Omar Kassem’s Reviews > تغريدة البجعة > Status Update

البين بين هو أصعبُ ما يَنحدر إليه المرء..

عندما وصلت القاهرة وجلست بالساعات أتابع الفضائيات بقلق وخوف وضيق وغيظ، أدركت أن الرقابة العثمانية القديمة لا تزال جاثمةً على صدورنا حتى الآن، وأنّ رقباءها مازالوا يعيشون بيننا، وأنهم تعاملوا مع خبر العدوان الإسرائيلي على غزة بتعاملهم نفسه مع الثورة البلشفية عام 1917 بمنطق: "وقعت في روسيا خناقة بالأمس!"

تخليت مؤخرًا عن عمل توازنات بين الشر والخير، فكل ما أريده خيرًا ينقلب عليّ شرًا محضًا، أحس أن ملاك اليمين عندي عاطل عن العمل، أنا من انصار المدرسة القديمة في الدراما، ان يكون هناك جانب خيّر وجانب شرير، وأن يحدث بينهما صراع ينتصر احدهما على الآخر، وأعتقد ان الدنيا كلها بنيت على هذا الصراع، وأنه بلا وجود للشر لا وجود للدنيا من أساسها!

كانت بعض الابيات من قصيدة "لا تصالح" للشاعر امل دنقل، وقفت باهتمام واقتربت أكثر كي اقرأ، كنت أقرأ بيتًا بصوتٍ عالٍ وتكمل هي ما يليه:
لا تصالح
ولو توجوك بتاج الإمارة
كيف تنظر في يد من صافحوكَ
فلا تُبصر الدم في كل كفٍّ
إن سهمًا أتاني من الخلف
سوف يجيئك من ألف خَلف
فالدّم صار الآن وسامًا وشاره.

تغيرت انماط الحياة في مصر كثيرًا، هجرنا تقريبًا سماع التلاوة الجميلة الرائعة لعبد الباسط، ومحمد رفعت ومحمد صديق المنشاوي وغيرهم، وصار الناس يميلون بذوق عام تم إفساده الى أصواتٍ مفتعلة للحزيفي والسديس والثّميني وغيرهم، وبِتنا نستمع الى سَرسعاتٍ خليجية ونُهمل أم كلثوم وعبد الحليم ونجاة، وغَزت مطابخنا التبولة والكبّة والمقلوبة ولم يبقَ لنا الا أن نأكل الجراد والضب!

يا لكل هذا الغباء! هل ما زال أحدٌ يتصور أنّه متزن نفسيًا؟ إن وجِد فحله أن يُوضع في المصحة النفسية فورًا!

إلى البرق الدافئ
الذي صادفتُه وأسَرته بقلبي ولن أُفلته ابدًا..
رحمةً بي اهدأ واسْتكِن..