناس ، إلا غرورًا ووهمًا وكذبًا وإدعاء وزورًا وبهتانًا ، بل تضرنفسها وتضر الناس ، وانها تذهب جُفاء ، غير مأسوف عليها ، كما يذهب كل زبد طاف على سطح الماء .
وأكدت تجاربه على مدار عمره ، ما استقر عليه إدراكه المبكر هذا ، حيث كانت المعادلات لديه واضحة تمامًا .
تريد أن تكون نافعًا وناجحًا ومحترمًا ، فليس أمامك إلا بذل الجهد والعرق وربما الدم ، لتتعلم كيف تميز بين التبر والتبن ، أي أن تكون جواهرجيًا حقيقيًا ، لا أن تكون صائغا نصابًا مزيفًا .
..............................................................
تريد أن تكون شيئًا ما ، بدون مجهود أو بقليل من الجهد ، بلا علم ولا عمل ، أي بـ (التهبيش) و (التلطيش) فالمسألة سهلة جدًا .
..............................................................
تريد أن تكون (شاعرًا) ، بينما أنت لا تعرف اللغة ، نحوًا وصرفًا وبلاغةً وبيانًا ، بل لا تعرف القواعد الإملائية الصحيحة ، فضلًا عن البحور والتفعيلات والأوزان والصور والتجربة الشعرية ، إخترع نوعًا من القول أو الكتابة ، ليس فيه مما سبق شيء يذكر، وازعم أن هذا هو الشعر الحديث أو شعر مابعد الحداثة ، وستجد من أمثالك من يبادلك الإعجاب ، لا لشيء إلا لأنه دعي مثلك يرجو أن تبادله الإعجاب .
تريد أن تكون (كاتبًا) ، بينما أنت فاقد لأي فكرة محترمة تكتب عنها ، فضلا عن أفتقادك للملاحظة والمتابعة والتحقيق والتدقيق والتحليل والإستنتاج والإفادة ، أخترع نوعًا من القول أو الكتابة التي لاتقول شيئًا ، وليس فيها إلا حروفًا وكلمات وجمل لامعنى لها ، وازعم أنك مجدد غير ملتزم بكل أنواع الكتابة السابقة ، قصة ، أو رواية ، أو مقال ، أو خاطرة ، أو دراسة ، أو رسالة ، أو يومية ، أو رأي ، وستجد ، من أمثالك ، من يبادلك الإعجاب ، لا لشيء إلا لأنه دعي مثلك يرجو أن تبادله الإعجاب .
تريد أن تكون (سياسيًا) جهبزًا ، بينما أنت لا تعرف ما السياسة ، لا علمًا ولا عملًا ، بسيطة جدًا ، هاجم كل الساسة الكبار ، بل الدولة بجميع مؤسساتها ، والوطن بكل تجلياته ، وازعم أنك معارض لا يشق له غبار ، وصب جام غضبك على من يعرفون ما السياسة ومن يمارسونها ، وستجد ، من أمثالك ، من يبادلك الإعجاب ، لا لشيء إلا لأنه دعي مثلك يرجو أن تبادله الإعجاب .
تريد ان تكون (غنيًا) ، أشتغل مع أي أحد يفتح لك أبوابه ، حتى لو كان هذا الشغل مشبوه بل محرَّم و مجرَّم ، وستجد ، من أمثالك ، من يبادلك الإعجاب ، لا لشيء إلا لأنه دعي مثلك يرجو أن تبادله الإعجاب .
تريد أن تكون (دنجوان) عصرك ، بالغ في تقدير التافهات ، وصفهن أنهن أجمل الجميلات ، وأعظم العبقريات ، وأنهن يفقن كل مَن سبقوهن ، من الأعلام في كل المجالات ، وعلى جميع المستويات ، وستجد ، من أمثالك ، من يبادلك الإعجاب ، لا لشيء إلا لأنه دعي مثلك يرجو أن تبادله الإعجاب .
وهكذا في بقية الأشياء .
..............................................
فشلت في كل ذلك ، اعلن عدم إلتزامك بأي شيء ، وهاجم الدين ، وجدف على الله ، والرسول والنبي والولي ، والأحكام ، ووووالخ ، وازعم أنك تمارس حريتك ، كحق أصيل لك ، حتى تلامس أو تجتاز تخوم الفوضى ، وستجد ، من أمثالك ، من يبادلك الإعجاب ، لا لشيء إلا لأنه دعي مثلك يرجو أن تبادله الإعجاب .
وهكذا في بقية الأشياء .
..............................................
ولكن كن على يقين ، أن الفهالوة والشطار ، غير الملتزمين بأي قواعد ، في أي مجال ، وعلى أي مستوى ، ولو ملأوا الدنيا ضجيجًا ، وأحتلوا كل خشبات المسارح في العالم ، وبقوا تحت الأضواء إلى أجل مسمى ، هم بالنسبة لأصحاب الطريق الأول ، كـ (حمو بيكا) ، و (اورتيجا) وأشباههم ، إذ ينتقدون ويهاجمون ويقللون من قيمة وقامة (أم كلثوم ) و (عبد الوهاب) وأمثالهم ، وتأكد أن الزبد يذهب جفاءً ، وأما ما ينفع الناس ، فيمكث في الأرض ، فسيبقى ليوم القيامة حموبيكا وأورتيجا مسخين مشوهين مقرفين ، وستبقى أم كلثوم وسيبقى عبد الوهاب علمين خالدين ، قيمتين وقامتين .
..............................................
كان ولا يزال يقول ذلك ، ويكتب ذلك ، وسيظل يقول ذلك ، ويكتب ذلك ، مهما كان عدد ونوع الأدعياء ، الذين عاملهم على أساس من ذلك ، منذ البداية ، أو الذين ثبت لديه أنهم لايعرفون غير ذلك ، رغم مجهوده المضني معهم ، قرب النهاية .
أما جراحه التي أبتلي بها ، من بعض مَن أحسن بهم الظن ، وأحسن إليهم ، قدر استطاعته ، سنوات وسنوات وسنوات ، رغم معرفته بتشوهاتهم الداخلية منذ البداية ، على أمل أن يصلح الله شأنهم عند النهاية ، فيحتسبها عند الله ، الذي لايعرفونه إلا على حرف .
..............................................
نص من مجموعتي الجديدة ( رتوش بيضاء وسوداء على وجه الوطن والدين ) ، محمد جاد هزاع ، تحياتي .
وكان طبيعيًا جدًا بموجب فضل الله عليه أولًا ، ثم بفضل نشأته وتربيته ثانيًا ، أن يختار الطريق الأول ، وأن يحب ويحترم ويقدر ويجل ويبجل مَن يختارون هذا الطريق ، وأن يتعامل مع مَن يختار الطريق الثاني ، بقدر كبير من الحذر ، الذي يصاحبه قدر كبير أيضا من الاستخفاف ، اللهم إلا إذا وجد من بينهم من هو على أستعداد للعودة إلى جادة الصواب ، فكان يكرس جزءًا كبيرًا جدًا من وقته ومجهوده لمساعدة أمثال هؤلاء فلعل وعسى .
كان يري أن أصحاب الطريق الأول هم أعمدة الخيمة التي تُظل الناس من الحر والقر، وأوتادها وجنباتها، التي تحميهم وتساعدهم على لأواء دار الإبتلاء هذه ، فيمكثون في الأرض ، في الحياة وبعد الممات ، ككل نافع لنفسه ولغيره ، وأن أصحاب الطريق الثاني طفيليات تعيش على عرق ودماء غيرها ، فلاتنفع نفسها ولاتنفع الناس ، إلا غرورًا ووهمًا وكذبًا وإدعاء وزورًا وبهتانًا ، بل تضرنفسها وتضر الناس ، وانها تذهب جُفاء ، غير مأسوف عليها ، كما يذهب كل زبد طاف على سطح الماء .
وأكدت تجاربه على مدار عمره ، ما استقر عليه إدراكه المبكر هذا ، حيث كانت المعادلات لديه واضحة تمامًا .
تريد أن تكون نافعًا وناجحًا ومحترمًا ، فليس أمامك إلا بذل الجهد والعرق وربما الدم ، لتتعلم كيف تميز بين التبر والتبن ، أي أن تكون جواهرجيًا حقيقيًا ، لا أن تكون صائغا نصابًا مزيفًا .
..............................................................
تريد أن تكون شيئًا ما ، بدون مجهود أو بقليل من الجهد ، بلا علم ولا عمل ، أي بـ (التهبيش) و (التلطيش) فالمسألة سهلة جدًا .
..............................................................
تريد أن تكون (شاعرًا) ، بينما أنت لا تعرف اللغة ، نحوًا وصرفًا وبلاغةً وبيانًا ، بل لا تعرف القواعد الإملائية الصحيحة ، فضلًا عن البحور والتفعيلات والأوزان والصور والتجربة الشعرية ، إخترع نوعًا من القول أو الكتابة ، ليس فيه مما سبق شيء يذكر، وازعم أن هذا هو الشعر الحديث أو شعر مابعد الحداثة ، وستجد من أمثالك من يبادلك الإعجاب ، لا لشيء إلا لأنه دعي مثلك يرجو أن تبادله الإعجاب .
تريد أن تكون (كاتبًا) ، بينما أنت فاقد لأي فكرة محترمة تكتب عنها ، فضلا عن أفتقادك للملاحظة والمتابعة والتحقيق والتدقيق والتحليل والإستنتاج والإفادة ، أخترع نوعًا من القول أو الكتابة التي لاتقول شيئًا ، وليس فيها إلا حروفًا وكلمات وجمل لامعنى لها ، وازعم أنك مجدد غير ملتزم بكل أنواع الكتابة السابقة ، قصة ، أو رواية ، أو مقال ، أو خاطرة ، أو دراسة ، أو رسالة ، أو يومية ، أو رأي ، وستجد ، من أمثالك ، من يبادلك الإعجاب ، لا لشيء إلا لأنه دعي مثلك يرجو أن تبادله الإعجاب .
تريد أن تكون (سياسيًا) جهبزًا ، بينما أنت لا تعرف ما السياسة ، لا علمًا ولا عملًا ، بسيطة جدًا ، هاجم كل الساسة الكبار ، بل الدولة بجميع مؤسساتها ، والوطن بكل تجلياته ، وازعم أنك معارض لا يشق له غبار ، وصب جام غضبك على من يعرفون ما السياسة ومن يمارسونها ، وستجد ، من أمثالك ، من يبادلك الإعجاب ، لا لشيء إلا لأنه دعي مثلك يرجو أن تبادله الإعجاب .
تريد ان تكون (غنيًا) ، أشتغل مع أي أحد يفتح لك أبوابه ، حتى لو كان هذا الشغل مشبوه بل محرَّم و مجرَّم ، وستجد ، من أمثالك ، من يبادلك الإعجاب ، لا لشيء إلا لأنه دعي مثلك يرجو أن تبادله الإعجاب .
تريد أن تكون (دنجوان) عصرك ، بالغ في تقدير التافهات ، وصفهن أنهن أجمل الجميلات ، وأعظم العبقريات ، وأنهن يفقن كل مَن سبقوهن ، من الأعلام في كل المجالات ، وعلى جميع المستويات ، وستجد ، من أمثالك ، من يبادلك الإعجاب ، لا لشيء إلا لأنه دعي مثلك يرجو أن تبادله الإعجاب .
وهكذا في بقية الأشياء .
..............................................
فشلت في كل ذلك ، اعلن عدم إلتزامك بأي شيء ، وهاجم الدين ، وجدف على الله ، والرسول والنبي والولي ، والأحكام ، ووووالخ ، وازعم أنك تمارس حريتك ، كحق أصيل لك ، حتى تلامس أو تجتاز تخوم الفوضى ، وستجد ، من أمثالك ، من يبادلك الإعجاب ، لا لشيء إلا لأنه دعي مثلك يرجو أن تبادله الإعجاب .
وهكذا في بقية الأشياء .
..............................................
ولكن كن على يقين ، أن الفهالوة والشطار ، غير الملتزمين بأي قواعد ، في أي مجال ، وعلى أي مستوى ، ولو ملأوا الدنيا ضجيجًا ، وأحتلوا كل خشبات المسارح في العالم ، وبقوا تحت الأضواء إلى أجل مسمى ، هم بالنسبة لأصحاب الطريق الأول ، كـ (حمو بيكا) ، و (اورتيجا) وأشباههم ، إذ ينتقدون ويهاجمون ويقللون من قيمة وقامة (أم كلثوم ) و (عبد الوهاب) وأمثالهم ، وتأكد أن الزبد يذهب جفاءً ، وأما ما ينفع الناس ، فيمكث في الأرض ، فسيبقى ليوم القيامة حموبيكا وأورتيجا مسخين مشوهين مقرفين ، وستبقى أم كلثوم وسيبقى عبد الوهاب علمين خالدين ، قيمتين وقامتين .
..............................................
كان ولا يزال يقول ذلك ، ويكتب ذلك ، وسيظل يقول ذلك ، ويكتب ذلك ، مهما كان عدد ونوع الأدعياء ، الذين عاملهم على أساس من ذلك ، منذ البداية ، أو الذين ثبت لديه أنهم لايعرفون غير ذلك ، رغم مجهوده المضني معهم ، قرب النهاية .
أما جراحه التي أبتلي بها ، من بعض مَن أحسن بهم الظن ، وأحسن إليهم ، قدر استطاعته ، سنوات وسنوات وسنوات ، رغم معرفته بتشوهاتهم الداخلية منذ البداية ، على أمل أن يصلح الله شأنهم عند النهاية ، فيحتسبها عند الله ، الذي لايعرفونه إلا على حرف .
..............................................
نص من مجموعتي الجديدة ( رتوش بيضاء وسوداء على وجه الوطن والدين ) ، محمد جاد هزاع ، تحياتي .
Published on June 02, 2021 02:46
No comments have been added yet.


