عذاب قوم لوط
(وَإِنَّ لُوطًا لَّمِنَ الْمُرْسَلِينَ • إِذْ نَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ • إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ • ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ • وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِم مُّصْبِحِينَ • وَبِاللَّيْلِ ۗ أَفَلَا تَعْقِلُونَ) الصافات/١٣٣-١٣٨
من المعروف استنادا للنصوص الدينية أنّ العقاب الإلهي حلّ على مجموعة من القرى على ضفاف نهر الأردن بعدما انتشر فيها الشذوذ الجنسي وقطع الطرق والاستهزاء بالنبيّ لوط عليه السلام، وهي قرى سدوم —وهي أكبرهنّ— وعمورة وأدومة وصبييم وزوار، ولما قرأتُ الآية الكريمة وجدتُ فيها دليلا واضحا على أنّ بقايا هذه القرى الآثمة باقية بحيث يمرّ عليها الناس ويجدر بهم أن يتعظوا مما سلّط عليها . . . فهل فعلا هناك بقايا أثرية لهذا الأمر؟
في سنة 2021 نشرت دراسة علمية ضخمة (21 عالما و64 صفحة) في مجلّة Scientific Reports عنوانها: “انفجار هوائي بحجم انفجار نيزك تانغوستا دمّر منطقة تلّ الحمام في العصر البرونزي الوسيط في الأردن بقرب البحر الميت A Tunguska sized airburst destroyed Tall el-Hammam a Middle Bronze Age city in the Jordan Valley near the Dead Sea”، حيث عثر فريق من العلماء على أدلّة تشير لانفجار غامض على ارتفاع منخفض من تلّ الحمام في الأردن قبل 3600 سنة، والراجح بعد دراسات كثيرة أنّ هذا هو موقع القرى الآثمة، التي تربّعت على مساحة 36 هكتارا وسكنها أكثر من 40.000 نسمة في العصر البرونزي، وكانت تربتها خصبة والماء وافرا ولهم نظام سقي يشبه تفرعات نهر النيل، بحيث أنهم كانوا يزرعون نوعين مختلفين من القمح، وأشجار الزيتون والتين والتمور وامتلكوا الخرفان والجمال والإوز، فكانت هذه القرى فاخرة بالفعل وعيشتها مترفة.
(وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ) النحل/١١٢
يقول الباحثون أنّ هلاكهم قد يكون بسبب نيزك اخترق الغلاف الجوي بسرعة فوق صوتية وضرب القرى الخمسة في نفس اللحظة، لكن هذا التفسير يبقى فرضية مطروحة لا تؤثر على مصداقية الأدلّة الأثرية، وهو تفسير بعيد عن الصحة حيث لم يعثر على أثر للنيزك بينما يبقى أثر الكويكب الذي تسبّب في انقراض الديناصورات Chicxulub asteroid إلى اليوم في المكسيك!
ثمّ كيف يضرب نيزك واحد خمسة قرى في نفس اللحظة ويسحقها تماما بينما يترك بقية القرى المجاورة وترونها في الفيديو خضراء نضرة؟ التفسير الأدقّ لما حدث يأتينا من الوحي الصادق، فإنّ هلاك هذه القرى كان حدثا استثنائيا لا مثيل له إطلاقا، حيث أمر الله تعالى المَلك جبريل عليه السلام فاقتلع القرى من جذورها بجناحه ورفعها إلى عنان السماء ثم أهوى بها إلى الأرض، وأتبعها بوابل من الحجارة الكبريتية الحارقة.
فما يقولون أنه نيزك ضرب القرى هو _والله أعلم_ القرى نفسها اقتلعها الملك الكريم ثم قذفها إلى الأرض بسرعة فوق صوتية قدّروها بـ61000 كيلومترا في الساعة وقوّة اصطدام تعادل ألف مرة قوّة انفجار قنبلة هيروشيما النووية!
The proposed airburst was larger than the 1908 explosion over Tunguska, Russia, where a ~ 50-m-wide bolide detonated with ~ 1000× more energy than the Hiroshima atomic bomb..the calculations demonstrate that 12- to 23-megaton Tunguska-like airbursts can theoretically account for all the evidence observed at Tall el-Hammam.
انفجار تل الحمام أدى لارتفاع شديد في درجة الحرارة قدّر بـ2000 درجة مئوية صهرت التلّ بأبنيته التي كانت متعددة الطوابق وحصونه المنيعة التي تجاوز سمكها 4 أمتار وارتفاعها 12 مترا، فدفن كلّ شيء تحت متر كامل من الرماد!
أحد الشواهد على فضاعة الانفجار هو عثور الباحثين على بقايا مجهرية لبلّورات الكوارتز والزيركون التي لا تتكوّن إلا في حرارة وضغط شديدين، وشوهد تكوّن مثيل هذه البلورات في التجارب النووية البشرية.
Even though an atomic bomb blast is not applicable because of the historic absence of atomic explosions in the area, an atomic blast produces a wide range of melt products that are morphologically indistinguishable from the melted material found at TeH. These include shocked quartz, melted and decorated zircon grains
أما الضغط المتولّد من الانفجار فيقول الباحثون أنه بلغ 5 جيجا باسكال، وهو يعادل ضغط ستّ دبابات عسكرية من نوع أبرامز وزن كلّ واحدة منها 68 طنا مكدسة على إبهامك!
At the site, there are finely fractured sand grains called shocked quartz that only form at 725,000 pounds per square inch of pressure (5 gigapascals) – imagine six 68-ton Abrams military tanks stacked on your thumb.
تسبّب هذا الضغط في تمزق فضيع في أجسام ساكني المنطقة Extreme disarticulation and skeletal fragmentation in nearby humans، وفي الموقع بقايا عظمية قليلة وأواني فخارية محروقة وخشب متفحّم كما ترون في الفيديو.
أثناء التنقيب في خراب هذه القرى والنواحي القريبة يجد الباحثون عددا لا يحصى من الأحجار الكبريتية التي لها قابلية الإشتعال حتى اليوم كما ترون في الفيديو، وهي حجارة السجيل التي نزلت على القرية وابلا متتابعا ملتهبة تفيض بالقطران . . . (فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ) هود/82
(فأمطر الربّ على سدوم و عمورة كبريتا ونارا من عند الرب من السماء) سفر التكوين/24:19
والعجيب أكثر أنّ تدمير القرى ترافق مع ارتفاع قاتل في تركيز الملح Hypersalinity بحيث أصبحت المنطقة ميّتة تماما وغير قابلة للزراعة، وقد يكون السبب في ذلك هو اندفاع ماء البحر الميت على بقايا القرى من شدة اصطدامها بالأرض، لتبقى شاهدا آركيولوجيا على الدوام على صدق القرآن الكريم في نقله لقصة الانتقام الإلهي الذي حلّ بهذه القرى، وقوّة الملك جبريل عليه السلام.