Mohamed Gad Hazzaa's Blog: Mohamed Gad Hazzaa

June 16, 2021

الجزارون والسلخانة

قبلُ كنتُ أقول :
ليتني أكون مثلَكم ،
استطيع بشربةِ ماءٍ ،
أو بالضغط على زِرٍ ،
أو حتى باستخدم مِبضعِ جرَّاحٍ ،
أن ابتركم فأستريحُ منكم ،
ولا أشغل بالي بكم ،
ولو بالحد الأدنى ،
الذي يتعامل به الغرباء ،
أو الأعدقاء ،
أو حتي الأعداء
وليس مَن كانوا ،
يوما ما ،
كيانًا واحدًا ،
أو هكذا كانوا يزعمون .
...................................
الآن أقول بصدقٍ :
اللهم لا تجعلني أبدًا ،
مثلَ هؤلاء الجزارين ،
فقد نضجتُ بما فيه الكفاية ،
ووجدتني على فطرة من قال :
( خلقكم من نفس واحدة ) ،
فأدركت أن من يبتر غيره ،
حتى لو كان عدوه ،
يبتر بعضًا من نفسه ،
ولذلك قيل :
( أحبوا اعداءكم ) ،
فما بالكم بالأقرباء ،
والأصدقاء ،
والاحباء ؟
فمتى تفهمون ،
أيها الجاهلون ؟
...................................
دوروا دورتكم ،
وابحثوا في الأرض والسماء ،
عن الطمأنينة
والسعادة ،
والرضا ،
وأدرسوا كل العلوم ،
وخوضوا كل التجارب ،
وستعلمون في النهاية ،
إن كتبت لكم النجاة ،
من أنانيتكم ،
وساديتكم ،
وجهلكم ،
أن السر في واحديتكم ،
فالله واحد ،
وخليفتة واحد ،
والكون واحد ،
ولكنها التجليات المتنوعة ،
إن كنتم ،
في يوم ما ،
ستفقهون .
...................................
ابتروا أعينكم إذا ،
أو أنوفكم ،
أو شفاهكم ،
أو أيديكم ،
أو أرجلكم ،
مزقوا قلوبكم ،
قطَّعوا رؤسكم ،
أنتحروا ،
فأنتم وأختيارتكم أيها الأحرار ،
فربما تكونون نصيب جهنم من بني آدم ،
فجهنم التي هنا أو التي هناك لا فرق ،
تأكل نفسها إن لم تجد ما تأكله ،
فهنيئًا لكم جحيمكم ،
أيها الموتورون ،
الباترون ،
المبتورون ،
من حيث لا تعلمون .
...................................
أما أنا فسأبقى كما أنا ،
أحب الله وكل خلق الله ،
أحفظ حق كل أعضاء نفسي ،
نفسي الكلية المستترة وراء حجاب ،
حتى ما يوجعني منها ،
وما يؤلمني فيها ،
ولن أبتر منها أو منكم قلامة ظفر ،
فقط قد أطبب ،
وقد أهذب ،
ما استطعت ،
وقد اهجركم هجرًا جميلًا ،
أن اضطررت ،
وإلا فصبر جميل ،
على ما تصفون ،
وعلى ما تفعلون .
...................................
فإن أعياكم العيش في السلخانة ،
التي تحسبونها الآن تلك الجنة ،
التي لكم فيها ما تشتهون ،
وعدتم تبحثون عن الفطرة ،
عن جنة عدنٍ ،
التي حدثتكم عنها كثيرًا ،
ولكنكم لا تسمعون ،
فستجدون إليّها سبيلًا ،
إن كنتم صادقين ،
وياليتني أكون هاهنا ساعتها ،
فآخد بأيديكم إليها ،
أيها المبهورون بجنة الدجال الكاذبة ،
ذات الرايات الكثيرة الألوان .
فسلامٌ سلامٌ سلامٌ عليكم ،
وسلامٌ عليَّ ،
فالفرض هو الفرض ،
والسنة هي السنة ،
والقانون هو القانون ،
أيها الجاحدون .
...................................
نص من مجموعتي الجديدة ( تجليات مابين التسبيح والسجود ) ، محمد جاد هزاع ، تحياتي .
1 like ·   •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on June 16, 2021 03:24 Tags: تجليات-ما-بين-التسبيح-والسجود

مملكة وملك / ورقة وقلم

قد تعجبين ياسيدتي ،
وقد لاتصدقين ،
أنني أعلنت حربًا كونية ،
على كل جنود الظلام ،
لأن كبيرهم قد تجرأ ،
فاقترب من سور الحدائق الخلفية ،
لقصرالحكم ،
وسط المملكة .
..........................................
ومتى ؟
بينما كانت الملكة تبحث بين الأحراش ،
عن وظيفة أخرى ،
تحقق بها ذاتها ،
طبيبة ،
أو معلمة ،
وربما ممرضة ،
أو خادمة ،
لأنها ملت حياة العروش ،
الرتيبة المُهلكة .
..........................................
لم يكن الأمر ،
حينئذٍ ،
ياصاحبة الجلالة ،
أمر حق في التحرر،
من مراسم ترينها قيودا ،
ولا أمر رغبة في الخلاص ،
من طقوس يفرضها التاج ،
وتقتضيها القلادات القاتلة .
..........................................
و إنما أمر مملكة تستهدفها الشياطين ،
ولا سبيل لهم إليها ،
ولا سلطان لهم عليها ،
إلا بعدو ،
أو جاهل ،
أو متساهل ،
من أهلها الأقربين ،
أو عدوة ،
أو جاهلة ،
أو متساهلة .
..........................................
الحق كل الحق لك ،
ومعك ،
أن تكوني ما تشائين ،
ملكة ،
جارية ،
قديسة ،
عاهرة ،
إمام مسجد ،
أو بطريرك كنيسة ،
أو لصة ،
أو قوادة في ماخور ،
ولكن خارج الدائرة .
..........................................
وعذرًا ،
فلم أفهمك ،
حينما قلت ،
ذات يوم قريب :
أسفة جدًا فلن استطيع المواصلة ،
لم أفهم ،
حينئذٍ ،
أنك تنكثين العهد ،
وتنقضين الميثاق ،
وتستقيلين من مهمتك العابرة .
..........................................
فانطلقي إلى حيث تريدين ،
ولعلك تحققين ،
خارج قاعات العرش ،
وأسوار المملكة ،
ما تحلمين به من جاه ،
وسلطان ،
وشهرة ،
ومال ،
وما شاء لك الهوى ،
فالانسان حلم .
..........................................
أما أنا ،
فسأبقى ملكًا على مملكة الروح ،
وسيبقى عرشي عقل ،
وقلب ،
وفكر ،
وحب ،
وكفى به ملكًا ،
مقامات علوية ،
ومراتب سماوية ،
وخزائن قدسية ،
وورقة ،
أو قلم .
..........................................
نص من مجموعتي الجديدة ( تجليات مابين التسبيح والسجود ) ، محمد جاد هزاع ، تحياتي .
1 like ·   •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on June 16, 2021 03:20 Tags: تجليات-ما-بين-التسبيح-والسجود

June 15, 2021

الفرق بيننا

ما أفجع أن تكتشف ،
أيها النَسرُالمحلقٌ في الفضاء ،
أنك تنزَّلت من عليائك ،
وبقيتَ عدةَ قرونٍ عجافٍ ،
تحوم حول الأرض ،
تنقر صخرة وراء صخرة ،
لتفتح في جدار الزنزانة ثغرة .
..........................................
عسى أن يرى النورَ توأمُك ،
المعتقل ،
منذ الميلاد ،
بين القضبان ،
فلا يعرف ما الأجنحة ،
وما الطيران ،
ولا يعرف أن وراء القفص الذهبي ،
سبعَ سماوات ،
وكونًا فسيحًا ،
ومجرة .
..........................................
وما أبشع يا أيها المدمنُ للتحليقِ ،
في الآفاق ،
أن يكتشفَ توأمُ روحِك ،
المسجون ،
منذ آلاف السنين ،
أن له أجنحةً ،
وأنه مخلوقٌ علويٌ سماويٌ ،
فيطيرُ ،
بك معك ،
ألف مرةٍ ،
ومرة .
..........................................
ولكنه ،
ويا للحسرة ،
مختارًا ،
لأولِ مرةٍ ،
بعدما علمته ،
برحيق عمرك ،
أن يختارَ ،
قد اختار ،
فجأةً ،
أن يهجرك ،
وأن يعود للسجن ،
وكأن عِرقًا ،
سُفليًا ،
فيه لا يصدق أن الحرية مفخرة .
..........................................
ولا يثق أن تكسير قيود الليل ،
والخروج إلى النهار ،
هو الحياة ،
كأن العادة باتت لديه أصلًا ،
والطبيعة استثناءً ،
والموت في حقه متنًا ،
والبعث هامشًا ،
لا يستحق المجاهدة ،
والمغامرة .
..........................................
لا بأس أيها المفارق ،
فالفرق بيني وبينك ،
أنك ،
وقد تعلمت ،
على يديَّ ،
الأختيار ،
( أنك تختار لك ،
وأني أختار لنا ) ،
ولربما قد نسيت ،
أن اعلمك أن الوفاء شرطُ الفناء ،
والفناء مخاطرة .
..........................................
الفرق بيننا ،
يا أيها الآبق ،
كالفرق بين عبادة الأصنام ،
وأكبرها الـ ( أنا ) ،
وعبادة الله ،
وسرها ( نحنُ ) ،
ولا عذر لك بالجهل ،
فقد علمت الفرق ،
فأنت وربُك ،
وموعدنا الآخرة .
..........................................
نص من مجموعتي الجديدة ( تجليات ما بين التسبيح والسجود ) ، محمد جاد هزاع ، تحياتي .
 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on June 15, 2021 02:13 Tags: تجليات-ما-بين-التسبيح-والسجود

June 14, 2021

ككل الجياد أنت

اكتمْ صوتَ جُرحِك النازفِ فيك ،
فماعادَ لديكَ مَن يبكي معك .
.........................................
ولملم قطرات دمك المسفوك ،
فما عاد عندك حتى مَن يسمعك .
.........................................
لم يبق حولك إلا العصافير،
التي تراك ملجأً ،
من الحزنِ والوجعِ ،
فلاتفجعها فيك ،
ياجبلُ ،
إن أبصرتْ دمعَك ،
أو أدركتْ ما يوجعك .
.........................................
فلكلٍ مهمةٌ ،
ومهمةُ الجبال الرواسيَ أن تجود ،
كلَ يومٍ ،
ببعضها ،
ليبتني الفقراء ،
من فلذات أكبادها ،
بيوتًا فما ،
أوجعها ،
وما أوجعك .
.........................................
وهكذا النهر ،
والبحر ،
والشمس ،
والقمر ،
وكلُ جوادٍ ،
يجودُ ببعضه ،
فآلامُ الجوادين لهم ،
و ما يجودون به حق للآخرين ،
فما أعجبك .
.........................................
فاسكتْ ،
فما الكلام إلا ظلال للمشاعر ،
مالها من الحقيقة نسبةٌ ،
تبدو وكأنها صديق ،
يمشي معك ،
أو يتبعك ،
ولكنها أبدًا لا تنفعك .
.........................................
فأنت ،
ككلِ الجياد ،
لاحق لك عندهم ،
و إن أجاعوك ،
وعطشَّوك ،
وأنهكوك ،
وربما ذبحوك ،
و أكلوك ،
وشربوا دمك ،
فما أعظمك .
.........................................
وما أرأفهم إن قتلوك ،
إن يومًا ضَعُفتَ ،
وما أجملهم إن دفنوك ،
ويالإنسانيتهم ،
لو كتب فيك بعضهم رثاءً :
ما ابخلك ،
وما أضيعك !!!
.........................................
نص من مجموعتي الجديدة ( تجليات ما بين التسبيح والسجود ) ، محمد جاد هزاع ، تحياتي
 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on June 14, 2021 01:55 Tags: تجليات-ما-بين-التسبيح-والسجود

June 13, 2021

فتنة الأنا والسراب الكاذب

لأنه ما من كامل غيرالله تعالى، وككل البشر، كانت بعض شحنات (الغضب) تعتريه من آن لآخر، ولكنه بما مَنَّ الله به عليه من علم وحكمة، وما رباه عليه أشياخه من عباد الله الصالحين، كان سرعان ما يكبح جماح نفسه، فيتخلص سريعًا، من جرعات (ماء جهنم) هذه، فيعود إلى سيرته الأولى .
ولأنه ما من كامل غيرالله تعالى، وككل البشر، كانت بعض شحنات (الحزن) تعتريه من آن لآخر، ولكنه بما مَنَّ الله به عليه من علم وحكمة، وما رباه عليه أشياخه من عباد الله الصالحين، كان سرعان ما يكبح جماح نفسه، فيتخلص سريعًا، من جرعات (ماء السموم) هذه، فيعود إلى سيرته الأولى.
...............................................
وعلى إثر إكتشاف أن الأمر لم يكن أمر عودة للسجن، كما أعطاه (شاهد حال) سابق، بل أمر خروج على الإذن، كما أعطاه (شاهد حال) لاحق، وجد نفسه (غاضبًا) ، و (حزينًا) كما لم يغضب، ولم يحزن، من قبل.
...............................................
خرج لا يلوى على شيء، ربما يبحث عن شيخه يستهديه.
...............................................
وكأنه كان في إنتظاره، ومن على رفرف ما بين (جحيم التلوين) ، و (فردوس التمكين) ، واجهه كفاحًا، وليس من وراء ستار :
ماذا دهاك أيها المحترق المسموم، هل قامت القيامة، فوجدت نفسك من أصحاب البحر المسجور، وألقى بك زبانية الجحيم في ماء السموم ؟
...............................................
قلت : لا، ولكن أشكل علىَّ أمر الحال والمقال والشاهد والشهود، وهذا عندي أشد من وقع القيامة، فقد أُلقي في روعي، منذ أيام، أن روحًا أنقذته، بفضل الله، من سجن اللا إختيار، وعلمته، بمدد من الله، كيف يختار، ولكنه اختار العودة للسجن، ثم ألقي في روعي منذ ساعات، أنه لم يعد للسجن، بل خرج عن مقتضيات الإذن، بلا سابق إنذار، وبات في الخلاء، بلا غطاء، معرضًا للفتن والبلاء، فكيف تتناقض الأحوال، إلى هذا الحد، وكيف يغدر أو يخون مَن أكدت النبوءات ذات يوم أنه تجل لأسمه الوفي، ولا وفاء، فقد كان عذره في الحال الآول أنه يخاف الخروج، ثم تبين في الحال الثاني أن ذلك كذب بواح، وأن فتنته وبلاءه في الخروج.
...............................................
قال : لا تناقض في شواهد الأحوال، ففي الحال الأول عاد، بشكل أو أخ، وبدرجة أو أخرى، إلى سجن (الأحكام السابقة) ظاهرًا، وفي الحال الثاني عاد، بشكل أو آخر، وبدرجة أو أخرى، إلى سجن (التصورات اللاحقة) باطنًا، والجامع بين الخروجتين والعودتين هو الخروج على ثم العودة لسجن (الأنا) ، الذي لا يرى حال الخروج أو العودة إلا (هواه) ، وما أنت عنده، كما العالم كله، في الحالتين إلا واسطة ووسيلة وأداة، وإن تسمت حب وعشق وتوحد، فكل ذلك (تلوين) ، إذ لا تجتمع أبدأ (الأنا) مع (التمكين) ، أما الوفاء فصحيح، ولكنه الوفاء لـ (أناه) لا سواه.
...............................................
قلت : الأنا هو السر إذا يا مولانا ؟
...............................................
قال : وأي أنا، ياولدي، إنه الأنا الغارق في محيط الغرور، ذلك المبيد القاتل الذي لاينجو منه إلا أقل من القليل .
...............................................
قلت : كان يبرر خوفه من كل شيء، بأنه لايثق في نفسه، فكيف يجتمع الغرور مع فقدان الثقة في النفس يا سيدنا ؟
...............................................
قال : وهل كان يخاف، حينما كان يحلق معك وبك، حتى السماء السابعة ؟
لقد كان الخوف حجة يسوقها، ربما بدون علم، وربما بدون قصد، كمهرب منك ومن العالم، لأناه وهواه، فلم تكن أنت، ولم يكن العالم كله، وربما لن تكون ولن يكون، إلا وسيلة لغاية، يستخدمها بقدر ما تحتاج الأنا أو بقدر ما يظن أنه يحتاج ولا فرق عنده بين هناك أو هنا .
...............................................
قلت : قد تتكرر التجربة إذًا، طالما وجد وسيلة، يحسبها كفيلة بنقله خطوة او خطوات لتحقيق تلك الغاية .
...............................................
قال : ربما، ففتنته وبلاءه أن غايته لن تتحقق أبدًا، مهما تعددت وتنوعت الوسائل، فالأنا شريك لله، تنازعه جهلًا لا نهائيه، ولذلك فغايات من يعبدون هواهم لا نهائية، كلما وصلوا إلى شيء، وجدوه سرابا، فيعيدون الكرة، مرة بعد مره، وربما لو أمهلهم العمرألف مره، حتي يجدوا الله عنده، فذلك وقت الحساب .
...............................................
قلت : أما من طريقة لتحقيق ولو بعض الغايات، دون فتنة الوقوع، ولو مؤقتا، في استهلاك أنفسهم وأعمارهم، بينما يظنون أنهم يستهلكون تلك الوسائل لخدمة أنفسهم ؟
...............................................
قال : أن يتخلصوا من سطوة أناهم وأنانيتهم، لحساب من قال (أنا الله) ، فلا أنا، على التحقيق سواه، وأن يضعوا حدا للغايات فلاشيء لا نهائيا إلا الله .
...............................................
قلت : وماذا أفعل ؟
...............................................
قال : تعود لخلوتك، وتتأدب بأدب ربك، فقد قال (كل إنسان إلزمناه طائره في عنقه) ، وما عليك إلا البلاغ والتبيين، وقد أبلغت وبينت وجاهدت وصبرت وثابرت، فما عليك .
...............................................
قلت : لله الأمر من قبل ومن بعد .
...............................................
قال : عليه توكلنا وإليه ننيب .
...............................................
سألت : أأدعو لهم الله ؟
...............................................
قال : وهل عند المحبين سوى الرجاء .
...............................................
قلت : اللهم أعذنا وأعذهم من الشرك الجلي والخفي، وعلمنا وعلمهم التوحيد والتأحيد والتفريد، وهب لنا ولهم ما يليق بك مما ترضاه يارب العالمين .
قال : آمين يارب العالمين .
...............................................
نص من مجموعتي الجديدة (تجليات مابين التسبيح والسجود) ، محمد جاد هزاع ، تحياتي .
 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on June 13, 2021 11:53 Tags: تجليات-ما-بين-التسبيح-والسجود

June 4, 2021

رائحة غير الرائحة

أخبره البصاصون أن ثمة رائحة غير رائحة عطره الأثير تفوح من ثنايا الفرش في قاعة العرش، سأل العرافين،
قالوا : ربما كانت تلك الرائحة رائحة الماضي الذي يطل برأسه مع كل مواسم الجفاف، أو المستقبل الذي يلوح في الأفق مع كل مواسم الفيضان،
قال : وربما تكون ارهاصات خروج بعض المنكرين للميثاق من دائرة الصولجان، أو اخراج بعض المتنكرين للعهد من حدود الديوان، كما كان قد نبأني ذات يوم كبير الكهان،
قالوا : دعنا نعيد قراءة الجفر، عسانا نجد تفسيرا لهذا التغيير،
قال : لا داعى، فحراس المقام قد أعدوا العدة، واتخذوا ما يكفي من التدابير، ومن نكث فإنما ينكث على نفسه، والله من ورائهم محيط، فهو المحيط الواسع الكبير .
————————————————————
نص من مجموعتي الجديدة ( تجليات مابين التسبيح والسجود ) ، محمد جاد هزاع ، تحياتي .
 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on June 04, 2021 04:23 Tags: تجليات-ما-بين-التسبيح-والسجود

June 2, 2021

حمو بيكا واورتيجا

أدرك في وقت مبكر جدًا من عمره ، وربما بالفطرة ، التي فطره الله عليها ، أنه يوجد طريقان لا ثالث لهما ، لتحقيق الأهداف ، أولهما هو (العلم) و (العمل) ، وثانيهما هو (الفهلوة) و (الشطارة) ، وأدرك كذلك أن الطريق الأول أصعب وأطول، ولكنه أرسخ وأبقى ، وأن الطريق الثاني أسهل وأقصر، ولكنه هاش ومؤقت .

وكان طبيعيًا جدًا بموجب فضل الله عليه أولًا ، ثم بفضل نشأته وتربيته ثانيًا ، أن يختار الطريق الأول ، وأن يحب ويحترم ويقدر ويجل ويبجل مَن يختارون هذا الطريق ، وأن يتعامل مع مَن يختار الطريق الثاني ، بقدر كبير من الحذر ، الذي يصاحبه قدر كبير أيضا من الاستخفاف ، اللهم إلا إذا وجد من بينهم من هو على أستعداد للعودة إلى جادة الصواب ، فكان يكرس جزءًا كبيرًا جدًا من وقته ومجهوده لمساعدة أمثال هؤلاء فلعل وعسى .

كان يري أن أصحاب الطريق الأول هم أعمدة الخيمة التي تُظل الناس من الحر والقر، وأوتادها وجنباتها، التي تحميهم وتساعدهم على لأواء دار الإبتلاء هذه ، فيمكثون في الأرض ، في الحياة وبعد الممات ، ككل نافع لنفسه ولغيره ، وأن أصحاب الطريق الثاني طفيليات تعيش على عرق ودماء غيرها ، فلاتنفع نفسها ولاتنفع الناس ، إلا غرورًا ووهمًا وكذبًا وإدعاء وزورًا وبهتانًا ، بل تضرنفسها وتضر الناس ، وانها تذهب جُفاء ، غير مأسوف عليها ، كما يذهب كل زبد طاف على سطح الماء .

وأكدت تجاربه على مدار عمره ، ما استقر عليه إدراكه المبكر هذا ، حيث كانت المعادلات لديه واضحة تمامًا .

تريد أن تكون نافعًا وناجحًا ومحترمًا ، فليس أمامك إلا بذل الجهد والعرق وربما الدم ، لتتعلم كيف تميز بين التبر والتبن ، أي أن تكون جواهرجيًا حقيقيًا ، لا أن تكون صائغا نصابًا مزيفًا .
..............................................................

تريد أن تكون شيئًا ما ، بدون مجهود أو بقليل من الجهد ، بلا علم ولا عمل ، أي بـ (التهبيش) و (التلطيش) فالمسألة سهلة جدًا .
..............................................................

تريد أن تكون (شاعرًا) ، بينما أنت لا تعرف اللغة ، نحوًا وصرفًا وبلاغةً وبيانًا ، بل لا تعرف القواعد الإملائية الصحيحة ، فضلًا عن البحور والتفعيلات والأوزان والصور والتجربة الشعرية ، إخترع نوعًا من القول أو الكتابة ، ليس فيه مما سبق شيء يذكر، وازعم أن هذا هو الشعر الحديث أو شعر مابعد الحداثة ، وستجد من أمثالك من يبادلك الإعجاب ، لا لشيء إلا لأنه دعي مثلك يرجو أن تبادله الإعجاب .

تريد أن تكون (كاتبًا) ، بينما أنت فاقد لأي فكرة محترمة تكتب عنها ، فضلا عن أفتقادك للملاحظة والمتابعة والتحقيق والتدقيق والتحليل والإستنتاج والإفادة ، أخترع نوعًا من القول أو الكتابة التي لاتقول شيئًا ، وليس فيها إلا حروفًا وكلمات وجمل لامعنى لها ، وازعم أنك مجدد غير ملتزم بكل أنواع الكتابة السابقة ، قصة ، أو رواية ، أو مقال ، أو خاطرة ، أو دراسة ، أو رسالة ، أو يومية ، أو رأي ، وستجد ، من أمثالك ، من يبادلك الإعجاب ، لا لشيء إلا لأنه دعي مثلك يرجو أن تبادله الإعجاب .

تريد أن تكون (سياسيًا) جهبزًا ، بينما أنت لا تعرف ما السياسة ، لا علمًا ولا عملًا ، بسيطة جدًا ، هاجم كل الساسة الكبار ، بل الدولة بجميع مؤسساتها ، والوطن بكل تجلياته ، وازعم أنك معارض لا يشق له غبار ، وصب جام غضبك على من يعرفون ما السياسة ومن يمارسونها ، وستجد ، من أمثالك ، من يبادلك الإعجاب ، لا لشيء إلا لأنه دعي مثلك يرجو أن تبادله الإعجاب .

تريد ان تكون (غنيًا) ، أشتغل مع أي أحد يفتح لك أبوابه ، حتى لو كان هذا الشغل مشبوه بل محرَّم و مجرَّم ، وستجد ، من أمثالك ، من يبادلك الإعجاب ، لا لشيء إلا لأنه دعي مثلك يرجو أن تبادله الإعجاب .

تريد أن تكون (دنجوان) عصرك ، بالغ في تقدير التافهات ، وصفهن أنهن أجمل الجميلات ، وأعظم العبقريات ، وأنهن يفقن كل مَن سبقوهن ، من الأعلام في كل المجالات ، وعلى جميع المستويات ، وستجد ، من أمثالك ، من يبادلك الإعجاب ، لا لشيء إلا لأنه دعي مثلك يرجو أن تبادله الإعجاب .
وهكذا في بقية الأشياء .
..............................................

فشلت في كل ذلك ، اعلن عدم إلتزامك بأي شيء ، وهاجم الدين ، وجدف على الله ، والرسول والنبي والولي ، والأحكام ، ووووالخ ، وازعم أنك تمارس حريتك ، كحق أصيل لك ، حتى تلامس أو تجتاز تخوم الفوضى ، وستجد ، من أمثالك ، من يبادلك الإعجاب ، لا لشيء إلا لأنه دعي مثلك يرجو أن تبادله الإعجاب .
وهكذا في بقية الأشياء .
..............................................

ولكن كن على يقين ، أن الفهالوة والشطار ، غير الملتزمين بأي قواعد ، في أي مجال ، وعلى أي مستوى ، ولو ملأوا الدنيا ضجيجًا ، وأحتلوا كل خشبات المسارح في العالم ، وبقوا تحت الأضواء إلى أجل مسمى ، هم بالنسبة لأصحاب الطريق الأول ، كـ (حمو بيكا) ، و (اورتيجا) وأشباههم ، إذ ينتقدون ويهاجمون ويقللون من قيمة وقامة (أم كلثوم ) و (عبد الوهاب) وأمثالهم ، وتأكد أن الزبد يذهب جفاءً ، وأما ما ينفع الناس ، فيمكث في الأرض ، فسيبقى ليوم القيامة حموبيكا وأورتيجا مسخين مشوهين مقرفين ، وستبقى أم كلثوم وسيبقى عبد الوهاب علمين خالدين ، قيمتين وقامتين .
..............................................

كان ولا يزال يقول ذلك ، ويكتب ذلك ، وسيظل يقول ذلك ، ويكتب ذلك ، مهما كان عدد ونوع الأدعياء ، الذين عاملهم على أساس من ذلك ، منذ البداية ، أو الذين ثبت لديه أنهم لايعرفون غير ذلك ، رغم مجهوده المضني معهم ، قرب النهاية .

أما جراحه التي أبتلي بها ، من بعض مَن أحسن بهم الظن ، وأحسن إليهم ، قدر استطاعته ، سنوات وسنوات وسنوات ، رغم معرفته بتشوهاتهم الداخلية منذ البداية ، على أمل أن يصلح الله شأنهم عند النهاية ، فيحتسبها عند الله ، الذي لايعرفونه إلا على حرف .
..............................................

نص من مجموعتي الجديدة ( رتوش بيضاء وسوداء على وجه الوطن والدين ) ، محمد جاد هزاع ، تحياتي .
 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on June 02, 2021 02:46