هذه الكلمات صِناعة قلبية
كانت عندي رغبة جامحة لجمع كلّ النّصوص المتناثرة في زوايا قلبي، بأن أحصُرها في نصّ واحد أو كتاب واحد وأتوقّف بعدها عن الكتابة، لأدهش نفسي بما مَلَكت يومَ سمعت صوت السّماء يهمس لي، يوم تنزّل حبّ الله في قلبي بليلةٍ عاديّة، ارتعشَت أطرافي كُلّها دُفعة واحدة، لو أنني استطعت أن أصرخ واقفةً أعلى جبل لما قلت غير : أُحبّك .
بدأت أدور بمحور واحد ونُقطة مركزية واحدة، أتوسَّطُها أنا وقلبي الّذي بدأ يدور مثلي في قفصه الصّدري يدعمني بقوىً خفيّة ويقول : لا تتوقّفي!
كما لو أنّني الكُرة الأرضيّة وأن الشّمس قلبي، وأنّ حركة الكوكب حولي تابعة لي أنا..
لحظَة؛
” سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ۗ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ” [1]
* لم أتوقّف إلى الآن *.
لم تَكُن سهلةً تلك اللحظة الّتي أدركت فيها أنّ لي ثلاثة عُيون وقلباً أكبر من قبضة يدي، وروحاً لا تتوقّف عن البحث، لم تَكُن سهلة كل اللحظات الّتي تحمّلت بها أعظم الآلام بإيمان وحيد يحمي أطراف قلبي من الصّدأ، وبحجم ما كانت تلك الجملة تتكرّر على مسمعي في طُفولتي الآن أفهمها : أنتِ أكبر من عُمركِ . أن أكون أكبر من عُمري يعني أنني لا أكتفي من أيّ شيء يُقدّم إلي، وأن نُضجي المُسبق يتطلّب منّي أن أشعر بالرّضى.. وبالمحصّلة أيضاً لم تكن سهلة أبداً تلك المُعادلة الخاصّة بي بأن أوازن بين الشّغف والرّضى.
لي أُذن موسيقيّة أحترمها وأحترم اختياراتها وتجذبني لمن يتذوّقون الزّمان بشكله الغريب، وعلاقة قويّة تربطني بسمّاعاتي الّتي تفصلني عن كل الأصوات الّتي تُجبرني الحياة والظّرف الزّماني والمكان لأسمعها وتُعطيني حُريّة الانتقال بين ما أريد أن أسمعه وما يطلبه قلبي بإلحاح، ولي عادة تُشبهني أيضاً بأن أكرر ما يُعجبني حتّى تنفذ منه طاقته الكامنة لإدهاشي، بعض الأزمنة الموسيقيّة تمرّدت عليّ ولا زالت بعد تكرارها لسنوات تؤثّر بي تأثيرها الأوّل، إلى الآن أنا مُندهشة بذلك الصّوت الّذي لا يزال يطلبه قلبي كُلّ صباح وكلّ مساء ذلك الصّوت الّذي استحال على الملل، استحال عن التّكرار، لم أملّ مرّة واحدة وأنا أستمعه ولم أشرُد بل أستجمع كلّ حواسّي بإنصات، إنّه صوت سورة الحجر، إنّه صوت مُلهمتي بنبرة السّماء، لا أبالغ إن ذكرت أنّ قلبي يتوقّف إجلالاً لتلك النّغمة المُمتدّة في نهاية الآية ” وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ ” [2] ،عن أيّ قدرٍ ينزلُ إليّ وكم كانَ حجمه حين اقتربت من الأبد وقد ألهمني الله كيف للأبد أن يكون جميلاً ومحبّباً إلى القلب.
لم أعُد يا الله أدرك كيف بإمكاني أن أحُبّك أكثر، هبني قلباً أكبر تتسع فيّ نفخة الروح وأشكُر، ..
أيّ يقينٍ يا الله ذلك الّذي أبحث عنه لأحبّك أكثر أو لأحبّك بتلك الطريقة التي لا تليقُ إلّا بك؟!
ليس لأي قوّة بالعالم القدرة على جعل المحبّة مُمكنة، ولكن بقدرة الحُبّ تغيير العالم .
الحُبّ والمعرفة يسيران بخطّ متوازٍ، أن تبحث في كون الله وعجائبه فيك فتستنير ظلمتك فقلبك فبصيرتك …
الآيات : [1] سورة فُصّلت الآية 53
[2] سورة الحجر الآية 21


مُدوّنة وَطَنْ
أنَّ حُروفي تصفني كَثيراً ..
وأتمنّى ذلك!
- لجين قبطي's profile
- 93 followers
