مذكّرات فتاة من بلاد العرب/ كوب من الشاي السّاخن، وسكّين العائلة
هل يحبّوننا حقّا؟ من يقتلوننا، بدم بارد، يمسحون السكيّن الذي سال عليه دمنا، بمنديل أبيض، يدعونه شرف. هل يحبّوننا حقّاً من نعيش بينهم، حين يكون حبّهم مشروطاً؟ هلّ يحبّوننا حقّاً من ينجبوننا كلّ يوم، فيقولون: لقد جاءت أنثى! هل يحبّوننا، يغارون علينا، يخافون علينا، أم يخافون على أنفسهم؟ من أغلى بنظرهم، حياتنا، حرّيتنا، وجودنا، كوننا ما نكون عليه، أم صورتهم أمام غيرهم؟كم ثمننا بنظرهم؟ ألف دينار، أم عشرة آلاف؟ وكم نحتاج من الحبّ؟ هل نحن إضافة على حياتهم أم عبء، من ينسلون السكّين ويضعونها على رقابنا، فيقولون: لقد كانت جريمة شرف، لقد كان شرفنا داخل جسدها، على جسدها، فوق جسدها، وتحت جسدها، لقد صنّا الشرف؟ هل نحن بأمان، إن كان في داخل كلّ من حولنا قاتل، سيخرج حين نخرج عن شوره، وسوف يستلّ سكّين المطبخ الذي لطالما صنعت به أمّهاتنا عشاء المائدة اللذيذ، وضحكنا حولها ملتفّين، بنات وأولاد، أب وأمّ، عم وخال، وصديق عائلة، وجار، ضحكنا وقلنا يوماً بأنّنا عائلة، وبأنّنا سعداء، وبأنّنا هنا لأجل بعضنا البعض، سمعنا كلّ ما يفعله الذكور من حولنا، فقال من حولنا بأنّ من حقّهم أن يخطئوا، يجرّبوا، يستمتعوا، لكنّ هذا السكّين، ذات السكّين، سكّين العائلة، سكّين أصحاب الحارة، والقرية، والمدينة، هو نفسه الذي وضع على رقبة فتاة كانت يوماً على تلك المائدة، تتناول الشاي بامتنان، وتضحك، فقط لأنّها، تناولت الشاي، وظنّت بأنّ دمها لن يسيل إن تناولت بعض قطع الحياة التي تمرّ في أحاديث كلّ من حولها، إلى جانبه. هل يحبّوننا؟ هل نحن بأمان؟

Published on January 30, 2018 05:13
No comments have been added yet.