زيزي

زيزي لمن لم يتعرف عليها بعد، هي صاحبة فيديو كليب هابط، انتشر أكثر
مما تنتشر الاشاعات على تويتر، وأصبح مادة متبادلة على كل شاشة تلفون وكمبيوتر وآيباد، وحتى أكثر الناس كياسة واحتراما استرق نظرة لزيزي، ولو من باب الفضول، عدا عن الابواب الاخرى.
زيزي (اللزيزي) في أغنيتها الشهيرة، حسب ما رأيتم جميعا، لم تترك للإيحاء والإيماء مطرحا، ولم تعط للجمهور فرصة حتى لأن يتخيل، فكان الفيديو كليب واضحا وضوح الشمس والقمر وما بينهما. وعليه، وصل عدد المشاهدين على قناة اليوتيوب أكثر من مليون مشاهدة في غضون أسبوع.
لكن الست زيزي كانت تلبس باروكة ونظارة شمسية، وغنت أغنيتها تلك وهي متنكرة، وقد استنكر المشاهدون «الكثر» إخفاء المغنية لملامحها وهي ترقص وتغني، لكن عندما نعرف السبب سيبطل العجب. فالأخت الفاضلة كانت تلقننا درسا بالأخلاق، وتشجعنا على السعي وراء الثقافة، وتحذرنا من السخافة. فبعد استضافتها على برنامج تلفزيوني، وبعد ان نزعت باروكتها ونظارتها، اكتشفنا ان زيزي ليست زيزي، إنما هي طالبة جامعية «محترمة»، وقد لجأت الى هذا العمل بطلب من قناة تلفزيونية، وذلك ضمن حملة تشنها القناة تحت عنوان «بيكفي سخافة، عيشوا الثقافة».
أثناء البرنامج، الذي كشف هويتها وزلزل صروح الأعمال الهابطة، ألقت طالبة المسرح وعلم النفس، التي تكشف لنا ان اسمها كلارا وليس زيزي، خطبة عصماء تدعو فيها الناس الى الابتعاد عن الابتذال والسخف، والاتجاه الى العلم والثقافة وقراءة الكتب. وشرحت ان الهدف من الحملة والفيديو كليب كان لوضع اليد على الجرح، وللاثبات بأن الناس لا يتناقلون إلا الأعمال الهابطة.
طيب يا مدموزيل يا من اكتشفت الذرة، وبغض النظر عن دخل القناة من الإعلانات بعد كل اللغط والجدل بسبب تلك الحملة الخارقة، وبعيدا عن حملات الاستهبال التي تستغبينا وتخدش ذكاءنا، لو تدرين كم كنا فعلا بانتظار اكتشافك هذا، لنعي مقدار الفضاوة والخواء الذي نعاني منه في مجتمعاتنا، وكم انتظرنا ليخرج احدهم بهذا الاكتشاف الخطير، فنبدأ جدياً بالابتعاد عن السخافة والسعي الى العلم والعمل. وأود أن أؤكد لك أن حملتك وحملة القناة المبدعة نجحت، وأن المليون شخص الذين شاهدوا كليبك، كلهم بمختلف فئاتهم وأعمارهم وخلفياتهم وأديانهم ومذاهبهم، كلهم بلا استثناء، ركضوا بحثا عن كتاب ليبتعدوا عن السخافة ويعيشوا الثقافة.
في هذه الأثناء، مازلت أحاول إقناع السلطات لتبني آلية الحملة العبقرية تلك، فإن كنت تريد أن تحذر من القتل، اقتل كم شخص، وسيرتدع الباقون، وإن كنت تريد حملة ضد المخدرات، دع كم مسطول يأخذ جرعة زائدة، ليبرهن لنا ان المخدرات خطرة. وإن أردت التحذير من الابتذال روج لكليب مبتذل.

عنوان المرحلة: الابتذال في محاربة الابتذال.. وسلم لي على «السئافة».


دلع المفتي
نشر في 19/02/2015
http://www.alqabas.com.kw/Articles.as...
2 likes ·   •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on February 18, 2015 13:37
No comments have been added yet.


لكلٍ هويته

دلع المفتي
مجموعة من المقالات التحقيقات واللقاءات التي نشرت لي في القبس الكويتية.
Follow دلع المفتي's blog with rss.