أفكار ترفض الذهاب إلى القبر
ما يصطلح على تسميته بالسلفية هى مجموعة أفكار خارجة من قبو التاريخ ، ترفض الذهاب إلى القبر وتعادى وتقاوم المستقبل بشدة، تستخدم العنف أحيانا للتعبير عن وجودها ومحاولة فرض رؤيتها على مجتمع تتحرر تماما من التبعية الذهنية لهؤلاء المتحدثين باسم الإله على الأرض، يستغل السلفيون جهل الناس وحاجتهم للتسرب إلى الطبقة الدنيا من المجتمع، وأوضح دليل على ذلك أنك تجد الأفكار المتطرفة سائدة غالبا فى الأماكن العشوائية والفقيرة على أطراف المدن أو فى أحراش الريف.
وفى الحالة المصرية يعتبر الظلم الاجتماعى وحالة الموات الثقافى هما السببان الرئيسيان فى انتشار الظاهرة السلفية الوهابية المرتبطة بكل ما هو قادم من أعماق صحراء النفط من الملبس وحتى طريقة إقامة الشعائر الدينية.
قبل الثورة كان التيار السلفى بعيد عن معارك الوطن الكبيرة ابتداء من غزو العراق وحالة الحراك السياسى الصاخب التى بلورها تأسيس حركة كفاية كتجمع وطنى ضد حكم مبارك وما تبعها من حرب المقاومة اللبنانية ضد اسرائيل وانتفاضة القضاة وحتى التزوير الفج للانتخابات 2010 ، غاب السلفيون عن كل تلك المعارك واكتفوا بالصلاة والدعاء للحاكم والتعاون المريح مع أمن الدولة بعد صدامهم العنيف فى أواخر القرن الماضى.
وبعد الثورة التى لم يشاركوا فيها ولم يدعموها حتى من فوق المنابر التى يسيطرون عليها تغيرت أفكارهم وتحريمهم لفكرة المشاركة السياسية ويرجع ذلك بصورة أساسية إلى الطموح الكبير لبعض قياداتهم مثل الشيخ أبو اسماعيل مثلا ، الذى يتلخص تاريخه فيما قبل الثورة فى الحض على تناول حبة البركة لما فيها من خير كبير لعموم المسلمين والترشح مرة فى انتخابات مجلس الشعب.
ومن تحريم الانتخابات إلى خوضها، ومن اعتبار الديمقراطية “وثن يعبد من دون الله” إلى الجهاد فى غزوات الصناديق، وكان منطقيا “بالنسبة لى على الأقل” أن يحصد السلفيون عدد وافر من المقاعد فى البرلمان المنحل بالنظر إلى سيطرتهم على المنابر وتواجدهم الكثيف فى القرى والأرياف بالإضافة إلى سيطرتهم على محافظة كانت تعتبر ” كوزموبوليتانية” حتى وقت ليس ببعيد حتى سميت الطريقة التى يفهم بها الدين ويدعو لها الأصولى ياسر برهامى وبعض الشيوخ “مدرسة الاسكندرية” التى تعتبر المرجعية الشرعية لحزب النور فى مواجهة “مدرسة الدلتا” التى أسست بدورها حزبا آخر هو حزب الأصالة. ناهيك عن تشرذم الأحزاب الأخرى والقوى المنافسة لهذا التيار.
أسباب كثيرة كانت تجعل من التيار السلفى الحصان الرابح فى الانتخابات الماضية، انتفت كلها الآن مع تصاعد الخلافات داخل حزب النور وهو الطرف الأقوى فى المعادلة السلفية تصبح إمكانية حصول التيار السلفى على أصوات الناخبين فى الانتخابات القادمة محل شك كبير.
لن يحصل التيار السلفى فى الانتخابات القادمة على ربع ما حصل عليه من مقاعد فى الانتخابات الماضية، لأن المواطن المصرى ادرك جيدا أن الشيخ على ونيس لن يذهب به إلى الجنة كما وعد فى دعاية حزبه الانتخابية، بل سيذهب بأبنته إلى الطريق الصحراو ى كما فعل بعدما أصبح نائبا بالبرلمان بما يخالف شرع الله..
مقال منشور فى موقع حقوق بتاريخ 16- 10 -2012
 
  حسين البدري's Blog
- حسين البدري's profile
 - 7 followers
 

