الحرب

لا شيء في هذا العالم ببشاعة الحرب. أن تربي طفلًا، أن تقع في الحب وتتزوج، أن تزين منزلك بأشياء تشبه غرابة أطوارك، وتضم جدران منزلك كل ذلك، ما تحب، وما يحبك، ثم تصل الحرب مشيًا على الأقدام،  من الشارع، والسماء، والبحر، بحرك، فتأخذ منك كل هذا، وتتركك في العراء، عراء قلبك، حبك، طفلك، إيمانك، مستقبلك، فتمشي عاريًا، حافيًا، خائفًا، من كوننا لا نعيش في نفس العالم، فنحن عالمين، الأول تحيطه الجدران، والمدافئ، رائحة الحساء الساخن، الخبز المحمص، وأكواب الشاي، فقاعات حمّام دافئ، وسرير كبير، يضم الحب، الأطفال، الأحلام، خطط الصباح، متع الليل، رائحة المتعة، ورأس متصل بجسد صاحبه، مقابل عالم تهتز خيمته عند كل شتاء، ويضيع هذا الشيء الكبير، العظيم، الذي يدعى حياة، لأطفال، لأشخاص، حملتهم أمهاتهم أشهرًا لا تطاق، وأنجبتهم بعد أن نزفت تحت مشرط الطبيب الحاد، وكبرو، ليلة وراء ليلة، لحظة لحظة، شعرة شعرة، ليصبحوا رجال، نساء، أحبابًا، حياة، أحلامًا، لعالم كانت تحيطه الجدران، ثم أصبح جسدًا بلا روح، بعضها فارق الحياة والتهمته عبثية الطبيعة، وآخر فارق الحياة حين قرر هذا العالم القبيح أن يسرق منه كل شيء، ويعطيه خيمة، الكثير من الدموع، الحزن، والبرد، وذكريات تخبره كل ليلة، عن الصورة التي كانت ستكون عليها طاولة العشاء، حين تجلس عائلة، بطفل، أب، وأم، دون أن تصل الحرب، وتطرق الباب، الباب الذي لن يغلق أبدًا.











 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on November 11, 2018 16:39
No comments have been added yet.