حسان بن عابد's Blog

May 10, 2024

كفاءة الخلية الحية

إن خلية واحدة في جسم الإنسان أكثر كفاءة في استخدام الطاقة بحوالي 10000 مرة من أي ترانزيستور رقمي نانوي، وهو لبنة البناء الأساسية للرقائق الإليكترونية، ففي ثانية واحدة تقوم الخلية بإجراء حوالي 10 ملايين تفاعل كيميائي مستهلك للطاقة، والتي تتطلب في مجملها حوالي بيكو واط واحد فقط من الطاقة pW، أي جزء من ألف مليار جزء من الواط!

— Anne Trafton, Cell-inspired electronics. MIT News 2010.

 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on May 10, 2024 10:25

April 9, 2024

القفص الصدري للإنسان

❞ينبغي على المرأ أن يعجب بمهارة الخالق الأعظم للعالَم Supreme Creator of the world في بناء القفص الصدري للإنسان، ليس بالعظام فقط ولا بالعضلات فقط، ولكن من كليهما بالتناوب، على عكس الجمجمة التي شُكّلت بالكامل من العظام، والبطن المبنيّ بالعضلات بشكل رئيسيّ، ويجب ألا يتمّ التغاضي عن هذه النقطة المهمّة باستخفاف أو دون إيلائها الاهتمام الواجب، بل علينا معالجتها بشيء من التفصيل وبالاهتمام المناسب.

لا يحتاج الدماغ إلى عضلات للقيام بأيّ من وظائفه،فلا يتوسع أيّ جزء من الجمجمة أو ينضغط، وهكذا يكون الدماغ محاطا بالجمجمة كما لو كان محاطا بخوذة.

ولكن لو كانت الأعضاء الداخلية كالمعدة والأمعاء والمثانة والرحم محاطة بجدار عظميّ مماثل، فكيف يمكن للمعدة أن تفسح المجال لاستقبال الطعام والشراب؟ وإلى أي اتجاه سيبرز بطن المرأة الحامل؟ وكيف يمكن دفع الطفل بنجاح أثناء الولادة إذا لم تكن هناك عضلات مساعدة؟

وبالمثل، إذا كان الصدر يتشكّل كليا وحصريا من العظام، فإنّ حركات الصدر التي نحتاجها بشكل أساسي لأداء التنفس سيتم إلغاؤها تماما، ومن ناحية أخرى، إذا تم تشكيله فقط من العضلات لإنتاج هذه الحركات، فإنّ العضلات، التي ليس لديها أيّ شيء خارجي صلب للتحكّم فيها، سوف تنهار على الرئتين والقلب!

لذلك، للحفاظ على سعة معينة داخل الصدر مع تمكينه من التحرك بشكل إرادي، تمّ وضع العضلات بالتناوب بين العظام، وهذا يوفر قدرا كبيرا من الأمان للقلب والرئتين، لأنه بهذه الطريقة يتم حمايتهما بشكل أفضل ممّا لو كان الصدر يتكون من العضلات فقط، بالإضافة إلى ذلك، توفّر الكتلة العظمية للصدر دعما رائعا للكتف والذراعين❝.

— أندرياس فيزاليوس، أحد أشهر علماء التشريح على الإطلاق، في موسوعته الرائعة بنية الإنسان “دي هيوماني كوربوريس فابريكا” De humani corporis fabrica، المجلّد الأول عن العظام والغضاريف، نسخة مترجمة للإنجليزية من طرف ويليام ريتشاردسون وجون كارمان، الصفحات 207-208.

 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on April 09, 2024 20:18

January 14, 2024

مناورات مناعية!

أظهرت دراسة حديثة من مجلّة 𝘊𝘦𝘭𝘭 𝘏𝘰𝘴𝘵 & 𝘔𝘪𝘤𝘳𝘰𝘣𝘦 أنّ المشيمة —وهي العضو المؤقّت الذي يربط بين الجنين والأمّ— تقوم بخدعة عجيبة لإبقاء المناعة حول الجنين في وضع اليقظة، والأمر أشبه بالمناورات التي تقوم بها الجيوش للحفاظ على جاهزيتها لأيّ تهديد!

بالمختصر فإنّ خلايا المشيمة تقوم بصناعة جسم نووي يشبه شكله فيروسا لكنه فارغ وغير ضار للجنين، فالمشيمة تصنع هذا الفيروس “الدمية” إن صحّ التعبير، ثم تقنع نفسها أنه فيروس حقيقي وتطلق الإستجابة المناعية ضده!

وهذا الإكتشاف قد حيّر علماء المناعة لأنه يناقض بديهيات سابقة في هذا الميدان العلمي، فقد كان الإعتقاد السائد أنّ الإستجابة المناعية ضدّ الفيروسات لا تنشط إلا عند وجود فيروس حقيقي، لأنّ الفيروسات تتسلّل إلى داخل الخلايا وتستحوذ عليها ممّا يدفع بالجهاز المناعي إلى شنّ استجابة شديدة وتدمير الخلية كلّها وربما يمتد الأمر إلى أجزاء من الأنسجة إذا أصيبت، ثمّ يتمّ إخماد الإستجابة في أسرع وقت.

لكنّ المشيمة كسرت هذه القاعدة عبر تنشيط الجهاز المناعي بفيروس “دمية”، وليس هذا فحسب بل إنّ مستوى الإستجابة المناعية لهذا الفيروس “الدمية” كان لطيفا فلا يؤذي أنسجة الجنين إطلاقا، ولا يتمّ إخماد الإستجابة بل تبقى نشطة في هذا المستوى المعتدل لاستهداف أي فيروس قد يتجاوز الحواجز المناعية للأمّ!

(يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ • الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ) الإنفطار/٦-٧ . . . ربّ كريم حقّا وصدقا، ومن صور كرمِه أن جهّز المشيمة بهذه الآلية المناعية المذهلة لحماية الجنين من الفيروسات التي قد تتسلّل إليه فتشوّه خِلقته أو تقتله!

https://www.cell.com/cell-host-microbe/fulltext/S1931-3128(23)00211-1

 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on January 14, 2024 07:32

إحصائيات جديدة تكشف تضاعفَ أعداد المصابين بالأمراض الجنسية في بريطانيا!

أظهر تقرير للوكالة البريطانية للأمن الصحي UK Health Security Agency نشر بتاريخ 6 جوان 2023 بأنّ أعداد المصابين بالأمراض المنقولة جنسيا كالزهري Syphilis وصلت إلى أعلى مستوى لها منذ 75 عاما، بينما وصلت حالات مرض السيلان Gonorrhoea إلى مستوى قياسي!

يشير التقرير إلى تسجيل انخفاضٍ في عدد المصابين بالأمراض المنقولة جنسيا في عاميّ 2020 و2021، بسبب سياسة الحجر الصحي المتعلّق بفيروس كوفيد 19، حيث أدى الإغلاق إلى تقليل فرص الاتصال الجنسي، لكن بعد رفع الحجر أصيب 392.453 شخصا جديدا بأمراض منقولة جنسيا في فترة لا تتعدى عاما واحدا، ويؤكد التقرير بأنّ هذه الأمراض متفشية بين المثليين بكلّ أطيافهم Infectious syphilis is increasing both among gay, bisexual or other men who have sex with men، وفي مختلف الفئات العمرية لكن بشكل بارز بين الشباب بين 15 إلى 24 سنة The impact of STIs remains greatest in young people aged 15 to 24 years . . . لمن لا يعرف أعراض هذه الأمراض الخطيرة فالزهري عبارة عن تقرحات خطيرة في كلّ نواحي الجسم تنتشر تدريجيا وتزداد عمقا فيتآكل الجسم بكلّ أنسجته شيئا فشيئا (الصورة في المنشور)، أما السيلان فعبارة عن إفرازات صفراء صديدية ودم في البول، مع التهاب في الكليتين وانتفاخ الخصيتين عند الرجل والتهاب الرحم ونزيفه عند المرأة.

عن عبد الله بن عمر قال: «أقبلَ علينا رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فقالَ: يا معشرَ المُهاجِرينَ خمسٌ إذا ابتُليتُمْ بِهِنَّ وأعوذُ باللَّهِ أن تدرِكوهنَّ، —وذكرَ منهنّ— لَم تَظهَرِ الفاحشةُ في قومٍ قطُّ حتَّى يُعلِنوا بِها إلَّا فَشا فيهمُ الطَّاعونُ والأوجاعُ الَّتي لم تَكُن مَضت في أسلافِهِمُ الَّذينَ مَضوا».

https://www.theguardian.com/society/2023/jun/06/syphilis-cases-highest-level-75-years-england-gonorrhoea

 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on January 14, 2024 07:27

اكتشاف علمي جديد، يظهر خطر نظرية التطوّر على تقدّم العلوم!

الغدة الزعترية أو التيموسية Thymus gland هي كتلة من النسيج الليمفاوي ثنائية الفصوص تقع على القصبة الهوائية أعلى القلب خلف عظمة القصّ، تكون عند الجنين وحديثي الولادة بحجم القلب تقريبا (انظر الصورة)، وتستمر في النموّ حتى سن البلوغ ثمّ يتناقص حجمها تدريجيا بعد ذلك لتصبح على شكل شريحتين تتخلّلهما الأنسجة الدهنية.

في 1887 وضع عالم التشريح الألماني روبرت ويدرسهايم قائمة بـ86 عضوا، زعم أنها أثرية وضامرة في كتابه (بنية الإنسان The structure of man )، بعد تأثره بأفكار داروين واعتبار كلّ عضو لم تعرف وظيفته في ذلك الوقت عضوا بلا أهمية، وقد تضمّنت القائمة عظم العصعص وبعض الأضلاع والزائدة الدودية والغدة الصنوبرية والغدة الزعترية، وجميع هذه الأعضاء تبيّن لاحقا أنّ لها وظائف لا غنى عنها لبقاء الإنسان على قيد الحياة، فتقلّصت القائمة تدريجيا حتى اختفت تماما.

من زمن ويدرسهايم إلى 60 سنة الأخيرة اعتبرت الغدة الزعترية عضوا أثريا بدون وظيفة، وكان يُعتقد أنها ليست إلا مقبرة لموت الخلايا الليمفاوية، فكانت تتمّ إزالتها أحيانا Thymectomy أثناء جراحة القلب لتسهيل الوصول إليه وإلى الأوعية الدموية الرئيسية، وقال عنها الطبيب الإنجليزي بيتر ميداور —الحاصل على جائزة نوبل في الطب لعام 1960— بأنّ وجودها كان نتيجة لـ ❞حادث تطوريّ وليس لها أهمية كبيرة 𝐴𝑛 𝑒𝑣𝑜𝑙𝑢𝑡𝑖𝑜𝑛𝑎𝑟𝑦 𝑎𝑐𝑐𝑖𝑑𝑒𝑛𝑡 𝑜𝑓 𝑛𝑜 𝑣𝑒𝑟𝑦 𝑔𝑟𝑒𝑎𝑡 𝑠𝑖𝑔𝑛𝑖𝑓𝑖𝑐𝑎𝑛𝑐𝑒❝، ومن الطريف أنه في نفس السنة قدّم عالم الأحياء الفرنسي جاك ميلر مؤشرات على أهمية هذه الغدة، فلاحظ أنه بعد استئصالها في الفئران حدية الولادة ماتت مبكّرا، وقال أنها ضرورية جدا لإنتاج الخلايا المناعية وتلعب دورا حاسما في إطلاق الإستجابة المناعية.

منذ ذلك الوقت، تم نشر أكثر من 50000 مقال علميّ يركز على الغدة الزعترية وتبيّن أنها تلعب دورا حاسما في تمايز الخلايا المناعية التائية، فهذه الغدة أشبه بمعسكر تدريب لاختبار قدرة هذه الخلايا التائية —المصنوعة في نخاع العظام— على التعرف على الأجسام الغريبة وفي نفس الوقت التسامح مع خلايا الذات Self tolerance، وتقوم الغدة الزعترية بقتل كلّ خلية مناعية تفشل في هذا الإختبار . . . هذا الدور الرائع يسمح بتخريج خلايا مناعية لها كفاءة أمنية عالية وقادرة في نفس الوقت على معرفة الخلايا الذاتية وعدم مهاجمتها، ولولا وجود هذه الغدة لدمّر الجهاز المناعيُ الجسمَ نفسه!

الآن أظهرت دراسة جديدة قادها باحثون في مستشفى ماساتشوستس العام ونشرت في مجلّة نيو إنجلاند الطبية The New England Journal of Medicine —وهي المجلّة رقم واحد في جودة الأبحاث— أدلّة على أنّ الغدة الزعترية مهمّة في الواقع لصحة البالغين بشكل عامّ ولمنع السرطان وأمراض المناعة الذاتية.

قام الفريق بتقييم مخاطر الوفاة والسرطان وأمراض المناعة الذاتية بين فريقين من المرضى، الفريق الأوّل يمثله 1146 بالغا خضعوا لإزالة الغدة الزعترية أثناء جراحة القلب، والفريق الثاني يمثله 1146 مريضا خضعوا لجراحة قلبية مماثلة بدون استئصال تلك الغدة، فوجدوا أنه بعد خمس سنوات من الجراحة توفي 8.1% من المرضى الذين خضعوا لعملية استئصال الغدة الزعترية مقارنة مع 2.8% من أولئك الذين لم يجروا استئصالها، وخلال تلك الفترة أيضا أصيب 7.4% من المرضى في مجموعة استئصال الغدة الزعترية بالسرطان مقارنة بـ3.7% من المرضى في المجموعة الأخرى، كما أصيب 12.3% من المرضى في مجموعة استئصال الغدة الزعترية بأمراض المناعة الذاتية مقارنة بـ7.9% في المجموعة الأخرى، وهذه الإحصائيات تشير إلى أنّ خطر الوفاة عند الذين خضعوا لاستئصال الغدة الزعترية ارتفع بنسبة 2.9 مرة، واحتمال إصابتهم بالسرطان أعلى بمقدار مرتين، وخطر الإصابة بأمراض المناعة الذاتية أعلى بـ1.5 مرة . . . هذه النتائج تؤكد الدور الحاسم للغدة الزعترية عند البالغين رغم تناقص حجمها، والأضرار الجسيمة لإزالتها، وبشكل عام فإنّ هذه الدراسة لها تداعيات مهمّة على رعاية المرضى الذين يخضعون لجراحة القلب والصدر حيث توصى بشدة على تفادي إزالة الغدة الزعترية خلال جراحات الصدر قدر المستطاع.

لقد تغيّرت الغدة الزعترية من كونها بنية عديمة الفائدة إلى أحد أهمّ أعضاء المناعة في الجسم، تنتج الخلايا التائية المتخصصة التي تلعب دورا محوريا في طيف كامل من العمليات الفيزيولوجية كالالتهاب والعدوى والإستجابة للقاحات وفي الحساسية والمناعة الذاتية وزرع الأعضاء وحتى في تفاعلات قد لا تبدو لأوّل وهلة مناعية، كالحمل والأيض وإصلاح الأنسجة.

هذا البحث يبيّن مرة أخرى أنّ المزاعم الداروينية ليست إلا عقبات في طريق البحث العلمي، فما كان لنا أن نعرف دور هذه الغدة لو أنّ العلماء صدقوا الإدعاءات الواهية للتطوريين أمثال ويدرسهايم وبيتر ميداور، تماما كحالة الجينات الخردة والزائدة الدودية وأعضاء أخرى لم نفهم أدوارها إلا بعدما رمينا كلام التطوريين وراء ظهورنا!

https://www.nejm.org/doi/full/10.1056/NEJMe2306576

https://www.nejm.org/doi/full/10.1056/NEJMoa2302892

 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on January 14, 2024 07:25

بومباي وهيركولانيوم . . . شقيقتان لقرى لوط في الممارسات، وشقيقتان في العذاب!

بومبي Pompeii‏ وهيركولانيوم Herculaneum هما مدينتان رومانيتان كان يعيش فيهما أكثر من خمسة وعشرين ألف نسمةتقعان على سفح جبل بركان فيزوف Vesuvius الذي يرتفع 1200 مترا عن سطح البحر، بالقرب من خليج نابولي في إيطاليا، ويصف المتحف البريطاني المدينتين بأنّ سكانهما تمتعا بجميع وسائل الراحة في المدن، من الحمّامات والمسارح إلى المعابد والأسواق، ويعيشون في منازل فخمة، مع ما لا يقل عن 150 بارا وحانة، وتوفر الموارد الغذائية من مياه عذبة وفواكه من كلّ الأصناف، الأمر مماثل لما عاشه سكان قرى لوط من وفرة في المياه والفواكه والحيوانات.

انتشرت عبادة الأوثان في القريتين وعبد سكانهما العديد من الآلهة، وخاصة الآلهة اليونانية مثل زيوس (إله الرعد) وهيرا (إلهة الزواج) وأثينا (إلهة الحكمة) وأبولو (إله الشمس) وباخوس (إله الخمر)، كما انتشرت الدعارة بشكل كبير وعثر في بومبي وحدها على خمسة وعشرين بيت دعارة Brothels وفيها أسرّة من الصخر، بينما الجدران مزينة برسومات فنية لمختلف الأوضاع الجنسية، وتنتشر مجسمات فخارية للأعضاء التناسلية في كلّ مكان في شوارع المدينتين وأسواقها وحمّاماتها ومنازلها وحتى أواني الأكل، ممّا يشير لانتشار الإنحلال الأخلاقي بشكل كبير هناك، إضافة لهذا فقد انتشر الجنس مع الحيوانات هناك وعثر على تماثيل حجرية تصف تلك الممارسات المقززة!

كان ثوران بركان فيزوف في يوميّ 24 و25 أوت سنة 79 ميلادي على المدينتين الآثمتين أمرا غير مسبوق في تاريخ البشرية، لقد كان أقوى بمقدار 100.000 مرة من كلتا القنبلتين الذريتين اللتين أسقطتا على اليابان في نهاية الحرب العالمية الثانية، وأطلق سحابة من الدخان البركاني السامّ والحجارة والرماد إلى ارتفاع 33 كيلومترا في السماء، مع وابل من الحجارة يتهاطل على القريتين بمعدّل 1.5 مليون طنّ في الثانية!

وقد بدأ الحدث صبيحة اليوم الأوّل بسحابة من الدخان والحجارة والرماد نزل على المدينتين فحوّل نهارها إلى ظلام دامس، أحاط الدخان بأكثر سكانها وخنقهم فسقطوا صرعى، وفي صباح اليوم الثاني تدهور الوضع أكثر فبدأت تيارات من الهواء البركاني الساخن بالتدفق إلى المدينتين فأحرقت من بقي منهم حتى من احتمى بالمنازل المحصنة، وتسبّبت الزلازل التي صاحبت الانفجار البركاني في حدوث تسونامي في خليج نابولي أغرق كلّ من حاول الفرار عبر القوارب، ومنع سكان المدن المجاورة من التفكير في التدخل لإنقاذ سكان القريتين . . . وهكذا دام مشهد العذاب يومين لا أكثر، وغطى أكثر من 517 كيلومترا مربّعا!

وتخبرنا ورقة علمية من مجلّة 𝑃𝑙𝑜𝑠 𝑂𝑛𝑒 أنّ تيارا من الدخان البركاني الساخن جدا Pyroclastic flow حرارته ما بين 400 إلى 900 درجة مئوية وسرعته 180 ميلا في الساعة نزل على بعض سكان القريتين الذين اختبأوا في منازلهم فغلى دماءهم وانفجرت رؤس بعضهم، ومايؤكد ذلك هو العثور على كميات كبيرة من الحديد في بقايا 300 جثة تمّت دراستها بتقنية Raman microspectroscopy، وهذا الحديد كان نتيجة لتفكك بروتين الهيموجلوبين في بعد غليان الدم وتبخره، وقد عثر على بقايا جماجم مثقوبة نتيجة لانفجارها من فرط ضغط سوائل الجسم بعد غليانها، بينما بعض السكان تحوّلت أدمغتهم إلى زجاج أسود بسبب التعرض لدرجة الحرارة العالية جدا، أما البعض الآخر فتبخروا على الفور عند تعرضهم لتلك الريح الساخنة(١).

تشير أوضاع الضحايا إلى أنهم ماتوا على الفور، بعضهم كان نائما وبعضهم جالسا مع أبناءه أو عبيده إلخ، ولم يعثر على جثة واحدة في وضعية الهروب أو الإحتماء مثلا Self-protective reaction حيث نزل عليهم الهواء البركاني الحارّ في أقلّ من ثانية، وتوقّفت أعضاءهم الحيوية في وقت أقصر من أن يقوموا بردة فعل واعية (٢)، وتخبرنا دراسة أخرى بأنّ هذا التيار الحراري الذي أحاط بسكان القريتين لم يكن عاديا حيث أنّ التعرض له من مسافة عشرة كيلومترات كافٍ للتسبّب بالوفاة حتى لو كان الشخص مختبئا في مبنى! (٣).

وقد كان الشاهد الوحيد على هذه الكارثة العظيمة شاعر روماني اسمه بلينيوس الأصغر Pliny the Younger، كان بلينيوس يسكن في الجانب المقابل من خليج نابولي على بعد حوالي 19 ميلا من البركان، وشاهد سحابة الغبار التي حجبت الشمس تماما وأحالت صباح المنطقة ظلاما، وصف بلينيوس المشهد بأنّ “ضوء النهار عمّ جميع أرجاء العالم ذلك الصباح، ولكن هناك في بومبي انتشر ظلام أحلكُ من أكثر الليالي ظلاما It was now day everywhere else, but there a deeper darkness prevailed than in the most obscure night”.

ويحكي لنا الشاهد كذلك أنّ عمّه بلينيوس الكبير ركب سفينة وحاول إنجاد سكان بومبي لكنه غرق، وقذفته الأمواج صبيحة اليوم الثالث إلى سواحل نابولي تفوح منه رائحة الكبريت، مجاريه التنفسية ملتهبة من الدخان، وهيئته كالنائم عليه كلّ ملابسه بدون أثر لحروق أو مايشبه ذلك من الأضرار الجسدية الخارجية!

دفنت المدينتان تحت عشرين مترا من الرماد والطين أحاط بالجثث وحفظ تفاصيلها وتفاصيل القريتين حتى أنّ جدرانهما مازالت قائمة بعد إزالة أطنان الرماد في القرن الثامن عشر، تعمّ أجواءهما رائحة الكبريت كما أخبر عدد كبير من السوّاح الذين زاروا القريتين، ملعونتان لا يسكنهما أحد تماما مثل قرى لوط كسدوم وعمورة، وإنه والله لحدث عجيب كيف لبركان أقوى بمئات آلاف الأضعاف من القنابل النووية أن يدمّر مدينتين كاملتين وفي نفس الوقت يحافظ عليهما لألفيّ سنة حتى يعثر عليها المتأخرون عبرة لمن يعتبر . . . كأنّ الزمن تجمّد في المدينتين؟ (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ) الأنعام/١١ . . . من المضحك أنّ 24 أوت كان عيدا لإله النار في بومبي، فهل أنجاهم ماكانوا يعبدون من دون الله؟ (حَتَّىٰ إِذَا جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قَالُوا أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا وَشَهِدُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ) الأعراف/٣٧

(١) ❝The new study hinges on analysis of more than 100 skeletal remains from about 300 eruption victims who tried to dodge the worst of the volcano by hiding in boathouses by the waterfront of Herculaneum, 11 miles from Pompeii. These people, unfortunately, found themselves overwhelmed by a massive wave of pyroclastic surge, which radiated temperatures between 400 and 900 degrees Fahrenheit and swept through the scene at nearly 180 miles per hour❞.

Petrone, P., Pucci, P., Vergara, A., Amoresano, A., Birolo, L., Pane, F., … & Graziano, V. (2018). A hypothesis of sudden body fluid vaporization in the 79 AD victims of Vesuvius. PLoS One, 13(9), e0203210.

(٢) ❝These individuals, who did not suffer mechanical impact, do not display any evidence of voluntary self-protective reaction or agony contortions, indicating that the activity of their vital organs must have stopped within a shorter time than the conscious reaction time❞.

Mastrolorenzo, G., Petrone, P. P., Pagano, M., Incoronato, A., Baxter, P. J., Canzanella, A., & Fattore, L. (2001). Herculaneum victims of Vesuvius in AD 79. 𝑁𝑎𝑡𝑢𝑟𝑒, 410(6830), 769-770.

(٣) ❝Our results show that exposure to at least 250°C hot surges at a distance of 10 kilometres from the vent was sufficient to cause instant death, even if people were sheltered within buildings❞.

Mastrolorenzo, G., Petrone, P., Pappalardo, L., & Guarino, F. M. (2010). Lethal thermal impact at periphery of pyroclastic surges: evidences at Pompeii. 𝑃𝑙𝑜𝑠 𝑂𝑛𝑒, 5(6), e11127.

 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on January 14, 2024 07:19

عذاب قوم لوط

(وَإِنَّ لُوطًا لَّمِنَ الْمُرْسَلِينَ • إِذْ نَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ • إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ • ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ • وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِم مُّصْبِحِينَ • وَبِاللَّيْلِ ۗ أَفَلَا تَعْقِلُونَ) الصافات/١٣٣-١٣٨

من المعروف استنادا للنصوص الدينية أنّ العقاب الإلهي حلّ على مجموعة من القرى على ضفاف نهر الأردن بعدما انتشر فيها الشذوذ الجنسي وقطع الطرق والاستهزاء بالنبيّ لوط عليه السلام، وهي قرى سدوم —وهي أكبرهنّ— وعمورة وأدومة وصبييم وزوار، ولما قرأتُ الآية الكريمة وجدتُ فيها دليلا واضحا على أنّ بقايا هذه القرى الآثمة باقية بحيث يمرّ عليها الناس ويجدر بهم أن يتعظوا مما سلّط عليها . . . فهل فعلا هناك بقايا أثرية لهذا الأمر؟

في سنة 2021 نشرت دراسة علمية ضخمة (21 عالما و64 صفحة) في مجلّة Scientific Reports عنوانها: “انفجار هوائي بحجم انفجار نيزك تانغوستا دمّر منطقة تلّ الحمام في العصر البرونزي الوسيط في الأردن بقرب البحر الميت A Tunguska sized airburst destroyed Tall el-Hammam a Middle Bronze Age city in the Jordan Valley near the Dead Sea”، حيث عثر فريق من العلماء على أدلّة تشير لانفجار غامض على ارتفاع منخفض من تلّ الحمام في الأردن قبل 3600 سنة، والراجح بعد دراسات كثيرة أنّ هذا هو موقع القرى الآثمة، التي تربّعت على مساحة 36 هكتارا وسكنها أكثر من 40.000 نسمة في العصر البرونزي، وكانت تربتها خصبة والماء وافرا ولهم نظام سقي يشبه تفرعات نهر النيل، بحيث أنهم كانوا يزرعون نوعين مختلفين من القمح، وأشجار الزيتون والتين والتمور وامتلكوا الخرفان والجمال والإوز، فكانت هذه القرى فاخرة بالفعل وعيشتها مترفة.

(وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ) النحل/١١٢

يقول الباحثون أنّ هلاكهم قد يكون بسبب نيزك اخترق الغلاف الجوي بسرعة فوق صوتية وضرب القرى الخمسة في نفس اللحظة، لكن هذا التفسير يبقى فرضية مطروحة لا تؤثر على مصداقية الأدلّة الأثرية، وهو تفسير بعيد عن الصحة حيث لم يعثر على أثر للنيزك بينما يبقى أثر الكويكب الذي تسبّب في انقراض الديناصورات Chicxulub asteroid إلى اليوم في المكسيك!

ثمّ كيف يضرب نيزك واحد خمسة قرى في نفس اللحظة ويسحقها تماما بينما يترك بقية القرى المجاورة وترونها في الفيديو خضراء نضرة؟ التفسير الأدقّ لما حدث يأتينا من الوحي الصادق، فإنّ هلاك هذه القرى كان حدثا استثنائيا لا مثيل له إطلاقا، حيث أمر الله تعالى المَلك جبريل عليه السلام فاقتلع القرى من جذورها بجناحه ورفعها إلى عنان السماء ثم أهوى بها إلى الأرض، وأتبعها بوابل من الحجارة الكبريتية الحارقة.

فما يقولون أنه نيزك ضرب القرى هو _والله أعلم_ القرى نفسها اقتلعها الملك الكريم ثم قذفها إلى الأرض بسرعة فوق صوتية قدّروها بـ61000 كيلومترا في الساعة وقوّة اصطدام تعادل ألف مرة قوّة انفجار قنبلة هيروشيما النووية!

The proposed airburst was larger than the 1908 explosion over Tunguska, Russia, where a ~ 50-m-wide bolide detonated with ~ 1000× more energy than the Hiroshima atomic bomb..the calculations demonstrate that 12- to 23-megaton Tunguska-like airbursts can theoretically account for all the evidence observed at Tall el-Hammam.

انفجار تل الحمام أدى لارتفاع شديد في درجة الحرارة قدّر بـ2000 درجة مئوية صهرت التلّ بأبنيته التي كانت متعددة الطوابق وحصونه المنيعة التي تجاوز سمكها 4 أمتار وارتفاعها 12 مترا، فدفن كلّ شيء تحت متر كامل من الرماد!

أحد الشواهد على فضاعة الانفجار هو عثور الباحثين على بقايا مجهرية لبلّورات الكوارتز والزيركون التي لا تتكوّن إلا في حرارة وضغط شديدين، وشوهد تكوّن مثيل هذه البلورات في التجارب النووية البشرية.

Even though an atomic bomb blast is not applicable because of the historic absence of atomic explosions in the area, an atomic blast produces a wide range of melt products that are morphologically indistinguishable from the melted material found at TeH. These include shocked quartz, melted and decorated zircon grains

أما الضغط المتولّد من الانفجار فيقول الباحثون أنه بلغ 5 جيجا باسكال، وهو يعادل ضغط ستّ دبابات عسكرية من نوع أبرامز وزن كلّ واحدة منها 68 طنا مكدسة على إبهامك!

At the site, there are finely fractured sand grains called shocked quartz that only form at 725,000 pounds per square inch of pressure (5 gigapascals) – imagine six 68-ton Abrams military tanks stacked on your thumb.

تسبّب هذا الضغط في تمزق فضيع في أجسام ساكني المنطقة Extreme disarticulation and skeletal fragmentation in nearby humans، وفي الموقع بقايا عظمية قليلة وأواني فخارية محروقة وخشب متفحّم كما ترون في الفيديو.

أثناء التنقيب في خراب هذه القرى والنواحي القريبة يجد الباحثون عددا لا يحصى من الأحجار الكبريتية التي لها قابلية الإشتعال حتى اليوم كما ترون في الفيديو، وهي حجارة السجيل التي نزلت على القرية وابلا متتابعا ملتهبة تفيض بالقطران . . . (فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ) هود/82

(فأمطر الربّ على سدوم و عمورة كبريتا ونارا من عند الرب من السماء) سفر التكوين/24:19

والعجيب أكثر أنّ تدمير القرى ترافق مع ارتفاع قاتل في تركيز الملح Hypersalinity بحيث أصبحت المنطقة ميّتة تماما وغير قابلة للزراعة، وقد يكون السبب في ذلك هو اندفاع ماء البحر الميت على بقايا القرى من شدة اصطدامها بالأرض، لتبقى شاهدا آركيولوجيا على الدوام على صدق القرآن الكريم في نقله لقصة الانتقام الإلهي الذي حلّ بهذه القرى، وقوّة الملك جبريل عليه السلام.

(١) Journal Reference: Bunch, Ted E et al. (2021). A Tunguska sized airburst destroyed Tall el-Hammam a Middle Bronze Age city in the Jordan Valley near the Dead Sea. 𝑺𝒄𝒊𝒆𝒏𝒕𝒊𝒇𝒊𝒄 𝑹𝒆𝒑𝒐𝒓𝒕𝒔, 11, 18632.

(٢) Christopher Moore. (2021). A giant space rock demolished an ancient Middle Eastern city and everyone in it – possibly inspiring the Biblical story of Sodom. 𝑻𝒉𝒆 𝑪𝒐𝒏𝒗𝒆𝒓𝒔𝒂𝒕𝒊𝒐𝒏.

 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on January 14, 2024 07:13

هل توقف التطوّر؟

مستجدات علمية لن تراها في صفحات التطوريين .. جندب لم يتغيّر منذ 50 مليون سنة!

عثر باحثون من جامعة إلينوي في شمال غرب كولورادو الأمريكية على أحفورة لنوع من الحشرات اسمه الجندب طويل القرون (Orthoptera: 𝘛𝘦𝘵𝘵𝘪𝘨𝘰𝘯𝘪𝘪𝘥𝘢𝘦) في حالة حفظ ممتازة، وعند فحصه بالمجهر وجدوا أنه لم يتم فقط حفظ العديد من الهياكل الصلبة للحشرة بل حتى العديد من الأعضاء والأنسجة الداخلية التي عادة ما لا تنحفظ، وهو ما أتاح فرصة لا تتكرر لفهم تاريخ هذا النوع من الحشرات وهل حدث عليها تغيير بعد كلّ هذه الأزمنة السحيقة!

المفاجئة أنّ التفاصيل التشريحية للعينة الأحفورية كالجهاز الهضمي والتكاثري والعضلات الصدرية والأجنحة مماثلة تماما لمانراه في الجنادب الحالية ممايعني أنها لم تتغير إطلاقا، ويقول الباحث سام هيدز Sam Heads الذي شارك في إعداد الدراسة أنّ الأعضاء التكاثرية والغدد الملحقة تبدو مشابهة تماما لما عند الجنادب الحديثة، وأنّ هذا الأمر أثار دهشته.

“They look exactly the same,” he said. “The testis, the accessory glands and the ventriculus 𝘄𝗲𝗿𝗲 𝗮𝗹𝗹 𝘁𝗵𝗲 𝘀𝗮𝗺𝗲 𝗶𝗻 𝘁𝗵𝗲 𝗽𝗿𝗲𝘀𝗲𝗻𝘁-𝗱𝗮𝘆 𝗸𝗮𝘁𝘆𝗱𝗶𝗱𝘀. I was just blown away by it. To my knowledge, this is the first example of this level of preservation.”

أن تسود الجنادب على الأرض لفترة تتجاوز 50 مليون سنة، وهو زمن طويل . . . جدا جدا . . . سادته تغيرات مناخية قاسية فيفترض أنّ هذه الظروف البيئية قد عملت كضغوط انتخابية Selective pressures —وفقا لتعبيرات التطوريين— ومنحتها صفات وأعضاء جديدة تحوّلها لأنواع جديدة، لكن كما عوّدتنا نظرية التطوّر بفشلها الذريع في التنبؤ بوتيرة الإنتواع فإنّ الجنادب لم تتغير إطلاقا!

ولهذا الإكتشاف العلمي دلالتان مهمّتان جدا، (١) أنّ الطفرات مهما كثرت والزمن مهما طال لا تأثير لهما على هوية الأنواع ولا إنتاج أنواع جديدة، و(٢) أنّ الأنواع تحافظ هي وأجيالها المتعاقبة على الشكل الذي خلقها الله عليه من اللحظة الأولى إلى غاية انقراضها، وهذا أمر معروف في علم الأحافير بظاهرة الثبات Stasis، وهو برهان علمي موضوعي على الخلق الإلهي وإبطال نظرية التطوّر، ويضاف هذا البحث إلى مئات الأبحاث الأخرى التي تعزز هذه الظاهرة في مختلف الأنواع.

https://www.mapress.com/pe/article/view/palaeoentomology.6.3.10

 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on January 14, 2024 07:03

أسرع جناحين على كوكب الأرض

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ) الحج/٧٣

هذا النوع من الذباب الصغير 𝘍𝘰𝘳𝘤𝘪𝘱𝘰𝘮𝘺𝘪𝘢 هو الكائن الحيّ صاحب أسرع جناحين على كوكب الأرض، فجناحاه يخفقان بسرعة 1046 مرة في الثانية، وهذه سرعة خارقة ماكنتُ لأصدّقها لولا أنّ التجارب المعملية أثبتتها!

طيّب كيث يحقق الذباب هذه السرعة المذهلة؟ علميا قد تمّ تصنيف الأنظمة العضلية للحشرات إلى نوعين، نظام متزامن Synchronous ولامتزامن Asynchronous، ولكلّ منهما طريقة عمل وتفاصيل جزيئية مختلفة، وكلّ نظام عضلي من هاذين مناسب لنمط حياة وبيئة مختلفة.

في النظام العضلي المتزامن، تتقلّص العضلات المتصلة بالجناح مرة واحدة لكلّ نبضة عصبية، والسرعة الحدية لا يتتجاوز 100 خفقة في الثانية، بمعنى أنه في كلّ ثانية يرسل دماغ الحشرة 100 أمر عصبي بتحريك الجناح!

في النظام العضلي اللامتزامن —الذي يمتلكه الذباب الصغير وغالب الأنواع الحشرية—، يحدث التقلّص العضلي بطريقة مختلفة، بحيث أنّ نبضة/أمرا عصبيا واحدا لا يحرك العضلة المتصلة بالجناح مرة واحدة بل مرات عديدة، وهو مايسمح ببلوغ ترددات رفرفة عالية جدا . . . هذا النمط من التحليق يسمح بتقليل الإجهاد الطاقوي على النظام العصبي للحشرة بحيث أنها لن تحتاج لإرسال 1046 أمرا عصبيا بتحريك الجناح كلّ ثانية، بل أقلّ من ذلك بكثير، ولا تجد الأوراق العلمية حرجا في وصف هذا النمط من التحليق بأنه إنجاز تصميمي Design breakthrough . . . لا يوجد تأريخ تطوري مدعم بالأحافير الإنتقالية لنشوء هذا النوع من التحليق، ولا حتى النوع الأول، ولا كيفية ظهور الحشرات أساسا، فقد ظهرت خلال العصر الفحمي المتأخر Late Carboniferous قبل 300 مليون سنة فجأة خلال حدث انتواع/خلق مباشر كبير، ومع أكثر من مليون نوع موصوفٍ فإنّ الحشرات هي أكثر المجموعات الأحيائية تنوعا على الإطلاق!

https://royalsocietypublishing.org/doi/10.1098/rspb.2020.1774

 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on January 14, 2024 06:59

زعنفة الحوت

يفترض بحوافّ أجنحة الطائرات ومراوح التبريد أن تكون ملساء قدر المستطاعِ للسماح بانسايبة عالية الهواء، ولكن خلافا للعادة فإنّ الحيتان تملك على الحافة الأمامية من زعانفها بروزات Tubercles كلّ منها بحجم قبضة يد الإنسان، وقد شغلت هذه البروزات تفكير الباحثين لسنوات طويلة، لماذا لا تكون زعانف الحوت ملساء؟

في ورقة بحثية نُشرت في مجلّة 𝑷𝒉𝒚𝒔𝒊𝒄𝒂𝒍 𝑹𝒆𝒗𝒊𝒆𝒘 𝑳𝒆𝒕𝒕𝒆𝒓𝒔 أظهر فريق بحثيّ من جامعة هارفارد أنّ البروزات/النتوءات الموجودة على زعنفة الحوت الأحدب تقوم بتوزيع الضغط على الزعنفة وتقلّل السحب Drag، ويمنح هذا التأثير للحوتِ مزيدا من الحرية الحركية وسهولة الإنعطاف بزوايا حادة والرشاقة خلال الهجوم البحري (١)، ووجد الباحثون أيضا أنّ تباين ارتفاع النتوءات يلعب دورا أكبر من عددها، ويخبرنا الباحث إرنست فان نيروب Ernst van Nierop —وهو طالب دكتوراه في كلية الهندسة بجامعة هارفارد— أنّ هذا التصميم يمكن تطبيقه على الطائرات المقاتلة والغواصات لجعلها أكثر رشاقة (٢)، وتوصي ورقة علمية بمجلّة 𝑹𝒐𝒃𝒐𝒕𝒊𝒄𝒔 𝒂𝒏𝒅 𝑪𝒐𝒎𝒑𝒖𝒕𝒆𝒓-𝑰𝒏𝒕𝒆𝒈𝒓𝒂𝒕𝒆𝒅 𝑴𝒂𝒏𝒖𝒇𝒂𝒄𝒕𝒖𝒓𝒊𝒏𝒈 بدمج تقنية النتوءات في شفرات المراوح الخاصة بأنظمة تكييف الهواء المنزلية وتهوية المصانع وتبريد أجهزة الحاسوب ومراوح توليد الكهرباء لأنّ ذلك يوفر الطاقة بشكل كبير ويقلّل الضجيج (٣)، وبالفعل فإنّ عددا من مصنّعي البطاقات الرسومية مثل EVGA وGigabyte وأجهزة التبريد المائية مثل Bequiet قد بدؤوا بتطبيق هذه التقنية في منتوجاتهم (انظر التعليقات).

(١) Van Nierop, E. A., Alben, S., & Brenner, M. P. (2008). How bumps on whale flippers delay stall: an aerodynamic model. Physical review letters, 100(5), 054502.

(٢) Tyler Hamilton. (2008). Whale Inspired Wind Turbines. MIT Technology Review.

(٣) Quinn, S., & Gaughran, W. (2010). Bionics—An inspiration for intelligent manufacturing and engineering. Robotics and Computer-Integrated Manufacturing, 26(6), 616–621.

 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on January 14, 2024 06:53