أسرع جناحين على كوكب الأرض
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ) الحج/٧٣
هذا النوع من الذباب الصغير 𝘍𝘰𝘳𝘤𝘪𝘱𝘰𝘮𝘺𝘪𝘢 هو الكائن الحيّ صاحب أسرع جناحين على كوكب الأرض، فجناحاه يخفقان بسرعة 1046 مرة في الثانية، وهذه سرعة خارقة ماكنتُ لأصدّقها لولا أنّ التجارب المعملية أثبتتها!
طيّب كيث يحقق الذباب هذه السرعة المذهلة؟ علميا قد تمّ تصنيف الأنظمة العضلية للحشرات إلى نوعين، نظام متزامن Synchronous ولامتزامن Asynchronous، ولكلّ منهما طريقة عمل وتفاصيل جزيئية مختلفة، وكلّ نظام عضلي من هاذين مناسب لنمط حياة وبيئة مختلفة.
في النظام العضلي المتزامن، تتقلّص العضلات المتصلة بالجناح مرة واحدة لكلّ نبضة عصبية، والسرعة الحدية لا يتتجاوز 100 خفقة في الثانية، بمعنى أنه في كلّ ثانية يرسل دماغ الحشرة 100 أمر عصبي بتحريك الجناح!
في النظام العضلي اللامتزامن —الذي يمتلكه الذباب الصغير وغالب الأنواع الحشرية—، يحدث التقلّص العضلي بطريقة مختلفة، بحيث أنّ نبضة/أمرا عصبيا واحدا لا يحرك العضلة المتصلة بالجناح مرة واحدة بل مرات عديدة، وهو مايسمح ببلوغ ترددات رفرفة عالية جدا . . . هذا النمط من التحليق يسمح بتقليل الإجهاد الطاقوي على النظام العصبي للحشرة بحيث أنها لن تحتاج لإرسال 1046 أمرا عصبيا بتحريك الجناح كلّ ثانية، بل أقلّ من ذلك بكثير، ولا تجد الأوراق العلمية حرجا في وصف هذا النمط من التحليق بأنه إنجاز تصميمي Design breakthrough . . . لا يوجد تأريخ تطوري مدعم بالأحافير الإنتقالية لنشوء هذا النوع من التحليق، ولا حتى النوع الأول، ولا كيفية ظهور الحشرات أساسا، فقد ظهرت خلال العصر الفحمي المتأخر Late Carboniferous قبل 300 مليون سنة فجأة خلال حدث انتواع/خلق مباشر كبير، ومع أكثر من مليون نوع موصوفٍ فإنّ الحشرات هي أكثر المجموعات الأحيائية تنوعا على الإطلاق!
https://royalsocietypublishing.org/doi/10.1098/rspb.2020.1774