Status Updates From الموت والوجود: دراسة لتصورا...

فالمرء لا يهرب من ألم الحياة بأن يموت لأن الموت هو ايضا اختيار
ولكن الحل هو أن لا يختار هذا الأمر أو ذاك بل بأن يتوقف عن الاختيار

يعتقد افلاطون بان الروح لها جوهر خاص متميز عن النفس فيما يعرف بالتفكير الثنائي هو يعتقد ان البدن مؤقت تسكن فيه الروح ثم يموت البدن لكن الروح لا تموت

وقد كانت فكرة كيركجارد أننا نتغلب على اليأس الذي هو أعلى صور الحزن، ليس عن طريق بلوغ حالة الخلود التي لا تغيير فيها (والتي هي "المرض حتى الموت" في ذاته) بل بأننا نحمل الموت إلى تاريخنا الشخصي وذلك بنقل معنى حياتنا إلى الآخرين. وفي الحقيقة فإننا بمثل هذا الموت فقط نستطيع أن نحيا على الإطلاق

قال فتجنشتين في"رسالة منطقية فلسفية": "إن الموت ليس حدثا من أحداث الحياة". فالمرء لا يجرب أو يعاني تجربة الموت. ولا بد أن كيركجور كان سيوافق على هذا، فالموت ليس حدثا موضوعيا يجري على نحو ما داخل ذاتيتنا. ويواصل فتجنشتين قائلا: "إن حياتنا لا نهاية لها كما أن مجال بصرنا لا حدود له".. فنحن لا نرى الموت على أنه حد للحياة عندما ننظر إلى الأمام، وذلك على وجه الدقة لأنه لولا الموت لما كان لنا أن ننظر إلى الأمام على الإطلاق

من الفصل الخاص بكيركجور: فعندما يختار المرء نفسه اختيارا مطلقا.. فقد يختار أن يكون ما هو عليه في الواقع (أي على أنه الثمرة المحدودة لبيئة محددة) وهذا يعني بالطبع أن يختار ما هو عليه بالفعل، أي أنه يختار الماضي. ولكن من ناحية أخرى فقد يريد المرء أن يكون ما هو من الممكن أن يكونه وذلك باختيار إمكانياته

كيركجور: أن أختار نفسي في سريان شرعيتها الخالدة فإن هذا يعني بعبارة أخرى أن أختار حريتي، أي أنني مسئول عن كل ما هو أنا. "إنني لم أخلق نفسي ولكني اخترت ذاتي". وفي اختيار المرء لذاته فإن الفرد يصبح واعيا بنفسه على أنه هذا الفرد المحدد بالذات بما له من مواهب واستعدادات وغرائز وعواطف والذي قد تأثر بكل الظروف المحددة التي أحاطت به، وعلى أنه نتيجة لبيئة محددة. ولكن مع وعيه بذاته على هذا النحو فإنه يتحمل المسئولية عن كل هذا

اللغة لا يجوز أن تعتبر أداة نملكها فنحن لسنا حيوانات لنا القدرة على الكلام كما يصفنا الميتافيزيقيون. فكما أننا لا نمتلك الوجود بل هو الذي يمتلكنا فنحن أيضا تمتلكنا اللغة. اللغة تظل هي سيدة الإنسان فنحن لا نتحدث باللغة بل اللغة تتحدث من خلالنا. ويبتكر هيدجر أكثر الإستعارات بروزا في أعماله الأخيرة: "اللغة هي مسكن الوجود" باعتقاده أنه عندما نجد الكلمة التي تدل على الشيء فالشيء عندئذ يكون شيئا ولا يكون كذلك إلا عندئذ فقط

إهتمام هيدجر المبكر بالزمن قد تناقص بالتدريج لصالح الوجود وفي المرحلة المتأخرة من كتاباته يبدو أن كلا من الزمن والموت قد أغفلا، ومع تقدمنا في دراسة عمله نلاحظ أن الوجود يعتبر متعاليا حتى بالنسبة للزمن. أي أنه يقول بأن الوجود يأتي قبل الزمن وليس الزمن قبل الوجود. فحيث يضع هيجل العقل في المكان الأولي، ويضع سارتر في هذا المكان الحرية، وعلى حين يضع نيتشه في هذا الموضع السلطان أو القوة، فإن هيدجر يعطي المكان الأعلى للوجود

يقاوم سارتر في كتابه الوجود والعدم هذا الربط بين الموت والفردية(عند هيدجر). فقد يكون حقا أن أحدا لا يستطيع أن يموت وجوديا بدلا منا ولكن لا يستطيع أحد أيضا أن يحب بدلا عنا أو أن يأكل لنا. فواقعة أننا أفراد لا تصدر عن فنائنا بل عن قدرتنا البسيطة على الفعل. ويقلل هذا كثيرا من الأهمية التي يعطيها هيدجر للموت. فسارتر لا ينظر للموت على أنه جزء من بنيان الوجود الإنساني بل على أنه واقعة عارضة لا تستطيع أن تمس هذا الوجود نفسه

والموت هو ما يجعل من المستحيل أن نتحدث عن الوجود بمعنى عام، فأنا لا أستطيع أن أتحدث إلا عن وجودي أنا شخصيا. وهذا يعني أن كل كلام حقيقي عنه يجب أن يكون حديثا شخصيا أو بمصطلح هيدجر حديثا وجوديا، ونجد في هذا موضوعا مركزيا آخر من موضوعات نيتشه الذي يقول أن كل إفصاح أو تعبير فلسفي لا بد أن يعتبر إفصاحا أو كشفا عن آراء الفيلسوف المتكلم. ويصل هيدجر إلى نفس هذه النقطة وإن كان يصل لذلك عن طريق مختلف وأكثر إثارة للجدل.

هناك سمة أخرى من سمات فهم هيدجر للوجود في إطار الزمن.. فهناك إغراء قوي ينبع كنتيجة لواقعة الإلقاء أو الإرتماء [في العالم] بأن نترك الماضي يغلب على طريقتنا في الوجود. والاستسلام لهذا الإغراء هو ما يسميه هيدجر الوقوع أو السقوط. والمصطلح ملائم تماما من حيث أن السقوط شيء يسهل عمله وكأننا لا نفعل شيئا إلا أن نترك أنفسنا لنقع، كذلك بالمثل يمكن أن نقع أو نسقط وجوديا عندما نتلبس هذا النوع من الوجود الذي سبق لنا أن كناه

ويقول هيدجر أن الموجودات تميل إلى أن تتجمع حول موضوعات. فنحن لا نشير عموما إلى مجرد "الأشياء" بل عادة نشير مثلا إلى "الأشياء التي يلعب بها الطفل" أو إلى "موضوعات الفن" أو "أدوات النجارة" أو قواعد سلوك الذرة في الفيزياء". ويبدو أثر وفاعلية النظر إلى مجالات مادة الموضوع ويتضح هذا الأثر من أن مادة الموضوع تجعلنا نرى الأشياء مختلفة حسب وجهة النظر إليها، فيختلف فهمنا لنفس الأشياء باختلاف تجمعها الموضوعي

ويقول هيدجر أن الموجودات تميل إلى أن تتجمع حول موضوعات. فنحن لا نشير عموما إلى مجرد "الأشياء" بل عادة نشير مثلا إلى "الأشياء التي يلعب بها الطفل" أو إلى "موضوعات الفن" أو "أدوات النجارة" أو قواعد سلوك الذرة في الفيزياء". ويبدو أثر وفاعلية النظر إلى مجالات مادة الموضوع ويتضح هذا الأثر من أن مادة الموضوع تجعلنا نرى الأشياء مختلفة حسب وجهة النظر إليها، فيختلف فهمنا لنفس الأشياء باختلاف تجمعها الموضوعي

لجأ نيتشه إلى القول بأولوية الإرادة على أنها مفتاح الوجود الإنساني، فليس عند نيتشه شيء يسبق الإرادة حتى الوعي نفسه [الذي قال به سارتر]. كل إرادة حقيقية لا بد أن تعني تحكما أو أمرا فهي لا يمكن أن توجد إلا إذا كان هناك ما يقاومها. والذي يقاومها لا بد أن يكون إرادة أخرى. وعلى هذا فإن ظاهرة الإرادة ذاتها تفترض بل تتطلب وجود الآخر. ومع إصرار نيتشه على أولوية الإرادة فإنه قد استطاع أن يجمع بين الحرية وبين القدرة أو السلطان

نيتشه: أن يكون المبدع الخلاق فرحا بما يخلق يعني في نفس الوقت أن يكون ممزقا في "الدوامة الذرية للأنانيات" التي يتكون منها التاريخ الإنساني. أن يختار الحياة يعني أنه يختار الفاجعة. فالقوي لايستطيع أن يقول نعم للحياة دون أن يجعل نفسه منفتحا للجرح والألم واللامعنى وللموت، أي بدون أن يجعل من الحياة نفسها مخاطرة وخطراً، وعلى الأقوياء ان يعتنقوا كونهم بشرا محدودين معرضين للإصابة ولفنائهم حتى يستطيعوا أن يعتنقوا الحياة نفسها

نيتشه: واقعية الأفلاطونية ليست كما يظن الأفلاطونيون مجال من الوجود الخالد يوجد سابقا على الإرادة.. فهي ليست إلا ما يريده الأفلاطونيون. ولا بد أن تكون المعرفة موضوع إرادة وذلك لأنه ليس هناك ما يُعرف. والمعرفة ليست رؤية شيء على أنه موجود ولكنها مجرد ابتداع أو تفسير وتأويل. ومقابل الوضعية التي تقف أمام الظواهر لتقول "ليس هناك إلا الوقائع" فإن علىّ أن أقول لا، فالوقائع هي ما ليس موجودا، إذ لا وجود إلا للتفسيرات

بعد أن يناقش نيتشه أنه يستحيل بالكلمات التي هي مجرد "منبهات عصبية" أن نبلغ الأشياء في ذاتها، فإنه يتساءل "ما هو إذن الحق". وإجابته تستحق أن نقتبسها: هو جيش متحرك من الاستعارات والكنايات والتشبيهات المبنية على مشابهة الإنسان؛ فهو باختصار مجموع من العلاقات الإنسانية التي تم الارتفاع بها وتحويلها بترجمتها وتغيير مواضيعها، ثم تزيينها وزخرفتها شعريا وبلاغيا بحيث تصبح لها بعد طول الاستعمال مظهر الثبات والتقنين والإلزام

ويرجع نيتشه حجته في ذلك، وهو الذي تدرب كفقيه لغوي، إلى المصدر اللغوي لكلمة "خير". فقد وجد من دراسته اللغوية أن كلمة "خير" في لغات مختلفة يمكن أن تُطلق على ما هو نبيل بالمعنى التراتبي الطبقي، ومن هنا فقد تطور بالضرورة التاريخية مفهوم الخير الذي يشمل نبالة الفكر والتميز الروحي. وكان هذا التطور موازيا موازاة دقيقة لذلك التطور الذي تحولت به معى الوقت مفاهيم العامي والشعبي والسفلة إلى مفهوم الشر

في كتابه المعنون "أنساب الأخلاق" يطرح نيتشه للمحاسبة كل مؤرخي الأخلاق، ويرى أنهم في محاولتهم تبين مصدر الأخلاق فإنهم قد غادرتهم روح التاريخ الحقيقية.. وخطأهم الخطير أنهم قد بحثوا عن نشأة مفهوم الخير في المكان الخطأ: فالحكم بالخير لم ينشأ مع أولئك الذين صُنع معهم الخير، بل إن الأخيار أنفسهم، وهذا يعني النبلاء والأقوياء ذوي المكانة العالية وأصحاب الفكر العالي هم الذي قرروا وحكموا على أنفسهم وعلى أفعالهم أنها خيرة.