Status Updates From المنهج النقدي عند المحدثين ...

يعجبني في الكاتب قبل أدبه خُلقه وإنصافه وورعه!

والاستراتيجية التي اتبعها المحدثون في هذه المرحلة تضمنها حديث النبي ﷺ: «ليبلغ الشاهد الغائب»، بحيث تنتشر (المعلومة) بطريقة تلقائية منظمة، لتصل إلى جهات عديدة متباينة تأمن بعدها من الضياع ومن التواطؤ على كتمانها أو تحريفها.

ثم يأتي إنسان برأس حمار ويشكك في صحة السنة النبوية.

وهو (أي: منهج المحدثين النقدي) قائم على تحقيق التوازن التام بين القبول والرد، فلا يرد شيئًا يستحق القبول ولا يقبل شيئًا يستحق الرد. وهذا يتطلب توازنا بين دقة منهج النقد وبين ثراء التاريخ المراد نقده، فكلما كان التاريخ ثريا بأدواته، كلما استحق الدقة النقدية الكاملة.

فهناك كثير ممن تزيوا بزي الباحثين ليسوا في الحقيقة إلا مسوقين لأراء باطلة يحملونها قبل أن يجروا (البحث العلمي)، وكم هو مؤسف أن يستغل المبطلون انجذاب الناس للحقيقة وتعظيمهم للبحث العلمي ليسوقوا من خلاله لآراء ساقطة لا وزن لها. ولكن المنهجية الصحيحة كفيلة بأن تكشف كل ذلك، وتحافظ على الحق من اختلاط الباطل به.

وهذا المعنى هو الذي يريده ابن حبان لما قال في مقدمة صحيحه: «فأما الأخبار فإنها كلها أخبار آحاد لأنه ليس يوجد عن النبي ﷺ خبر من رواية عدلين روى أحدهما عن عدلين وكل واحد منهما عن عدلين حتى ينتهي ذلك إلى رسول الله ﷺ فلما استحال هذا وبطل ثبت أن الأخبار كلها أخبار الآحاد وأن من تنكب عن قبول إخبار الآحاد فقد عمد إلى ترك السنن كلها لعدم وجود السنن إلا من رواية الآحاد».

وعند تحليل السبب الذي أدى بأجيال المسلمين لهذا الوعي العالي بالتاريخ نجد أنه: القيمة العالية لتاريخهم (عندهم)، فتاريخهم هو دينهم ورواته ونقلته وعلماؤه وأحوال أمتهم الاجتماعية والسياسية وغيرها، ودينهم يطبقونه في جميع مناحي الحياة، فالوعي بالتاريخ عند المسلمين لا بد أن يكون عاليا ولا يمكن أن يقل هذا الوعي إلا في عصور قلة التمسك بالدين.

ومن مَفاخِر أُمة الإسلام ما أصَّلت لَه من مَناهج، كان غايتها حِفظ الدين، ولكنها كانت بمثابة عمود الخيمة والركن الأساس في أكثر مَناهج العلوم دقة وتحرٍّ للحق، ومن خصوص الفخر بالعلوم عامة، هو منهج نَقد المُحدِّثين رضي الله عنهم.